وعي الجمهور وتطور الفن

قراءة تانية

وعي الجمهور وتطور الفن

السر قدور

كان أستاذنا الفنان الراحل أحمد عاطف عبقريا في وضع العناوين لمسرحياته ومنها مسرحية « أيادي في الظلام « التي تم عرضها بدار المركز العام لحزب الأمة بأم درمان عام 1955 وكان المركز العام ونادي الخريجين يتنافسان على تقديم الفرق المسرحية في فترات متقاربة كان ذلك قبل إعلان الاستقلال وظل بعده لفترة قصيرة .
وصادف اليوم المحدد لعرض المسرحية مع مباراة بين الهلال والموردة بدار الرياضة بأم درمان .. ومع نهاية المباراة رأينا ونحن نقف أمام دار حزب الأمة عودة الآلاف وقد ازدحم بهم شارع الموردة فاستبشرنا خيرا .
ولكن لم يتحقق ما توقعناه فعدد الحضور للعرض المسرحي كان أقل من خمسين شخصا وقدمنا المسرحية بعد أن فتحنا الباب لدخول الجمهور بالمجان .. وبعد العرض جلسنا في مكتب أستاذنا عميد المسرح خالد عبد الرحمن أبو الروس وكان يتولى منصب مدير دار حزب الأمة وقال لنا إن الناس يذهبون بالآلاف لمشاهدة مباريات كرة القدم لأنهم يعرفون قواعد اللعبة مما يحقق لهم المتعة ولكن القليل من الجمهور من يعرف قواعد العمل المسرحي .. وفي تلك الأمسية اتفقنا على أن نتجه الى الصحافة والكتابة عن الفنون المختلفة وظهرت بعد ذلك الصفحات الفنية في معظم الصحف وقد أسهم في نشر الثقافة الفنية بعض كبار الكتاب منهم حسن نجيلة ومحمد الخليفة طه « الريفي « ورحمي محمد سليمان ومحمود أبو العزائم وانضم بعد ذلك آخرون منهم الفنان محمد الحويج والفاتح الطاهر ومن نقاد المسرح محجوب عبد المالك وقمر الدين قرنبع وخالد المبارك وقد أسهم الجميع في نشر الوعي الفني .
وبعد مرور ما يقرب من نصف قرن لايزال أكثر ما يكتب عن الفن يعطي الاهتمام الأول لثقافة الفنان المبدع والقليل يعطي عناية لثقافة الجمهور المتلقي .
الفيلسوف المصري زكي نجيب محمود وهو من خريجي كلية غردون يقول ( إن الاهتمام بثقافة الفنان لابد أن يتلازم مع الاهتمام بوعي الجمهور ولن يحدث التطور إلا بهذا التلازم ) .

الراي العام