أخبار السودان

قصة مدان يشغل منصبا مرموقا بوزارة الصحة

 الرجل المقرب من مأمون حميدة، لا يزال يشغل المنصب الرفيع

مدير المؤسسات العلاجية الخاصة لا يزال في موقعه، رغم إدانته بحكم قضائي قبل شهر ونيف؛ القضية الشهيرة التي هزت ضمير الأطباء حاول البعض العبث بها، ولكن… المدان تسبب في فصل أطباء نفذوا إضرابا مفتوحا عن العمل واستحقوا لقب (جيش الثورة الأبيض).

الخرطوم: على الدالي

تفاجأ الجميع – ربما – بالمسؤول الرفيع بصحة ولاية الخرطوم حيث يشغل الرجل منصب مدير المؤسسات العلاجية الخاصة وقد كان مقربا جدا من وزير صحة النظام البائد مأمون حميدة؛ ذلكم المسؤول المعروف بفوراوي، يعرفه الأطباء عن قرب مثلما يعرفون حميدة، فالرجل كان ظلَّ الوزير الرئاسي ويده الباطشة والمنكلة بكل من خالف وزير تجفيف مستشفى الخرطوم الرأي أو وقف يدافع عن حقوق المرضى من دافعي الضرائب الذين أذلهم حميدة ونظامه البائد. ففوراي الذي قدم خدمات جليلة لذلك الرجل بتسببه في فصل وإيقاف عدد من الأطباء الداعمين للثورة الذين لبوا نداء الوطن ودخلوا في إضراب مفتوح عن العمل استحقوا بسببه لقب (جيش الثورة الأبيض) لا يزال يعمل في موقعه ويدافع عن مؤسسات صاحبه الذي خلف القضبان، وكان آخرها دفاعه عن مستشفى دار العلاج وتسجيله تصريحا ناريا أرغى وأزبد فيه حتى ظن الناس أنه صاحب ذلك الصرح.  قضية شهيرة

لو يذكر الناس القضية المشهورة التي عرفت بقضية المؤسسات العلاجية وما صاحبها من زخم، كيف تعاملت الجهات المختصة معها؛ حيث تم الفصل في الاستئناف الذي قدم بشأنها في (يوم واحد مما تعدون) وذلك بعد الحكم على المدانين المحببين لوزيرهما السابق – مأمون حميدة – وهما محمد عباس أحمد الشهير بفوراوي، وزميله صلاح عمر، حيث يشغل الأول مدير إدارة ما يعرف بالمؤسسات العلاجية الخاصة بوزارة الصحة ولاية الخرطوم، والثاني مدير قسم المستشفيات بتلك الإدارة التي أنشأها ذاك الوزير المستثمر الأكبر في الحقل الطبي واستخدمها أداةً لمحاربة المستشفيات الناجحة والمنافسة لمستشفياته، وكذلك لتصفية الحسابات مع خصومه من الأطباء بدلا من أن يجدوه رسول رحمة بهم. فلاش باك

وتعود تفاصيل تلك القضية والتي بدأت حيثياتها من حوالي أكثر من سنتين، إلى قيام المدانين المذكورين وبحكم صلاحيات منصبيهما باستصدار قرار باسم تلك المؤسسة سيئة الذكر بإغلاق العيادة الخاصة بالدكتور عبدالعظيم حسين خلف الله، اسشتاري جراحة الكلى والمسالك البولية وإيقافه عن العمل في جميع المؤسسات العلاجية الخاصة. وقاما بنشر وتوزيع ذاك القرار على حوالي 82 مستشفى حتى تلك التي لا علاقة لها بتخصص الشاكي، حيث تحدث ذلك القرار عن ضبط مستهلكات معملية منتهية الصلاحية بالمعمل الملحق بعيادة الدكتور وأنها تشكل خطرا على حياة المرضى المترددين على العيادة. الأمر الذي عدَّه دكتور عبد العظيم تشهيرا وإشانةً لسمعته وتقدم على إثر ذلك بشكوى لدى النيابة وبعد اكتمال التحريات والإحالة؛ للمحكمة كان القرار المثير للجدل بإدانة المتهمين والحكم عليهما بالسجن لمدة عامين ونصف مع تعويض الشاكي مبلغ مليون جنيه أي (مليار بالقديم).

