ثلث الناس مفرطو الحساسية تجاه الضوضاء

يصنف العلماء الضوضاء كأحد أنواع التلوث ويطلقون عليه مصطلح التلوث السمعي. ويحتل هذا النوع من التلوث المرتبة الثانية في المدن، مباشرة بعد تلوث المياه. ويحدث التلوث الضوضائي أو السمعي، عادة، بسبب التزاحم والتقدم الصناعي، وهما خليط من أصوات ذات استمرارية غير مرغوب فيها.

العرب

برلين – يختلف البشر في درجة حساسيتهم للضوضاء، فمنهم شديد الحساسية ومنهم الأكثر مقاومة لتأثيرات الضوضاء، وبشكل عام يعتبر ثلث الناس في عداد مفرطي الحساسية تجاه الضوضاء ومنهم بشكل خاص الأطفال وكبار السن والأشخاص من ذوي الشخصية العصبية وعمال المناوبة الليلية.

وتقول الطبيبة الألمانية جيرليند شنايدر إن قدرة الناس على تحمل الضوضاء بلا عواقب صحية تتفاوت من شخص إلى آخر، وإن منها المفاجئة مثل الأصوات ذات الكثافة العالية التي تؤثر فترة قصيرة على الأذن ويمكن أن تضر بها كما تفعل طلقة رصاص.

وأضافت شنايدر -وهي كبيرة أطباء قسم الأنف والأذن والحنجرة بالمستشفى الجامعي بمدينة ينا شرق ألمانيا- أنه إضافة إلى هذه الضوضاء الكثيفة لفترة قصيرة هناك تلك التي يتعرض لها الشخص في مكان العمل لفترة طويلة ويمكن أن تصيبه بأضرار سمعية.

كما توجد ضوضاء في الوسط الذي يعيش فيه الإنسان كتلك التي تحدثها حركة المواصلات، والتي لا تؤدي حسب الطبيبة الألمانية إلى أضرار مباشرة على الأذن، ولكنها يمكن أن تكون من أسباب الإصابة بأمراض نفسية أو أمراض القلب والدورة الدموية.

وأوضحت الطبيبة الألمانية أن الخبراء يتحدثون عن ضوضاء حين تصل قوة الأصوات المحيطة بالإنسان إلى 80 ديسيبل، مثل تلك التي تحدثها المكنسة الكهربائية.

وأوصت شنايدر مَن يتعرض لضوضاء بدءا من 85 ديسيبل أن يحمي أذنيه منها، ولكنها أشارت إلى أن الإنسان لا يتضرر سمعيا إلا إذا تعرض لها فترات طويلة جدا. وردا على سؤال عما إذا كان لسماعات أجهزة المحمول والموسيقى التأثير السلبي الشائع عنها قالت الطبيبة ?ليست هناك دراسات مؤكَّدة تثبت هذا الضرر?.

كما أوضحت أن أجهزة المحمول و?إم بي 3? الحالية أخف ضررا بكثير من أجهزة ووكمان وأجهزة ديسكمان التي كانت قبل نحو عشر سنوات.

وأكد بحث بريطاني جديد أن الضوضاء الصادرة من حركة المرور تمثل خطرا كبيرا على صحة الإنسان، مشيرا إلى أنها قد تقلص سنوات عمره. وربط البحث التعرض لضوضاء حركة المرور لفترة طويلة بارتفاع نسبة الوفيات وزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.

ووجد باحثون من كلية لندن للصحة والطب الاستوائي أن الناس الذين تعرضوا بشكل منتظم إلى ضجيج حركة المرور نهارا تتخطى شدته 60 ديسيبل (وحدة قياس قوة الصوت) ترتفع لديهم فرص الوفاة بنسبة 4 بالمئة عن الناس الذين يعيشون في ضجيج تصل شدته إلى 55 ديسيبل، وأكدوا أن النسبة ترتفع إلى 9 بالمئة بالنسبة للمسنين.

وأشار بحث كلية لندن إلى أن جميع حالات الوفيات شهدت مشاكل في القلب أو الشرايين، وارتفاع ضغط الدم، وفي النوم والإجهاد، بسبب التعرض للضوضاء على المدى الطويل.

وقالت الدكتورة جانا هالونين قائدة فريق البحث إنه تم الربط بين ارتفاع ضغط الدم والتعرض لضجيج حركة المرور من قبل، مستدركة أن هذه هي أول دراسة تفحص ما إذا كان هناك رابط بين الضوضاء والإصابة بالسكتات الدماغية والوفاة.

وتعد وسائل النقل المختلفة من أهم مصادر التعرض للضوضاء ويقدر أن نصف سكان الاتحاد الأوروبي يتعرضون في مساكنهم للضوضاء لهذا السبب.

وتزداد الضوضاء المتولدة عن حركة السير عند الانطلاق من حالة التوقف عند الإشارات الضوئية مثلا وفي المنعطفات والمرتفعات. كما يجب ألا تغيب عن البال ظاهرة الصدى التي تتكون في الشوارع المحاطة بالبنايات العالية حيث تؤدي هذه الظاهرة الفيزيائية إلى مضاعفة مقدار التعرض للضوضاء وغالبا ما ينصح بالتشجير للتقليل من هذه الظاهرة من خلال ما يوفره من عزل مادي بين مضمار السير والمحلات السكنية.

وتعتبر هذه الدراسة هي الأكبر من نوعها حتى الآن، حيث أجريت في الفترة ما بين 2003 و2010 وشارك فيها نحو 8.6 مليون شخص، توفي 442560 شخصا بينهم.

وتجدر الإشارة إلى أن التعرض طويلا للضوضاء يؤثر على الخلايا الحسية والعصبية للأذن الداخلية، وينتج عن ذلك فقدان للسمع يتصف بأنه تدريجي ويصيب الأذنين معا، وهو فقدان دائم وغير قابل للشفاء حتى لو انقطع التعرض للضوضاء بعد الإصابة بهذا المرض. ويدخل هذا المرض ضمن قائمة الأمراض المهنية التي يتم على أساسها تقدير درجة العجز والتعويض.

وأجريت الكثير من البحوث والدراسات لمعرفة تأثير الضوضاء على الصحة النفسية للإنسان. وبينت أن نسبة تناول العقاقير النفسية بين المتعرضين للضوضاء هي أكثر من غير المتعرضين، وتميل أكثر هذه العقاقير إلى معالجة الكآبة والقلق. كما أشارت دراسات أخرى إلى وجود علاقة واضحة بين نسبة مراجعة العيادات النفسية والتعرض لضوضاء الطائرات في أماكن السكن القريبة من المطارات.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..