مقالات وآراء

عندما انتصرت ثورة الشعب السوداني

وأوقفت عن موانئنا البحرية حاويات المخدرات وحبوب الترامادول المسكوت عنها ، والدولارات القذرة وغسيل الأموال ، وبيع ورهن اراضي السودان وموانئه وقراراته السيادية و”الشحدة” المذلة والإرتهان والارتماء في احضان ملوك وأمراء دول الخليج ، التي كان يمارسها ويدمنها قادة وتجار وكهنة النظام السابق دون حياء، في محاولات يائسة منهم لإبقاء نظامهم بأي ثمن وتسكين وكبح جماح التفكك والتصدع والانهيار والفشل الاقتصادي والنفق المظلم الذي ادخلوا بلادنا فيه والذي كشف عن استغلالهم وإمتصاصهم المريع لموارد السودان خلال الثلاثون عاما المنتهية في ابريل 2018 وصرفهم السخي وبذخهم على انفسهم وعلى أجهزة حمايتهم وتبذيرهم بإسراف وسرقتهم لأموال بترول السودان قبل الانفصال واستثمار عائداته لنشاطاتهم الخاصة وفسادهم الذي ظهر في السطح وازكم الانوف مع انعدام وإهمال بل تدمير المشاريع الزراعية القومية وتوقف ماكينة الانتاج الصناعي المحلي الذي يغذي شرايين واوصال الدولة بالعملةالصعبة.
إنكشفت عورات سياسات خبرائهم وظهرت على السطح حقيقة ذلك التردي والمرض الاقتصادي المزمن الذي كانوا يخفونه تحت جرعات المسكنات والمضادات والضمادات عبر مصادر واعمال غير مشروعة لا ضير او مانع إن كانت من بيع مخدرات او ترامادول او خمور دون وازع ضمير وطني او ديني فهولاء في سبيل البقاء والخلود في الحكم لا يبالون عن فعل اي منكر الى ان جاءت الثورة واقتلعتهم ونزعت الحكم منهم ورفعت الغطاء فبانت حقيقة الدمار والوضع الإقتصادي الكارثي الذي تشهدون نزيفه وفصوله الآن والذي أكملوه وختموه بجريمة “الموت الرحيم” لإقتصادنا بسحب وإخفاء ارصدتهم وأموالهم وثرواتهم بعيدا عن تصرف مؤسسات الدولة المالية الجديدة بمساعدة شركائهم المتناثرون هنا وهناك الذين مازالوا متحصنين بالكاكي ويقفون حجر عثرة من تحقيق الثورة اهدافها وغاياتها .
فالذين يجافون ويبتعدون عن الحقيقة وعن الموضوعية ويتهمون حكومة حمدوك بالفشل ولا يجتهدون في الرجوع قليلا وتتبع اصل وجذور أزماتنا الاقتصادية التي تتصاعد شدتها ووطأتها كشبح فيروس كرونا الوبائي اللعين المخيف المتخفي الذي يجتاح كوكبنا ويكتم انفاسنا ويصرعنا ، ويفلحون فقط في زمن الحريات التي يتمددون في ظلها ويخلفون “رجل” على “رجل” في إلقاء اللوم والمسئولية على عاتق حكام ثورتنا الجدد الذين لم يجدوا في الوعاء غير فضلات اكلهم.
نقول لهم تريثوا وكونوا عقلاء ومنصفين هدئوا من روعكم وأقرأوا تفاصيل الماضي والحاضر ، خففوا من القذف كذبا على الشرفاء من ابناء الوطن الذين لبوا النداء وجاءوا من كل حدب وصوب لبناء وطن مدمر يجثو على ركبتيه عبثت به طائفة ماكرة من البشر وجماعات مارقة غريبة الاطوار لا تفهم من الاوطان الا كراسي السلطة والجاه والزعامة ولغة الارقام وجمع المال والثروات ولا تفهم من سحنة ووجوه المواطنين البسطاء الا اتباعا وعبيدا تسخرهم لمصالحها عند الحاجة .

علاج ازماتنا ليس بالامر السهل والهين يا هولاء ، فالثورات تتفجر وتشتعل وتدك كالسيل حصون الانظمة المستبدة وتسقطها وتجرفها لتأتي بالتغيير ونصوصه ولكنها لا تأت بالوجبات الجاهزة لإطعام الشعوب او برزمات البنكنوت ولا بالصكوك الموقعة على بياض بالعملة الصعبة لتضخها في المؤسسات المالية وفي شرايين الاقتصاد لكي يتعافى وبسرعة كما تعتقدون بسذاجة.

