خسائر أفدح.. وآثار أعمق

بعد إعلان الحكومة لحزمتها الجديدة من الإجراءات الاقتصادية بزيادة أسعار الوقود والكهرباء وتحرير سعر الدواء والتعويم الجزئي للدولار وما سيترتب على هذه السياسات من زيادات كبيرة وأكيدة في معظم أسعار السلع الاستهلاكية وضغوط جديدة على المواطنين..
بعد هذه الخطوات لن تكون المشكلة الكبيرة هي نوع وحجم ردة الفعل العامة أو الانعكاسات والآثار السياسية لهذه الإجراءات حتى على صعيد الحوار الوطني.. أو عدم تقبل المواطنين لهذه الإجراءات.. فتلك الأصناف من ردود الفعل الأمنية والسياسية قد تكون الحكومة متحسبة لها وقادرة على التعامل معها بطريقة أو أخرى ..
لكن المشكلة التي لا ينتبه أحد لها هي الآثار الأعمق لهذه الضغوط على المستوى الإنساني والاجتماعي والأخلاقي.. الجوع الكافر.. والفقر القاتل ومعنى أن يعجز مواطن عن الحصول على دواء له أو لأبنائه..
قد لا تكون هناك ردود فعل مباشرة خطيرة على المستوى السياسي أو الأمني، لأنه لا أحد داخل أو خارج الحكومة يمتلك حلاً ناجعاً وسريعاً للمشكلة الاقتصادية بل ربما تكون خيارات الحكومة في ظرفها الاقتصادي الحالي هي خيارات كل حكومة أخرى تواجه نفس المشكلة الاقتصادية التي تواجهها الحكومة وتبدأ بالتخلص من التزاماتها المتمثلة في الدعم المباشر للسلع .
لكن لا الحكومة ولا غيرها من الحكومات التي اضطرت لإعلان سياسات تقشف وإيقاف دعمها للسلع المختلفة لا أحد يمكنه أن ينفي حدوث تلك الآثار الأعمق والأخطر والأفدح .
نعم المواطن السوداني قد يصبر على الضغوط الاقتصادية لكن صبره هذا لا يعني قدرته على معالجة أوضاعه تحت تلك الضغوط ..
ونقول إنه وفي حكم التأكيد الجازم أن هذه (الزنقات) لو مرت بسلام سياسياً وأمنياً فإنها في الغالب لن تمر بسلام أخلاقياً واجتماعياً ومعيشياً .
الضغط المعيشي الهائل يزيد من نسبة الجريمة بمعدلات كبيرة.. يغير أخلاق المجتمع.. يضرب الكثير من قيمه ومبادئه في مقتل.. ينهك صبر ضعفاء النفوس.. يرفع من مستوى الفقر.. يدمر الابتسامة العامة.. يمزق أشلاء الإيثار واليقين والكثير من قيم الخير في المجتمع السوداني .
مثل تلك الآثار الأخطر ربما ستكلف بلادنا أضعاف ما تحققه الخزانة العامة اليوم من وفر وتغطية لبعض العجز عبر هذه الإجراءات الاقتصادية الجديدة والقديمة والقادمة .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. وانت تتمناها ان تمر بسلام من الناحية الامنية والسياسية ويطووول ليكم في عمر حكومتكم … الناس عارفة من يؤيد ومن يدعي المعارضة . وتعرف لماذا يؤيد هذا وذاك .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..