غير مصنف

المظهر تاجر أحذية والباطن تاجر عملة

حكى مرة أحد التجار السودانيين عن رفيق له في التجارة كانا قد سافرا معاً الى الصين لجلب بضاعة، وبينما هما هناك كان ان نفدت حصيلة رفيقه من العملات الأجنبية ولم يبق في جيبه سوى يوان واحد، فاضطر لمحادثة احد معارفه من الصينيين لإقراضه مبلغاً يقضي به حوائجه الخاصة، ولم يكد الرجل ينهي محادثته اذا بالشرطة تدهمه وتعثر على اليوان الواحد في جيبه، وكان هذا اليوان الوحيد سبباً في ايقاع عقوبة السجن عليه لمدة ثلاث سنوات قضاها بأحد سجون الصين كما يقضي القانون الصيني الذي يحظر تبادل العملات والاتجار فيها في السوق الموازي، ولكن للأسف فان التجار الأجانب عندنا هنا يجدون متسعاً وبراحاً وطمأنينة للمتاجرة والمضاربة في العملة، فوفقاً لـ(السوداني) الصادرة أمس، أن شرطة المباحث أوقفت رجل أعمال سوري الجنسية، يدير مجموعة كبيرة من السريحة لجمع الدولار بسوق ليبيا، وتميط هذه الضبطية اللثام عن هذا النشاط الهدام الذي يضلع فيه مجموعة من التجار الاجانب بسوق ليبيا منذ زمن طويل. وكان هذا النشاط الضار بالاقتصاد معلوماً لدى التجار الوطنيين وكثيراً ما اشتكوا منه ونبهوا اليه، بل أنهم تقدموا بشكوى رسمية عبر محامي للمجلس العسكري أيام كان العسكريون يحكمون البلاد منفردين، ولكن يبدو ان المجلس العسكري لم يهتم بالأمر ولم يأخذه مأخذ الجد، ولو كان فعل حينها واتخذ من التدابير ما يلجم هذا النشاط لكان الحال غيره الآن..

غير أن اهم ما تكشف عنه هذه الضبطية هو انها تلفت الانتباه لانتشار هذه التجارة الباطنية التي ينشط فيها عدد من التجار الأجانب بسوق ليبيا وخلافه، حيث تجد الواحد منهم يبدو ظاهريا انه يتاجر في الاحذية والاقمشة والستائر وغيرها، بينما تجارته الاساسية في الحقيقة هي العملة، وما الاحذية والاقمشة الا ستار تمويهي وتضليلي، كما تجد أيضاً ان أحدهم قد حصل على تصديق رسمي لاقامة مصنع للاحذية مثلاً وتم منحه الجنسية السودانية بموجب ذلك، الا انه لا ينشئ المصنع الذي يكون وجوده في الاوراق فقط وليس له أثر على ارض الواقع، بينما يكون اثر فساد المسؤولين الحكوميين خلال العهد البائد واضح جداً بسندهم ومساندتهم لهؤلاء الاجانب لممارسة تجارتهم الضارة بالحصول على رشاوى معتبرة بل وكان بعضهم يشاركونهم من الباطن، ولعل الشاهد هنا ان ممارسة تجارة العملة والمضاربة فيها بواسطة التجار الاجانب، كانت قد انتشرت وتوسعت إبان ذلك العهد الفاسد وخصوصاً في أعقاب ثورات الربيع العربي التي دفعت بأعداد كبيرة منهم للقدوم الى السودان والاستقرار فيه، وكان ان توسعت وقتها بواسطة متنفذي ذلك العهد تجارة الجواز والجنسية السودانية والرقم الوطني التي اصبحت (سداح مداح) معروضة في سوق الله أكبر، ومما تلفت النظر اليه هذه الضبطية كذلك، هو ضرورة مراجعة سجلات هؤلاء التجار وضبطها والوقوف على حقيقة نشاطهم الفعلي من الباطني لتمييز الخبيث من الطيب منهم..

الجريدة

 

‫2 تعليقات

  1. مييين يسمعك يا حيدر ؟ يا باشا الكل إكتشف ان الشغلانه بتحقق ليهم ارباح بلا وجع قلب فمثلاً حسب ما رشح ان الفريق الكباشى إشترى وهو عضو فى مجلس السياده او العسكرى قصر منيف (بمبلغ مليون ومئتا الف دولار) بناحية الطائف وبعدها بزمن تحدثت تراجى مصطفى فى احدى رسائلها الصوتيه عن تقاضى الكباشى مبلغ مليون دولار من احدى الدول الخليجيه !! واقعه من هذا النوع كان ينبغى على النائب العام وقطعاً قد وصله العلم التحقيق فى هذا الموضوع الخطير واعتقد هذا واجبه واشير الى ان القصر المشار اليه مكانه معروف ويمكن الرجوع الى تسجيلات الاراضى للتحقق من إمتلاك الكباشى للقصر وإذا ثبت ان المعلومه صحيحه فمن حق النائب العام طلب سحب الحصانه والتحقيق معه ودون فعل ذلك ينبغى علينا كما يقول إخوتنا المصريون فى مثل هذه المواقف أن نقول بعلو اصواتنا( غطونى وصوتو !!).
    يا حيدر هل انت تعلم انها نفس ممارسات النظام البائد التقاضى عن الفساد بكل اشكاله لان الناس الفوق كانوا فاسدين ويتحسبون من قولة (إشمعنى!!) فتركوا الحبل على السائب او القارب والكل صار كما قال احد إخوتنا الجنوبيين فى معرض حديثه قبل الانفصال عن المحادثات التى كانت تجرى بينهم و بين النظام المباد فقال ( كنا مع اخوتنا الشماليين امام وليمه وتعين علينا إستخدام الملاعق فى تعاطى الوليمه بشكل عادل وفجاءة وجدنا النظام وقد القى ملعقته وانهمك بكلتا يديه وهكذا تعامل النظام المباد مع الشعب السودانى !!.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..