مقالات سياسية

بعد (٥٤) عام من السيادة المطلقة : هل نوي حزب الأمة اطاحة الصادق؟!!

بكري الصائغ

١-
في خبر لتصريح معاد ومكرر مئات المرات ولم يعد يلفت الاهتمام ، نشرت صحيفة “الصيحة” اليوم الثلاثاء ١٥/ سبتمبر الحالي، تصريح ادلي بها عضو المكتب السياسي لحزب الأمة القومي ندى جوتار ، أن المؤتمر العام “الثامن” القادم الذي يُعدُ له الحزب الآن سيحدد من يرأس الحزب بعد الإمام الصادق المهدي الذي حزم أمره تماماً لترك الرئاسة، واكدت ندي إن الإعداد للمؤتمر يجري على قدم وساق، وبدأ تكوين مؤتمراته القاعدية، بجانب تكوين لجنة عليا له، وأضافت بأن الإمام لم يفرض نفسه على الحزب وإنما جاء رئيساً عبر مؤتمر عام، والمؤتمر العام هو من يحدد خليفته، واعتبرت ندي أن الإمام قدم ما يستطيع للحزب، ويرى ضرورة إفساح المجال لغيره، وأكدت أن الحزب زاخر بالقيادات والكوادر ولن يكون اختيار خليفته معضلة الكبيرة، وقالت إن أي قيادي بالحزب مؤهل تماماً لرئاسته، ونفت ما يروج عن سعي الإمام لتوريث الحزب، وقالت إنها رغبات وأماني بعض من يقولون بذلك، وأكدت أن ساحة الحزب خالية تماماً من مثل هذه الأفكار، وتابعت “إن من يقول بأن الحزب حزب رجل واحد فهو خاطئ وكلامه غير صحيح”. وشدت على أن حق الترشيح للرئاسة مكفول لكل أعضاء الحزب بمن فيهم آل بيت الإمام.

٢-
اول مرة قرأنا بمثل هذا التصريح الصادر عن حزب الأمة عن رغبة الصادق في التنحي عن رئاسة الحزب، كان قد نشر في الصحف المحلية عام ٢٠٠٨، وتوالت بعدها التصريحات الرسمية من الحزب واحدة وراء الاخري ، وطال (١٢) عام ما توقفت التصريحات ولا تنحي الديكتاتور العجوز!!، بل ان  الصادق بنفسه سبق ان ادلي بتصريحات كثيرة تناول فيها موضوع التنحي، كان اخر تصريح له في يوم السبت ٢٥ يناير٢٠٢٠، وقال في خطاب جماهيري حاشد لأنصاره في أم درمان “نعم سوف اتخلى ان شاء الله عن العمل الحزبي والتنفيذي، ولكن سوف أواصل العمل العام الوطني والإسلامي والعربي والأفريقي والدولي الفكري والعملي من الركاب إلى التراب”. “.

٣-
قامت صحيفة “اندبنت عربية” بنشر تعليق علي تصريح الصادق المهدي في يوم ٢٥/ يناير الحالي، الذي اعلن فيه التخلي عن العمل الحزبي والتفيذي، جاء فيه:
(واجه إعلان المهدي الذي جاء في خطاب جماهيري حاشد لأنصاره في أم درمان يوم السبت 25 يناير (كانون الثاني)، حملة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة أنها ليست المرة الأولى التي يعلن فيها قراراً مماثلاً بالإضافة إلى مواقفه السلبية من الثورة السودانية. وفيما يرى البعض أن حزب الأمة سيقع في ورطة تجعل استمرار المهدي أفضل من تنحيه لأنه في النهاية سيأتي أحد أبنائه خلفاً له، الأمر الذي يرفضه الكثيرون خاصة بعد ثورة ديسمبر (كانون الأول) التي جاءت لمحاربة التوريث السياسي، يعتقد أخرون أن المسألة لا تعدو من كونها مسرحية أو جس نبض ومناورة سياسية ليطالب أنصاره بعدم تنحيه كي يظهر أنه مرغم على الترشح للانتخابات البرلمانية بعد انتهاء الفترة الانتقالية الحالية المحددة بـ 39 شهراً.).

