حاكم اقليم دارفور يحاول الطيران بجناح واحد

أسامة ضي النعيم محمد
دارفور واستقرارها لتنعم بالسلام الان هو ضلع السودان الاعوج ، جرح يتداعي له سائر الجسد السوداني بالسهر والحمي ، اذا استقام فيها الحكم علي الرشد ، فدارفور القران لا يحبسها حابس عن اعادة السيرة الاولي و تسيير المحافل الي أرض الحجاز ، تحمل كسوة الكعبة المشرفة يحفها فرسان يحمون المحفل ليس علي ظهور الخيول والإبل كما في أزمان سابقات ، بل تذلل لها مطايا العصر من طائرات وحاملات زاد وعتاد تتحرك من مطارات الفاشر والجنينة ونيالا لتحط في أرض الحرمين الشريفين ، تعرج أيضا وتفرغ أحمالها عند عتبات رواق دارفور بالأزهر الشريف عطفا وتخليدا لذكري السيرة الاولي لدارفور السلاطين ، تطعم وتسقي دارفور حملة القران في صدورهم حيثما كانوا.
ذاك هو الحلم المأمول والمرتجي ومعالي السيد مني أركو مناوي يدشن عهده حاكما لإقليم دارفور ، حسبناه صنوا وندا للأوائل الذين ساروا علي درب العمار وبناء السودان ، يجئ خطابه بعبارات مماثله ( ستعمل حكومتي علي محاربة الدجل والشعوذة وإقامة مستشفي للأمراض الصدرية بسوبا ) وهي مؤشرات البناء والعمار التي جاء بها راحلنا المقيم محمد أحمد محجوب- عليه رحمة الله – في خطابه في الجمعية التأسيسية عام 1967م وهو رئيس وزراء تلك المرحلة ، اكتمل العمل وافتتح المستشفي في عام 1975م . حاكم اقليم دارفور لم يدشن خطابه الافتتاحي بمثل تلك القلائد والخرائد ، بل بدأ عهده محاولا الطيران بجناح يتيم بعيدا عن التنسيق مع المركز كما يصف حاضرة حكم السودان الان .
وضع السيف في موضع العقل والإدارة لا يخرج الا رأيا مبتورا وسيفا مكسورا ، تمام الرأي عند المرء مع نصفه الذي يجده عند الآخر والعاقل من حافظ علي شعرة معاوية في سوس الناس والتعامل في شؤون الحكم ، التصريح بالعداء لشركاء الحكم يجلب الشقاء حيث تتعطل حركة العمار والبناء ، لم يحاول حاكم اقليم دارفور حشد الحلفاء وبناء الصداقات وله في جمهورية جنوب السودان خير من يسعي لصداقته وحق له أن يثني علي دورها في الوصول الي اتفاقية سلام جوبا ، ثم حتي مع الحج لا يحرم بيع المسابح ، فليذهب الي جوبا في أول زيارة ومعه وفود لعقد صفقات تجارية لتصدير الذرة مثلا الي جمهورية جنوب السودان ، اقامة تجارة حدود بين دارفور ومدن وقري حدودية تعززها سهولة التعامل الذي سبقت دعائمه وأوتاده قائمة منذ أجيال.
لا نجد في بدايات معالي حاكم اقليم دارفور جهدا صادقا بأن معسكرات النزوح جاء دورها لتتحول الي مدن عصرية ، لم يعرج الي صناعة الامن فيرسل من يحافظ علي أمن المزارعين في الموسم الذي تجري حركته ، تفلتات الطرق بين مدن دارفورتحملها الانباء بلا أفق قريب لإيقاف الظاهرة ، عصابات متفلته من الداخل الليبي تطردها السلطات هناك وتجد مع أسلحتها ملاذا امنا وسوقا رائجة لممارسة الفوضى وسرقة البنوك في الجنينة وغيرها ، في دول أخري تحرس الحدود وتمنع أو تجرد من السلاح تلك الفلول.
معالي حاكم اقليم دارفور لا يحتاج الي اظهار القوة ويرسل عبارات شق عصا الطاعة ، موقعه المكتبي من المكونات الاصيلة في مجالس حكم السودان ، هو كأول حاكم إقليم انفاذا لاتفاق سلام جوبا ، يصنف تتويجه تجربة رائدة تحتاج منه الي تجويد الاداء بممارسة الرشد في الحكم ، مناكفاته مع مستشار معالي السيد رئيس الوزراء تصبغ شكل الاداء عنده ليجد نفسه حابسا موقع وظيفته الهامة في اطار مساعد حلة كما سبق له أن وصف مهامه وهو مساعدا للبشير.
وتقبلوا أطيب تحياتي