فالثورات وسيلة الشعوب للوصول لدفة السلطة ولغاياتها وطموحاتها بالتفاني والانخراض في العمل الدؤوب والانتاج الذي هو الحل.

ولكي تزرع لابد لك من ان تهئ الارض وتكد وتعمل وتجتهد وتفلح وتنظف وتحرث اولا ومن ثم تزرعها وتشرف علي ريها وتسهر على سقايتها الى ان تثمر ويحين موعد جني الحصاد حتى تاكل من خيرات ما زرعت .

جسد الاوطان المعلولة يا هؤلاء ليس كجسد الشعوب الآدمية يتعافي بعد التشخيص وتكملة الفحوصات والتحاليل البسيطة وبوصفة طبية وحقنة في الوريد او كبسولة بعد الاكل وبعد وقت وجيز يتماثل للشفاء.
لكي يتعافي وينهض وطن معزول مكبل مزقته الحروب يشتكي من ندوب واسقام مزمنة ونقص مناعة وتوتر وعدم استقرار لابد من تحريره اولا من العزلة والعقوبات ومن تلك القيود والمهددات في الداخل والخارج التي ومن دون شك خطوات يحسب لها حساب وتأخذ جهدا ووقتا ودبلوماسية وحنكة ولأن الخراب كان متعمدا والجرح غائر في الجسد فالتحدي لابد عظيم إن كنتم تفقهون.
ومن ثم الانكفاء الجماعي لإجراء التشخيص الدقيق لحالته وتصميم وتطبيق احدث تجارب الخطط الاقتصادية والبحث في البعيد عن أصدقاء جدد مخلصون و علاقات خارجية و مصادر تمويل حقيقي وآستثمارات تستغل وتعمل في ارضه لتشكل وتعالج بنيته وموارده وثرواته الطبيعية المدفونة جنبا الى جنب مع سواعد ابنائه وتراعي سيادته ومصلحة ورفاهية شعبه حتى يبدأ اول خطواته نحو النهوض والتعافي ومن بعد ذلك يحين لنا ان ان نتحدث بفصاحة وننتقد ونرمي باللوم على الآخرين.

نحن للأسف نحصد ثمن سكاتنا وتراخينا وصبرنا وهزيمتنا النفسية على مر ثلاثون عاما من اصناف الظلم والاضطهاد والاستغلال والاستبداد التي سامنا له النظام السابق ، كنا نراقبهم بخشية الى ان جف الزرع والضرع وأنهارت قوانا وسقطت آخر نقطة من الصبر الذي كنا نحمله وتلك هي الحقيقة المرة.

فلنصبر على واقعنا الجديد الذي اخترناه وسرنا في دربه ، ولننتظر خلف من قدمتهم الثورة في صفوفها الامامية حتى تكتمل مصفوفة الخطط وتمطر مواعين السماء وتثمر الارض وتخضر من جديد حقول القمح والذرة والقطن والخضروات واشجار الصمغ والفواكه في بلادنا ونحقق ما حلمنا به في السابق ان نكون “سلة غذاء العالم” حقيقة وليس مجازا لما لا ونحن نمتلك كل الامكانيات اللازمة والموارد الطبيعية والبشرية والثروات والارض البكر وهبة النيل والطقس الاستوائي والمعتدل والصحراوي وشبه الصحراوي .
لا خيار أمامنا غير ترك “الفرجة” والتقدم الجماعي والمشاركة في بناء الوطن ومن بعده الصبر والدعاء والتوسل لله ان يحقق اهداف ثورتنا ويحفظ ويحمي بلادنا ووحدتنا وتماسكنا وينجز جولات السلم والوحدة ليشيع الأمن ربوع بلادنا وتسود الطمأنينة في قلوبنا، فالرجوع للوراء خيانة ومحرقة وضياع للوطن.

برير القريش

تعليق واحد

  1. لافض فوك وقلمك الذى يترى بالحقىقه انه الفقر الدقع الذى خلفه النظام زويريد منسوبيه وان يحاسبوننا على اخطكئهم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..