الرئيس المخلوع والوزير المسجون

وتابع الرأي العام والأطباء على وجه الخصوص ما صاحب القضية بعد ذلك حيث نقل فوراوي – بعد أن ادعى أنه مريض – إلى مستشفى خمسة نجوم (رويال كير) بدلا عن السجن؛ في مخالفة صريحة للوائح السجون والتي تعطي الحق في العلاج – على فرضية المرض -بمستشفى الشرطة، ولكن اختلف الوضع عندما كان المدان محببا للوزير المسجون وإن الأخير كان محببا للرئيس المخلوع.

استئناف إكسبريس

كل ذلك دفع أصحاب الأقلام الجريئة والتي لا ترتجف بصفتهم أصحاب السلطة الرابعة؛ دفعهم للوقوف مع الحق وتناول الأمر إعلاميا ومنهم على  سبيل المثال لا الحصر الأستاذ عبد الباقي بجريدة (الوطن) والأستاذ الفاتح جبرة، في عموده المقروء تحت عنوان (استئناف أبو يوم)، حيث أفرد له كسرة ثابتة توقف عنها لأسباب موضوعية بعد أن صار المخاطب بين يدي عزيز مقتدر ونسأل الله أن يتجاوز عنه، وكذلك الدكتور مزمل أبوالقاسم، الذي أطلق على ذلك الاستئناف (استئناف إكسبريس) وغيرهم من الإعلاميين الذين تناولوا الأمر بقول الحق ومحاربة الظلم.

حكم حسب الطلب

بعد ذلك توالت الفصول وتابعنا تغيير الدوائر في المحكمة العليا بحثا عن إيجاد دائرة لتفصل لهم حكما حسب الطلب. وبعد أكثر من سنة من تاريخ صدور قرار الاستئناف أبو يوم، صدر حكم من المحكمة العليا بتأييد الاستئناف الإكسبريس، ولكن برأي مخالف حيث مهد ذلك الرأي الطريق نحو دائرة المراجعة (آخر درجة في سلم التقاضي) والتي أصدرت حكمها من حوالي شهر ونيف ومن خلال مطالعة حيثياته بجريدة (الوطن) بتاريخ 28/8/2019 رأينا كيف كانت الإدانة (زلالة وملامة تشبه البراءة) حيث تمت الإدانة تحت المادة 159/89/21 من القانون، وهذا الحكم قد يبدو سليما في حيثياته (بشكل عام) إذ يحمد له أنه لامس جوهر الموضوع ولب النزاع، ولكن يبدو أنه لم يسلم من تلك الأيدي التي ظلت تعبث به منذ مراحل التقاضي الأولى حيث كان رحيما جدا في العقوبة لدرجة يمكن القول معها إن المدانين قد جنيا ثمار جريمتهما فقد شهرا بالشاكي أيما تشهير واستغلا سلطتهما أسوأ استغلال وأفلتا من العقاب، ما يجعل ذلك تشجيعا لغيرهما لاقتراف أي جرم، الأمر الذي يجافي قصد المشرع من العقوبة عند تقريرها، إذ يجب أن تكون رادعة للمدان وزاجرة لغيره، ولا أدل على ذلك من تلك الرحمة واللطف واللين والمحاباة التي وجدها المدانان فلم يعاقبا إطلاقا، وحتى تعويض الشاكي الذي غلت فيه المحكمة يدها لم تعطه إياه مباشرة إذ حكمت عليهما بغرامة مالية عشرة آلاف جنيه لكل منهما وفي حالة تحصيلها تدفع للشاكي (كتعويض) وفي حالة عدم دفعها السجن لمدة شهر فهذا يعني أن المدانين لو اختارا العقوبة البديلة(السجن) فيكونان قد أسقطا حق الشاكي في التعويض وهو السيناريو الأقرب ليقين المدانين أنهما لن يدخلا السجن أصلا وربما ينقلان إلى مستشفى خمسة نجوم (رويال كير مثلا) اهتداء بالسيناريو السابق، وهكذا تهدر الحقوق في بلادي المكلومة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..