إنعكاسات المشهد الأمريكي علي السودان

لا شك أننا جميعا نتابع مجريات الأحداث في الولايات المتحدة الأمريكية، ونهتم لكل تفاصيل الوضع في العالم خاصة إذا تعلق الأمر بالنظر الي إنعكاس متغيرات العالم علي السودان وقضاياه المختلفة.
ولما كانت الإنتخابات الأمريكية ذات وضع خاص في كل أنهاء الكرة الأرضية، كان لا بد من الوقوف عندها ما قرره الشعب الأمريكي بشأن (من يحكم امريكا) بعد مغادرة إدارة الرئيس المنتهية ولايته باراك اوباما.
وبالطبع كانت خيارات الأمركان محل إحترام وتقدير، كونها خيارات حرة ونزيهة أتت عبر صناديق الإقتراع تحت مسامع وأعين الجميع.
ورغم السجال الساخن الذي يدور الآن في الشارع الأمريكي وحول العالم بخصوص فوز مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب علي نظيرته الديمقراطية هيلاري كلنتون والذي نشبت مظاهرات متفرقة بموجبه، نسبة لعدم إلمام ترامب بشؤن السياسة وتصريحاته الواضحة والصريحة في حملته الإنتخابية، لكن يظل ترامب هو الخيار الذي سيقود الولايات المتحدة الأمريكية والعالم في المرحلة القادمة.
وبالتأكيد وجود ترامب علي سدة الحكم له تأثيراته علي القضية السودانية، وهذا ما يحملنا للكتابة عن إنتخابات امريكا، ترامب تحدث بكل شفافية عن حل قضية الحرب في السودان والعمل مع المنظمات الدولية والأقليمية لتحقيق العدالة في مظالم الشعوب التي تتعرض للإبادة الجماعية، ولمح بضرورة تسليم قادة الحرب الي المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمتهم علي جرائمهم بحق البشرية، ومن ضمنهم قادة دول إفريقية تهرب بعضهم من المسائلة القانونية، ورفض بعضهم الإعتراف بالقانون الدولي، وبل حاول البعض تشويش وتشويه صورة المحكمة الجنائية ووصفها (بالغول) الذي يطارد رؤسا دول معينة في إفريقيا بمفهوم (ضربني وبكى … سبقني واشتكى)، لكنهم الآن يعيدون ترتيب اوراقهم التي تتبعثر أمام أعينهم ولا يجدون الي الإفلات من ترامب وفاتو بنسودة سبيلا.
لا يهمنا كثيرا توجهات ترامب نحو الدول الآخرى، بقدر ما يهمنا النظر لمستقبل السودان في ظل المتغيرات الدولية الجارية.
لا نعلق علي خيارات الأمركان في شؤن بلادهم وكيفية إختيار رئيسهم الجديد، بل نتابع ونعلق علي ما يترتب عليه فوز خيار الأمركان علي بلادنا، وننظر للأمر من ناحيتين (المصالح والأضرار) التي تنتظرنا في مستقبل الأيام بوصول الجمهوريين الي حكم الولايات الأمريكية المتحدة.
حتي الآن لا (نخمن او نتكهن) بما قد يأتي في المستقبل القريب، لكنا نؤمن علي موقفنا السابق والمتجدد ومطالبتنا المتواصلة بتنفيذ العدالة القانونية في الرئيس الإنقاذي عمر البشير ومن هم معه من تحارة حرب الإبادة الجماعية التي إستخدم فيها النظام اخطر أنواع الأسلحة المحرمة دوليا، ومنها الأسلحة الكيميائية والقنابل العنقودية، فضلا عن إسقاط البراميل المتفجرة من طائرات الأنتينوف علي رؤس الفقراء والمهمشين في مناطق النزاعات المسلحة، وضيف علي ذلك إنتهاكات حقوق الإنسان السوداني في حرياته الخاصة والعامة، وحقوق مأكله وملبسه ومشربه ومسكنه، وعقائده المتنوعة التي البسها النظام لباس السياسات الخبيثة لتدميرها سياسيا، وتدمير المجتمع بها وبالسياسة ايضا.
