مقالات سياسية

وروني الجرايد واقعدوا فراجة

كمال كرار

من 3 مايو 2012 وحتى أبريل 2014 (سنتين إلا شهر) كانت صحيفة الميدان التي تنطق باسم الحزب الشيوعي ممنوعة من الطباعة بأمر جهاز الأمن،ومن قبلها صودرت بعض أعدادها من المطبعة بعد الطباعة.

ورغم الخسائر المادية الباهظة التي لحقت بالحزب الشيوعي جراء الحصار الأمني علي صحيفته، إلا أنها واظبت على الصدور إلكترونياً في ميعادها المحدد، فيطبعها الزملاء في المناطق المختلفة داخل وخارج السودان، ويوزعونها علي القراء، الذين يدفعون أكثر من ثمنها المعلن، وبالتالي خاب أمل الجهاز الأمني في (كتم) أنفاس الميدان، حتى رجعت من جديد صحيفة ورقية تطبع وتوزع في الأكشاك. حكومة المؤتمر الوطني، جعلت إصدار الصحف باهظ التكاليف، عبر الأموال الطائلة التي تدفع نظير التصديق الصحفي، وغيرها من الإشتراطات الواردة في قانون الصحافة،أضف لذلك تكاليف الورق، والطباعة والتوزيع، ومصروفات التسيير،والأجور، والضرائب والرسوم الأخري.

وجعلت الصحافة مهنة المخاطر بسبب الإستدعاءات الأمنية للصحفيين واعتقالهم،أو منعهم من الكتابة، أو تهديدهم أو .. أو .. وصنفت (أي حكومة المؤتمر الوطني) الصحف إلي نوعين موالية ومعادية، والصحفيين كذلك إلى موالين ومعادين، أعطت (الجزرة) للموالين، ورفعت العصا في وجه المعادين. وبرغم ذلك صحف النظام (بائرة) وأخبارها مضروبة، رغم إعلاناتها الملونة، وهذا ما أزعج المؤتمر الوطني وسدنته بمن فيهم الكبار، فقالوا (وروني الجرائد واقعدوا فرّاجة).

وهكذا نشاهد المسلسل اليومي،مصادرة عدد صحيفة كذا من المطبعة بد الطباعة، والتحقيق الأمني مع الصحفية فلانة في موضوع (هبش) المؤتمر الوطني، وبلاغ من الأمن ضد صحيفة كذا في نيابة الصحافة، ومثول الصحفي فلان امام المحكمة في بلاغ من الأمن، وتعليق إصدار التيار (مثلاً) إلى أجل غير مسمى. وتصادر الصحف، دون أن يعرف الناشر لماذا صودرت صحيفته، هل بسبب خبر (وقوايل)، أم تقرير عن الحج والعمرة والعمايل، أم الفساد (والفوايل) أم عمود كتبته (شمايل)!!

وبينما يدور هذا المسلسل الذي عنوانه (الأمن يطارد الصحافة) يقف مجلس الصحافة متفرجاً، ولسان حاله يقول (أنا مالي ومال الصحافة أم دق).

وينشغل إتحاد صحفيي المؤتمر الوطني بالمؤتمرات والسفريات،ودعوة الصحفيين العرب (السدنة)، إلى دولة الخلافة الإنقاذية، من أجل الإطلاع على تجاربها في تكميم الصحف. ولجنة الصحافة بالبرلمان الحكومي تنشغل الآن بالميزانية العامة، وأقوال وزير المالية (وليس أفعاله)، والبرلمان نفسه يصدق أسطورة شركة سيبيريان الذهبية، وشيخهم الكاروري، ولا ينشغل بالأمن الذي يلعب مع الصحافة (كاسوري). إلي حين إشعار آخر ستظل عناوين الصحف الصفراء، تنطق بلسان السدنة، تتحدث عن إنجازات وهمية، وتهاجم المعارضة، وتطبل للوزراء وأصحاب المناصب الدستورية، وبالصورة والقلم تجعل من الفسيخ شربات.

وإلى يوم قريب ستخرج الصحف فيه بعناوين بارزة تقول (إنتصر الشعب على الديكتاتورية)، المظاهرات في كسلا والقدمبلية (بلا وانجلي يا فلانة الدلالية)، القبض علي سدنة النظام البائد في المسلمية.

القلم في يد الصحفي سلاح يخشاه الحرامية، والقلم (ما بزيل بلم) الرقابة الأمنية، والقرقور ما بشبه (البلطية)

كمال كرار
[email protected]

تعليق واحد

  1. تذكرو جيدا اننا خرجنا عن قيم النظام الديموقراطي القائم قبل 89 وكنا قمة في الاستهتار والفوضي والممارسة السيئة للديموقراطية القائمة انا ذلك والتي كانت من افضل النظم الديموقراطية في العالم والتي حسدنا عليها كل الاعراب من شامي الي خليجي والتي حبانا الله بها نعمة لم نصونها ولم نقدرها ومارسنا الافتراء على الله كما فعل اليهودبتبجحنا ثم كانت الكارثة بخروجنا الي الشوارع وكنا نهتف بمنتي الغباءالعزاب ولا الاحزاب فقضب الله منات وعلينا باستهترانا بنعمته فارانا العزاب اشكالا والوان وزل ومهانة.. فلا نلوم الا انفسنا قبل ان نلوم قلة ادب وزير المالية او نافع على نافع لاننا نحن الذين مهدنا لهم كل انواع اهانتنا وتحقيرنا… وشكرا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..