مقالات سياسية

الاعتصامات تتمدد

وائل محجوب

• الاعتصامات التي تتمدد في كل انحاء السودان هي أحدى موجات ثورة ديسمبر، خرجت من خبراتها وتجاربها المتراكمة وعقلها الجمعي، الذي يستلهم ويزاوج بين أدوات العمل السلمي، ويتخذ من اعتصام القيادة التاريخي نموذجا، لقيمة وقدرة التوحد الجماعي الجبار في تحقيق المطالب والحقوق.

• وهي قد تصاعدت نتاج للبطء والتردد الذي يسم أداء الحكومة الانتقالية وحاضنتها السياسية، في التعامل مع القضايا العاجلة في هذه المرحلة العصيبة، وما كان لها أن تحدث، إذا كان قد تم تفكيك جذور هيمنة بقايا النظام على مفاصل الحكم الولائي والمحلي، بدلا من تركهم يتحكمون في حياة الناس انتظارا لتحقيق السلام، وهذا قصور عن ادراك طبيعة نظام الحكم وهياكله وكيفية عمله.

• ما حدث من هجوم غادر على المعتصمين “بفتابرنو” بشمال دارفور، هو امتداد لسجل الجرائم ضد الانسانية، وهي جريمة نكراء اوقعت شهداء وجرحى، وتمت فيها اعمال نهب وحرق موجهة لممتلكات ومواشي المدنيين، وهي بصفتها هذه تدخل في نطاق الجرائم الموجهة ضد الدولة، فهذه الجريمة تستهدف النيل من شعارات الثورة ومطالبها وعلى رأسها السلام، واستهدفت مجموعة من مواطني البلاد أساس التفويض الشعبي، والحكومة الحالية هي نتاج ثورة قامت بالأساس ضد مثل هذه الممارسات الإجرامية، التي عانى منها أهل السودان عامة ودارفور بوجه الخصوص.

• هذه هي الحقيقة التي لا مهرب منها وقد وقعت في عهد الحكومة الانتقالية، كتذكير بخطأ وخلل ترك الاوضاع على ما هي عليه، وعدم اتخاذ الدولة لإجراءات لحماية الانتقال الهش، وتأمين مواطني دارفور من استمرار الانفلات الأمني والجرائم الموجهة ضد المواطنين والخروج على القانون.

• وقال رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك معلقا حول المجزرة “مع وقوع حوادث مثل حادث “فتابرنو وكتم” تصبح هناك حوجة ماسة وعاجلة لتحقيق السلام وإتباع النهج المؤسسي القائم على المساءلة في اطار سيادة حكم القانون”
ونقول إن هذه ليست حادثة وقعت بالصدفة، أو نتيجة خطأ غير مقصود، انما هي مجزرة شأنها شأن ما حدث في فض اعتصام القيادة العامة، وهي جزء من عقيدة استقرت في أذهان عدد كبير من منسوبي القوات الحكومية، وهي لا تحتاج بشكل عاجل سوى القبض على مرتكبيها.. من أمر ومن خطط ومن نفذ، وتقديمهم للمحاكمة هذا هو الاساس لمعالجة ما وقع وتطبيق أهم مبادئ سيادة حكم القانون، والاستجابة الحكومية لمطالب المعتصمين ليس في فتابرنو فحسب انما في كل انحاء السودان، وقبل كل ذلك تقييد كافة القوات النظامية والأمنية والشرطية بقواعد الضبط والربط وعدم التعرض للمدنيين، بتشديد الإجراءات وتفعيل المحاسبة لمن يخرقونها، ذلك هو الحل السياسي للأزمات التي قادت للاعتصامات.

وائل محجوب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..