٤-
ونشرت صحيفة “اندبنت عربية” ايضآ تعليق اخر جاء فيه:
(… وتشير أطراف ثالثة بأن من يطوف على قواعده في أقاليم السودان المختلفة وهو في عمر 85 عاماً في حملة يطالب فيها بإجراء انتخابات مبكرة لن يتنحى عن رئاسة حزب بل سيكون هدفه رئاسة الحكومة، خاصة وأنه سبق أن أعلن هذا القرار في نفس المكان (حوش الخليفة في أم درمان) في عهد نظام الرئيس البشير، وبالتالي فالموضوع نفسي بالنسبة للمهدي الذي ظل ينادي بشعارات الحداثة والديمقراطية ويطبق في نفس الوقت تقاليد التنظيم التقليدي في معقله الجزيرة أبا.).

٥-
والاغرب من كل هذا، ان الصادق المهدي كان قد ادلي بتصريح في يوم ١٦/ يناير ٢٠٢٠، نشر تصريحه في اغلب الصحف المحلية، تحت عنوان (الصادق المهدي: “ أنا محبوب”، ولن أترشح لرئاسة الجمهورية.).، وقال فيه:
(…أسير في اتجاه التخلي عن أي مسؤولية حزبية، الحمد لله أنا محبوب من الناس وموجود في قلوبهم وعقولهم. تم مدحي في السودان وخارجه بقصائد، ولا أريد مناصب جديدة. وأقول لمن يخشى ترشحي لرئاسة الجمهورية أن يطمئن ويرتاح ”.).!!

٦-
بعد التصريح الاول والثاني للصادق المهدي في شهر يناير الماضي ٢٠٢٠، ظلت الجماهير يا مولانا تنتظر بفارغ الصبر لحظة التنحي، اللحظة المهيبة وانت تودع حكم الحزب الذي مكثت فيه طوال (٥٤) عام بلا توقف ، انتظرنا- ومازلنا ننتظر- لحظة تسليم الراية للجيل الجديد في حزب الأمة القومي، انتظار تنفيذ ما وعدت بها في تصريحك الخطير “انك تسير في اتجاه التخلي عن أي مسؤولية حزبية، ولكن – ياللهول- فوجئنا وصدمنا ان المؤتمر الحزبي الموسع الذي عقد بدار حزب الأمة القومي في شهر يناير ٢٠٢٠ لم يتطرق لا من بعيد او قريب لموضوع التنحي!!، لقد كان هناك اجماع من المؤتمرين علي السكوت!!، كان سكوت مبهم ملئ بالغموض!!، وما نطق احد من المجتمعين من قادة الحزب وقتها اثناء الاجتماع علي الموضوع الهام “من يخلف الصادق !!”؟!!.).

٧-
منذ زمن طويل وحتي اللحظة مازلت الجماهيرعلي اقتناع قوي وراسخ ، ان ما جاء في تصريحات  الصادق حول اعتزال السياسة وتخليه عن أي مسؤولية حزبية ، هي اعادة  تكرار ممل لاسطوانة مشروخة عن الاعتزال والتنحي ، هي تصريحات سمعناها مئات المرات وحفظناها عن ظهر قلب، وكانت واحدة من هذه التصريحات عن رغبته في التنحي ادلي بها في يوم ٢٨/ ابريل عام ٢٠١٩-   اي بعد (١٦) يوم من انتهاء حقبة البشير في ابريل الماضي ٢٠١٩ -، حيث اكد عن الصادق عن عزمه اعتزال السياسية ، والتفرغ لمهام أخرى، وقال وقتها:«أعمل على كتابة دستور ديمقراطي للسودان، وخلق مؤسسية كاملة الدسم في حزب الأمة وهيئة شؤون الأنصار، وبعدها سأترك غيري ليتولى الأمر، وأتفرغ لمهام أخرى».

