إذا عرف السبب بطل العجب !!

لماذا مدح الطيب صالح البشير في آخر أيامه؟
ومن أين جاء هؤلاء
كثر الحديث والحوار حينذاك حول الكلمات التي تفوه بها الطيب صالح له الرحمة في مقابلة تلفزيونية أجريت معه في آخر أيام حياته والتي قال فيها بعض الكلام الإيجابي عن جانب من جوانب شخصية البشير .. ولقد تراوحت التعليقات والتفاسير بين متفهم للموقف وبين متابع للظنون مما يستوجب تطبيق ميزان العقلانية والموضوعية في التقييم .. ولا بد لمن يتصدى لكاتب في قامة الطيب متعدد الجوانب أن ينظر في إنتاجه بشمولية حتى يرى اللوحة مكتملة .. وربما يفيد هنا اللجوء إلى ما يشبه الأداة المعروفة عند رجال القانون cross-examination”“ وذلك بالإطلاع على كل ما كتبه الكاتب في موضوع محدد وفحص المحتوى بدقة متكاملة .. وإلا أصبحنا مثل العميان الذين تلمسوا فيلا ضخما حسبه أحدهم ذنب والآخر رِجل وهكذا كل يعتقد بما أدرك وغابت عنهم الصورة الكاملة .. غير أن كل من يتصدى لمثل هذه المواقف لا بد أن يكون على إلمام بكل ملابسات الواقعة في حينها وقبل ذلك لا بد من معرفة لصيقة بالشخصية التي يتصدى لها نقدا أو تأييدا مدحا أو ذما ..لذلك فإن الذين عرفوه عن قرب لم تصيبهم دهشة مما سمعوا .. لقد كان له الرحمة لا يميل إلى الصدام مع إنه يمتلك كل الأدوات الحاسمة الكفيلة بالقضاء على حجج كل مخاصم لجوج ولكن الطيب بطبيعته المتسامحة المتعاطفة مع الضعف الإنساني يميل إلى إصلاح ذات البين والبحث عن الجوانب الخيرة التي قد تكون كامنة تنتظر من يلجأ إلى تفعيلها لتطفو إلى السطح فتؤثر على تصرفات وسلوك الناس .. هذه صفة في الطيب لاحظتها شاملة كل تصرفات حياته سواء ان كان في تجمع عادي عند أحد الأصدقاء او في ندوة رسمية سياسية أدبية كانت أو أكاديمية في إحدى الجامعات يظل هو الطيب المجامل الموقظ للجوانب الخيرة في الناس ..
وربما يندهش الكثيرون من صاحب أقوى مساهمات في معارضة النظام سارت بها الركبان وأصبحت الأربع كلمات المعنون بها المقال الشهير : ”من أين جاء هؤلاء“ شعارا للثورة تتناقله الوسائط الإعلامية .. نعم هذاهو الطيب أيضا عندما يكون الأمر قوميا متعلقا بالوطن ومستقبل إنسان السودان البسيط الطيب الذي خلده عالميا في أدبه فإنه يشهر سيوف المنطق والدفاع عن الوطن وانسانه في وجه كل من توهم إعادة صياغته .. وبالصبر والأناة اللتان عُرف بهما لجأ إلى النصح لهذه العصبة المتهورة بما يعرفه حق المعرفة عن دهاليز السياسة الدولية والتي يبدو جليا أن هؤلاء الحكام الجدد ليسوا ملمين بأبجدياتها .. وقد صدق حدسه إذ لم ”يستبينوا النصح حتى ضحى الغد“ كما عنون إحدى مقالاته المنشورة صحيفة الشرق الأوسط ..
على أي حال ”حدس ما حدس!!“ وتحول الحكم إلى كارثة وطنية أحرقت الأخضر واليابس واستقبلت المنافي أهل السودان هربا من جحيم المشروع الحضاري .. وبسلاح التمكين خلت الدولة من الخبرات التي دفع المواطن الغالي والنفيس في تأهيلها وتدريبها واحتضنتها دول النفطية المتعطشة لضخ الدم في شرايين مشاريع التنمية الطموحة التي خططت لها .. وقد تساءل الطيب في هذا السياق: ”من الذي يبني لك المستقبل يا هداك الله وأنت تذبح الخيل وتُبقي العربات ، وتُميت الأرض وتُحيي الآفات ؟“ ..
وقد حكي في مقال آخر من مقالات في مجلة المجلة – وأنا أكتب من الذاكرة – أنه التقى بمجموعة من رجالات الإنقاذ في مؤتمر في مدينة لشبونة عاصمة البرتغال وحكى بطريقة بسيطة ساخرة غير أنها جدُ عميقة أنه عندما تحدث معهم وجد أنهم أناس طيبون يتحدثون عن فعل الخير ثم ختم حديثه عنهم متسائلا إذا كان هؤلاء القوم حقيقة بهذه الصفات إذن من الذي أحدث كل هذا الخراب الذي عم كل أرجاء البلاد؟
ولكن تظل تساؤلات ذلك المقال أكثر دويا:
أما سمعوا مدائح حاج الماحي وود سعد ، وأغاني سرور وخليل فرح وحسن عطية والكابلي و المصطفى ؟
أما قرأوا شعر العباس والمجذوب ؟
أما سمعوا الأصوات القديمة وأحسُّوا الأشواق القديمة ، ألا يحبّون الوطن كما نحبّه ؟
إذاً لماذا يحبّونه وكأنّهم يكرهونه ويعملون على إعماره وكأنّهم مسخّرون لخرابه ؟
ونواصل ……
د. الفاتح ابراهيم
واشنطن
يقتع دراعي كان لقيت سبب ولا كان عندي عجب ولا كان الطيب صالح غير رأيه فيهم لحد ما ذهب للرفيق الأعلى لم يدر من أين أتي الكيزان!! ها زول انت هسع مرقت في أمريكا ونحن قاعدين هِنا لامن الكيزان فاتوا ما عرفنا من أين أتوا إت الفي..