مقالات سياسية

الهوية التلفزيونية ..!

?التلفاز جهاز يتيح لمن ليس لديهم شيء يفعلونه أن يشاهدوا من لا يستطيعون فعل شيء? .. فريد آلن ..!
التغطية الإعلامية المحليَّة والخليجية لأحداث حرب الخليج الأولى، كانت من منعطفات الهوية الفارقة في حياة جيلي من أبناء المغتربين .. بعد أن رأينا خطورة الإعلام المرئي ولمسنا شراسته كأداة حشد وتعبئة جماهيرية، مبهولة التأثير، باهرة النتائج ..!
وجودنا في منطقة الخليج العربي أيام اندلاع الحرب جعلنا نتشبع بالنسخة السعودية للتغطية الإعلامية لـ (الغزو العراقي للكويت وتداعياته) .. ثم جئنا مع أسرنا لقضاء العطلة السنوية ? هنا- في السودان .. فتشبعنا، ثانيةً، بنسخة سودانية للتغطية الإعلامية لـ (الاحتلال الأمريكي للكويت والسعودية) ..!
وقتها كانت للقنوات المحليَّة شنَّة ورنَّة وأدوار حصرية في التأثير على الرأي العام، قبل أن تتسلَّم ثورة القنوات الفضائية مقاليد السلطة الإعلاميَّة .. وتشارك بسخاء في تشكيل الوعي السياسي للمُشاهد .. ثم تهيمن بدلال على قائمة أولوياته في خيارات الريموت كنترول ..!
اليوم انحسر دور تلفزيون الدولة الرسمي في مضمار الهويَّة واقتصر على تقديم الصورة السياسية والاجتماعية والثقافية للبلد التي يحمل شعارها كما ينبغي لها أن تكون حيناً وكما تريد لها الحكومات أن تكون أحياناً ..!
ولكن تبقى أمزجة الحكومات، وذائقة الفئات الشعبية المهيمنة ثقافياً، العائق الأكبر في نجاح التلفزيون في تقديم صورة منصفة للهوية القومية .. ولئن كانت الهويَّة التلفزيوينة للبلد تعني تقديم بانوراما اجتماعية لكافة شعبه فإن ذلك يعني ? ببساطة – أن يعكس التلفزيون السوداني خصوصية وثراء الجغرافيا الثقافية والعرقية لمختلف قبائل ذلك الشعب فضلاً عن قبائل الوسط والشمال التي ظل التلفزيون السوداني يمثلها كثيراً وطويلاً ..!
لا يكفي أن يعكس إعلام الدولة المرئي جانباً هزيلاً من هذا الثراء .. لا يكفي أن يظهر كل هذا في لمحات باهتة مقحمة في صور درامية شحيحة .. كما وأنه لا يكفي أن يقتصر التنوع على نوعية البرامج وحدها .. بل أن يشمل المذيعين أيضاً ..!
بلى! .. المذيعون .. ما الذي يدفع القائمين على أمر قناة بعراقة الـ بي.بي.سي إلى الجمع بين الملامح شرق الآسيوية والعربية والعرب أفريقية والهندية والأوربية في باقة مذيعيها سوى الحرص على تقديم صورة واقعية صريحة تعكس التنوع العرقي والثقافي والاجتماعي في بريطانيا.. ؟!
لماذا كل ذلك التشبث المسكين بالهوية العربية في التمثيل الإعلامي المرئي في بلد عربي إفريقي على الرغم من تفرُّده الثقافي وخصوصيته الإثنية والجغرافية ؟! ..
السؤال ? من الآخر! – هل يُقدِّم تلفزيون السودان ? اليوم – بانوراما صادقة لتنوع جذور وثقافات وتراث شعوب هذا البلد ؟! .. قبل أن نطالب بتصحيح هويتنا التلفزيونية .. علينا أن نحسم ? أولاً – أمر هويتنا الثقافية ..!

اخر لحظة

تعليق واحد

  1. احيي الاستاذة منى ابوزيد لطرحها هذا الموضوع الهام وهو مسألة احتكار الاعلام في تلفزيونات السودان على فئة محددة من ابناء الشمال والوسط والغريب جدا برغم وضوح هذا الاحتكار الا انهم ينكرونه عندما يتحدث الناس عنه وهو واضح وضوح الشمس في ظهيرة النهار وقد اتضح لي ان الامر ممنهج ومخطط له لسببين اولهما ايهام المشاهد العربي ان السودان بلد عربي وانه ليس به زنوج مع ان العرب يعرفون من هم سكان السودان وهل هم عرب ام زنوج !!. ولكن مستعربي السودان يصرون على دفن رؤوسهم في الرمال ليدفنوا معهم وهم الهوية الافريقية للسودان والتي لن تنمحي بالاعيبهم واوهامهم . ثانيا يريدون ان يرسموا صورة نمطية للوجه الاعلامي التلفزيوني بحيث ان ظهور اعلاميين من مناطق اخرى من السودان اي من الغرب او الشرق او الجنوب يصبح غير محبب وغير جاذب . الغريب حتى الاعلانات تظهر ان الشخص الثري صاحب المال والعلم والجاه هو من الشمال او الوسط وبالتالي يظهرون الاشخاص الذين هم من مناطق اخرى بالفقراء واصحاب المهن الهامشية والمتسولين . انهاء اخطاء فادحة يا استاذة منى ولك الشكر على فتحها للنقاش .

  2. ليكي تحيه لانك شجاعه اكتر من الرجال.. لم يستطع احد حتي المعارضين من ابناء الشمال قول الحقيقه ف هذا الموضوع الجوهري في الازمه السودانيه.. لماذا لا يتم توظيف فتيات سمراوات الشباب سود ف جميع القنوات التلفزيونية رغم السودان غالبو اسمر نحن الدارفوريون نقول ذلك رغم اننا علي علم بانه سوف لن يحدث ابدا وان دوله الجلابه العميقه سوف تمنع ذلك ولو كلف تقسيم السودان اربا اربا

  3. ياستاذة منى خليهم يقدلو وينبسطو

    كلو واحد عارف محل ما جا منو… جدادا الخلا دايما موتور وبحاول يثبت نفسو

    وفي النهاية لا يصح الا الصحيح

    هنيئا بالفنجيط

  4. توقعت أن توثق الأستاذة لما يشير الي التمييز في اختيار المذيعين و المذيعات إن وجد. … هل رفض أو رفضت اي من اصحاب ذاك التنوع الذي تصبو اليه؟؟؟ هل تقدم منهم ورفض طلبه ؟
    عليها أن تشير الي وجود التنوع ليس في لون البشرة ولكن في تماذج تلك الثقافات و أن تحتل مناطق السودان مساحة واسعة في برمجة التلفزيون… أما حكاية هذا اسود و هذااكثر سوادا فلا تجدي فكلكم سود.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..