كل هذه الكوارث الإنسانية التي نعيشها لها حضور في المحافل الدولية وتترجم في مجمل السياسات الخارجية لنا كسودانيين وللولايات المتحدة الأمريكية كدولة عظمى محاربة لكل انواع الإستبداد والإرهاب، ويندرج نظام المؤتمر الوطني (الإسلاموعسكري) تحت المنظومات الداعمة والراعية للإرهاب، وتهدد سلم وأمن المجتمعات البشرية في إفريقيا والشرق الأوسط، وهذا يتطلب تنسيق بين السودانيين والإدارة الأمريكية لمحاربة التطرف والإرهاب، وبناء دولة ديمقراطية ومجتمع إنساني تعاوني.
فالسعي وراء السلام والعدالة الإجتماعية وتطبيق القانون الدولي لصون وحماية حقوق الإنسان في كل دول العالم، مسؤلية كبرى تقع علي الحكومات التي تؤمن بقيم الديمقراطية والسلام العادل، ومن الواجب علي الجميع بناء الثقة والتعاون مع تلك الحكومات لإحداث التغيير الشامل الذي لا يرجع البشرية الي (نقطة الصفر)، حيث مصارعة الطغاة من أجل حلم الحرية والحياة الكريمة.
يجب علينا التعامل مع الواقع الجديد كما هو، ونواصل في تنوير العالم بكل ما يحدث من خراب وتدمير في الدولة السودانية تحت حكم نظام المؤتمر الوطني (الإسلاموعروبي)، مع وضع إستراتيجية محكمة لتحقيق العدالة وإسترجاع حقوق الشعوب المقهورة.
من هنا تأتي اهمية إنتخابات الولايات المتحدة الأمريكية ومستجداتها السياسية والإقتصادية والعسكرية، وامريكا دولة لها نفوذ عالمي واسع، ما سيمكنها من لعب ادوار مختلفة في مسألة السودان والدول المحيطة به بشتى التقديرات والتوقعات إذا إحتكمنا للواقع والمنطق.
لذلك سنكون في انتظار ما ستكشفه الأيام القادمة، وما ستتخذه الإدارة الأمريكية من قرارات وحلول حيال المعادلة السياسية والإنسانية في السودان بقيادة الرئيس ترامب.
وعلي النظام السوداني الإستعداد لمرحلة تسليم السلطة الي الشعب السوداني في كل الأحوال، فهو نظام بات لا يصلح للبقاء في إدارة بلادنا، لأنه فشل في كل المحاور الداخلية والخارجية، ولا وجود له في المنابر الإقليمية والدولية، واصبح محاصر من كل الإتجاهات، مرفوض دوليا ومنبوذ داخليا، وعلينا تصعيد حملات الإحتجاج علي سياسات الحكومة الفاشية الفاشلة والعمل بجهد عالي علي إسقاطها، وهنا نحي الحملة التضامنية التي اطلقتها قيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان يوم أمس، مصحوبة ببيان سابق يدعوا لتضامن الرفاق والسودانيين مع المعتقلين السياسيين من حزب المؤتمر السوداني وحزب الأمة القومي والحزب الشيوعي السوداني وكل من يقف خلف جدران سجون المؤتمر الوطني الإنقاذوي.
كما نرفع قبعة التحية للشعب السوداني بمختلف قطاعاته في نضاله المستمر وتصديه للظلم والإستبداد.
مثل هذا الحراك سيجعل الحكومة تنهار أكثر فأكثر وسيؤجل برحيلها الي غياهب التاريخ.
وكي تمضي الشعوب الي الأمام، عليها أن تزيد سرعة الكفاح.
ولا يجب علي شعبنا إنتظار قطارات المجتمع الدولي رغم ضرورة ركوبها، لكن علينا بتقرير مصائرنا بأيدي أبناء بلادنا.
علينا أن نوحد قوى التغيير والتحرر في حلف وطني ديمقراطي وننطلق نحو هدفنا المشترك.
علينا أن نعمل بكل الوسائل المتاحة من أجل التخلص من هذا النظام الدكتاتوري ونبني دولة ديمقراطية يستحقها شعبنا الأبي.
علينا أن نفكر في بلادنا ومستقبل الأجيال القادمة، وهذا يتطلب تضحيات الجميع.
السودان هو محور قضيتنا وهو مستقبلنا وعلينا أن نحافظ عليه بعيدا عن هؤلاء الحكام الظالمين الذين افسدوا حياتنا.
نؤمن بأن شعبنا قادر علي قيادة التغيير، ونثق بأنه قادر علي بناء وطن ديمقراطي سعيد.

سعد محمد عبدالله

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..