٨-
(أ)-
قمة الماسأة تكمن في انه وبينما الجميع في انتظار قرار التنحي ، فاجئنا الصادق المهدي في يوم الخميس ٢٧/ فبراير الماضي ٢٠٢٠، بمقال طويل نشر في موقع “الراكوبة نيوز”، وجاء تحت عنوان كبير:(الصادق المهدي :هذا أو الطوفان)، وكان كل ما جاء في موضوع المقال عن الغزو الأمريكي لأفغانستان والعراق !!، وعن “داعش” التي ارتكبت خطأ تكوين دولة أطيح بها!!، وايضآ عن الطائرات بدون طيار، والصواريخ !!؛ الوسائل الحربية القاتلة بالإضافة لسلاح الاستقتال المدمر!!  وانه لابد من إبرام ميثاق تعايش سني شيعي يقضي على تراشق روافض ونواصب ويقر تعايشاً سلمياً أخوياً!!، وإجراء مصالحات بين الحكام والشعوب تحقق مشاركة سياسية في المصير الوطني!!
(ب)-
عندها ايقن الناس، ان الصادق المهدي دخل مرحلة الخرف، ويعيش زمن الزهايمير!!

٩-
بالعودة الي تصريح عضو المكتب السياسي لحزب الأمة القومي ندى جوتار، الذي اعلنت فيه، أن   القادم الذي يُعدُ له الحزب الآن سيحدد من يرأس الحزب بعد الإمام الصادق المهدي، اسال: متي سينعقد المؤتمر العام “الثامن”، الذي سبق ان تم الاعلان في مرات كثيرة؟!!، ولماذا تكرر تاجيله بدون توضيح اسباب؟!!

١٠ –
لندى جوتار اقول عن خبرة ودراية بالصادق المهدي، انه لن يتنحي، ولن يستقيل، ولن يترك زعامة الحزب، ولن يتخلي عن كرسي الرئاسة، ولن يسلم الحكم لمن هو اولي بالرئاسة، وسيبقي رغم انف الجميع رئيسآ مدي الحياة ، شاء ام ابي من اهله او من اعضاء الحزب.

١١-
اقول لندي جوتار، ارجو ان تعفينا من تصريحاتكم عن تنحي الصادق، قد مللناها وسئمنا سماعها!!
١٢-
مرفقات لها علاقة بالمقال:
(أ)-
كشف عن اعتزامه اعتزال السياسة ..تصريحات جديدة هامة للقيادي الصادق المهدي حول محاكمة البشير والجيش ومشاركة الوطني والدعم السريع والعلمانية والاموال المنهوبة والديون.
-(2019-04-28)ـ
(ب)-
الصادق المهدي: “سأتنحى عن رئاسة الحزب ولن أعتزل السياسة” -(19.07.2017)-
(ج)ـ
الصادق المهدي “عن اعتزال السياسة” :”هذا حديث أماني النظام، أنا لا أقول أعتزل السياسة”-
-(06- 12-2017)-
(د)-
الصادق المهدي : “نعم سأترك العمل السياسي..إذا فرضنا إني الآن رئيس الجمهوية سأعالج مسألة الدين والدولة”.-(٢٠ يوليو ٢٠١٤20)-
(هـ)-
الصادق المهدي يعتزل العمل الحزبي والتنفيذي ويقدم (10) تذاكر للعبور- ( يناير 26, 2020)-  ´
(و)-
الصادق المهدي.. العرّاب يُعلِن الزهد ـ (8 يوليو، 2019) –
(ز)-
«الصادق المهدي»..هل يمتلك المصل المضاد للشيخوخة السياسية؟!! -(17-2-2014م) –
(ح)-
الصادق المهدي ينوي إعتزال السياسة والتفرغ للثقافة -(17.10.2017)-
(ط)-
وأخيراً…الصادق المهدي يقرر(إعتزال) العمل السياسي في 26 الجاري -(01-17-2011)-
(ي)-
المهدي يعلن اعتزامه التنحي عن العمل الحزبي دون تحديد موعد – (25 يناير 2020 )-
(ك)-
اعتزال المهدي.. جرأة سياسية أم فرقعة إعلامية؟!! –

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..