مقالات سياسية

تفويض من لا يملك  لمن لا يستحق!.

حسن الجزولي

نقاط بعد البث

في خطابه الذي قدمه كرد فعل “مفهوم” على تصريح  عبد الله حمدوك رئيس الوزراء الذي أشهد السودانيين على وضع ما يتعلق بالاقتصاد السوداني حين إشارته إلى أنه لا يتجاوز الـ 18 % كمملوكة لوزارة المالية إنابة عن الجماهير في إطار ولاية الدولة للمال العام، بينما نسبة الـ 82%  “يجهل” مكانها، أدلى فوراً سيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان بأحاديث هاجم فيها الحكومة التي من المفترض أن يكون هو أول من يدافع عن آدائها، وكرر نفس ما سبق وأن صرح به الفريق أول شمس الدين الكباشي عضو المجلس السيادي ونائب رئيس وفد التفاوض بجوبا مع الحركات المسلحة. ثم دافع عن “شركات الجيش الاقتصادية” وأكد أنها مملوكة لأفراده من “ريع كدهم وعرقهم وشقاهم ” في حماية السعودية واليمن، ثم ” فجر” قنبلته التي تتعارض مع كل القواعد والأسس الديبلوماسية والبروتوكولية حينما وجه دعوة “للجماهير” بأن “تفوض سيادته”، ولم يفصح عن كنه هذا “التفويض” سوى أن المنطق والبداهة تشير إلى “إستلام السلطة عسكرياً” وإقصاء الحكومة القائمة، مما يعني إبطال “مفعول ثورة الشباب والكنداكات” التي مهروها بدماء شهدائهم البررة وبتضحيات جسام لأعداد السودانيين، الذين واجهوا القتل والسحل والفتك والاغراق في النيل والاغتصاب والاختفاء القسري. وبها أمكن إقصاء نظام الانقاذ والبشير بخلعهم وإلى أبد الآبدين عن تقرير مصير بلاد السودانيين.

وهكذا لبت ندائه مجموعات من “فلول وبقايا” هذا النظام، ووجدت في ندائه فرصتها لحلم العودة مجدداً إلى سدة الحكم لمواصلة (حماية مصالحها الاقتصادية) المنهوبة من الشعب، وليس أدل على ما نشير سوى ما تناقلته وسائل التواصل من تصريحات لاحدى ( أخوات نسيبة) التي قالت في فيديو مصور من داخل تلك التظاهرات القليلة  والمعزولة، بأنهم خرجوا من أجل معاش الناس ومن أجل حياة الناس ومن أجل الوطن، ومضت لا فض فوها قائلة:ـ  “وطنا ضاع وطنا انتهى بقى ما عندنا هيبة ما عندنا أخلاق ما عندنا دين ما عندنا  أي حاجة، أنحنا الليلة جايين عشان نفوض الجيش ده إنو يمسك الحكم  عشان الجيش ده يرجع كرامتنا، بقينا مهانين ومداسين في أي حتة في العالم أي حتة بنمشي ليها أنحنا في الحضيض، في الأسفل،  بلدنا بقينا ما قادرين نعيش فيها، بقينا نحمل جواز انحنا ما عندنا فيهو أي قيمة أو أي أهمية، يا جماعة كفاية، يا برهان لو عندك نخوة بتاعت أي عسكري أو رجل جيش أمسك لينا الحكم وطلع لينا الناس الماعندهم أي أخلاق ولا كرامة، ضيعوا لينا البلد ،، ضيعونا وضيعوا بلدنا)،  إذن هذا هو ملخص ما خرجت الفلول لأجله. وقد قيل ـ والله أعلم ـ أن المتحدثة هي زوجة “رجل مهم”  من رجال الانقاذ والذي تم التحقيق معه في اختلاسات وفساد مالي كبير تقدر قيمته بأكثر من مائة مليون دولار، من إحدى الشركات التي كان مديراً عاماً لها، وقد أطلق سراحه نتيجة خطأ قانوني واضح بالكفالة!.

قبل أن نطرح سؤالين أحدهما للسادة في مجلسي السيادة والوزراء والآخر لسيادة البرهان، نشير إلى أن خروج هؤلاء الفلول أسفر عن مواجهات بينهم وقطاعات لجان المقاومة في بعض المناطق، ووقعت إصابات بين الجانبين استدعت تحويلهم للمستشفيات، وحسناً فعلت قوات الأمن بأن فرقت مظاهرات الفلول بالقوة، طبقاً لمنطوق الأحكام المتعلقة بحماية الثورة من أي اعتداء “أياً كان”!.

عليه ،، سؤالنا الأول نوجهه للسادة في المجلسين السيادي والوزاري، هل يعد ذلك بمثابة وضع طبيعي، أن يتغول عضو أو رئيس سيادي على سلطات غير ممنوحة له بأن يطالب منفرداً “بتفويض” يؤدي علناً وبالمفتشر الواضح إلى الترتيب لانقلاب عسكري يقوض الأسس الدستورية الحالية بالبلاد ليؤدي ذلك إلى صدام في الشارع، نتيجة “فتنة” متكاملة تسئ للمؤسستين في نهاية الأمر؟! ،، مع التقدير.

أما سؤالنا الثاني لسيادة البرهان هو هل بالفعل أن ما عبرت عنه  إحدى “أخوات نسيبة” أعلاه ينسجم مع أسباب دعوتك لمنحك التفويض؟. ،، “شالوم”!.

حسن الجزولي
[email protected]
ـــــــــــــــ
* لجنة التفكيف تمثلني ومحاربة الكرونا واجب وطني.

حسن الجزولي

دكتور حسن الجزولى هو قاص و اديب و سياسى و عضو باللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني انتخب في الدورة الخامسة لمؤتمر الحزب الذي انعقد بالخرطوم و يكتب عامود راتب بجريدة الميدان الجريدة الناطقة باسم الحزب الشيوعي السوداني كما يكتب بعدة صحف سودانية أخرى.

تعليق واحد

  1. يا سيد حسن انت بتقول ( و لم يفصح عن كنه هذا التفويض ) .. طيب ياخي من وين جبنا التفاسير دي وهذا (الكُنه) و ليه نحنا مهتمين بقراية الغيب قدر كدا وتفسير النوايا و منو الدخل مّخ الزول ده و مشي جاب تفسير لكلامو ده ؟؟
    يا خي مثل هذا الكلام ما من صالح الثورة ولا الفترة الانتقاليه .
    البلد كلها تفسيرات و افتراضات ، الناس عايشه في (عالم افتراضي) ومعلقين فشلنا على الغير و على المؤمرات والاوهام – كما كان يفعل الكيزان من قبل – كل دول العالم مستهدفه ، امريكا الدولة الكبيرة والقوية والناجحه مستهدفه من الصين وروسيا و غيرها والعكس ولكن هذه الدول لم تتوقّف عن التقدّم ولم تجلس يوما على الارصفة تبكي و تُغلق مصانعها و تهمل انتاجها لمجرد انها مستهدفه !!
    يا هداكم الله .. لو ما اعترفنا بمشاكلنا وتصّدينا لها وعشنا واقعنا وخلينا المماحكات دي وصراعاتنا الايدلوجية البائسة هذه ..
    ما حنمشي لقدام قيد انملة .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..