مقالات سياسية

هواجس وهوس تغيير العملة السودانية !!!

عبد المنعم على التوم

هواجس وهوس  تغيير العملة السودانية !!!!
يطالعنا بعض  كتاب الاسافير و المنتديات  ووسائل التواصل الاجتماعى بصفة تكاد تكون يومية فى كثير من المواقع وهم يحثون الدولة السودانية بتغيير العملة السودانية ويقعون فى خطأ كبير حيث هناك فرق شاسع بين ماهو مزور وماهو مزيف  ظنا منهم بأن العملة السودانية مزورة وهم يقصدون بكلمة مزوره أى مزيفة ، فالتزييف دائما ما يكون فى العملات  وهو إصدار أوراق نقدية بصورة غير شرعية من جهة غير رسمية بغرض الغش و الاحتيال على الناس وتداولها جنبا الى جنب مع عملة الدولة الرسمية وهو أمر خطير على الدول ،لذلك عقدت الاتفاقيات بين الاقطار المختلفة لمعاقبة المزيفين حيث يهتم الانتربول الدولى ويقوم بمكافحة هذه الظاهرة وهو أمر لم يحدث حديثا و ربما يكون منذ ان عرف الانسان تداول النقود  !!!  أما ما يسمى بالتزوير – يكون دائما فى المستندات و الخطابات و التواقيع
و ماشابه ذلك ويمكن ان يكون التزوير للعملات إستثناءا فى حالات نادرة  جدا كأن يقوم شخص بالتعديل – على سبيل المثال و رقة فئة اثنين جنيه  لتصبح فئة مأتين جنيه وهذه مسألة صعبة جدا و تحتاج الى  زمن و فنيات عالية فى الرسم.!!!
يظن كثير من الناس بأن تزييف العملات السودانية هو السبب الرئيسى لتدهور الاقتصاد السودانى وأصبح هوس و خيال اصاب معظم  الناس بسبب هذه الاقلام التى تنادى يوميا  بتغيير العملة السودانية !!! وهم يدعون ويظنون  بأنها هى السبب الرئيسى  فى تدهور قيمة صرف الجنيه السودانى ،ويحدثونا بأن هناك دولة أجنبية تتزعم هذا التزييف  !! دون ان يكون هناك أى دليل او مصدر و إنما هى  حكاوى من  الف ليلة و ليلة !!! وكل ذلك يحدث و لم يخرج علينا بنك السودان ليؤكد او ينفى هذه الوقائع وهى الجهة ذات الاختصاص وصاحبت الشأن فى هذا المجال ، !!!
ظاهرة تزوير العملات  ظاهرة تحدث فى جميع دول العالم وعلى رأسها الدولار الامريكى وهو أكثر العملات تزويرا فى العالم لم نسمع او نرى بأن أمريكا قررت تغيير عملتها نسبة لوقوع التزييف فيها فمحاربة تزييف العملات ينبع بمحاصرتها وتكثيف الشرح من البنك المركزى وخاصة لموظفى البنوك و الصيارفة الذين يعملون فى جميع المصالح الحكومية وتنويرهم عبر برامج كشف التزييف و التزوير فى العمليات المصرفية  وعمل و رش و دورات تدريبية  فى هذا المجال من أساتذة و فنيين مختصين،  ويتقدم ركب هذه الدورات قسم العلاقات العامة ببنك السودان حيث من المفترض ان يبين و يشرح البنك المركزى عبر وسائل التواصل المرئية و المسموعة و عبر الملصقات ابرز ملامح التزييف فى العملات حتى يستبين الامر للجمهور و يتعلموا الفرق مابين العملات المزيفة و العملات الحقيقية ويكونوا مشاركين وجزء من المنظومة الرقابية للعملة لان الحفاظ على العملات الورقية سالمة سليمة ومبرءة من كل عيب هى مسئولية تضامنية  يجب أن يشارك فيها كل الشعب !!!
تغيير العملة السودانية ليس بالامر السهل و خاصة فى ظل هذه الظروف الاقتصادية حيث يقدر تغيير العملات السودانية بمبلغ  3750000000 ج( فقط سبعة و ثلاثون مليار و خمسمائة مليون ج سودانى ) أى مايعادل مبلغ 150 مليون دولار مما تجعل القائمين على الامر مراجعة حساباتهم فى ظل هذه الضائقة المعيشية الخانقة والتى احكمت الخناق على رقاب الناس فى ابسط مقومات الحياة المعيشية وفى إعتقادى المتواضع قد يفكر القائمون على الامر بما هو أهم من تغيير العملة فى الوقت الراهن !!!
كلنا نعلم بأن الكتلة النقدية خارج الجهاز المصرفى تقدر ب 90 % من جملة الكتلة النقدية ، فإذا إفترضنا جدلا بأن تغيير العملات سوف يستقطب الكتلة النقدية الى داخل المصارف كلية ـ  لذلك يجب ان نضع  فى الاعتبار بأن هذا التصرف سوف يكون مؤفتا  جدا و سوف تخرج العملات فى وقت وجيز الى خارج المصارف بطريقة او بإخرى ـ فالسودان بلد شاسع و مترامى الاطراف ولا توجد مصارف تغطى كل هذه الرقعة الجغرافية  لذلك تجد هناك كثير  من  يحتاج للتعامل بالاوراق النقدية  من التجار فى تلك الاصقاع النائية و الرعاة و تجار المواشى و المزارعين ـ أضف الى ذلك هناك من الطبقة الطفيلية من تجار العملات و الاراضى داخل المدن الكبرى صاروا لا يثقون فى النظام المصرفى وتملكوا الخزن الحديدية وبدأوا يخزنون الاموال فى منازلهم هؤلاء سرعان ما يعاودون الكرة مرة آخرى و يخرجون الاموال  المطبوعة حديثا  من البنوك و الى مخازنهم تارة آخرى !!!
موضوع تغيير العملة فى تقديرى ليس أولوية قصوى ، هناك ما هو أهم من ذلك بكثير ، مثل السيطرة على صادرات وواردات السلع الاستراتيجية من قبل الدولة ، و السيطرة على العملات الصعبة  المتداولة بكثافة داخل حدود السودان الجغرافية من عامة الناس ووقف التضارب فيها بإجراءآت إقتصادية  وليست أمنية ـ كانت متبعة فى العهود الذهبية للاقتصاد السودانى ومراقبة عمل البنوك الاجنبية  ووقف عمل الصرافات الخاصة و التى فى تقديرى هى جزء من منظومة السوق الموازى !!!
أضف الى كل هذه الاشياء التى تحدثنا عنها هناك أمر جلل لا بد للطاقم الاقتصادى فى الدولة  أن يأخذه الى محمل الجد للمعالجة الفورية وهو أهم من تغيير العملة بكثير – وهو شركات الاتصال الاجنبية و التى تعمل داخل السودان  وتمثل خنجرا مسموما فى ظهر الاقتصاد السودان يستوجب المعالجة الفورية !!!
فى ختام المقال نؤكد بأن تغيير العملة السودانية غير ذى جدوى فى الوقت الراهن و إنما هو مزيد من زيادة الاعباء على المواطن الغلبان التعبان الفلسان الجوعان المرهف الحساس !!!!
تقديم/
عبدالمنعم على التوم
30 سبتمبر 2020
[email protected]

‫2 تعليقات

  1. يا سيد عبد المنعم علي التوم أسهبت في نقطة واحدة وأبخست آراء كل المنادين بتغيير العملة وهذه النقطة الواحدة هي أن بعد تغيير العملة بقليل سوف تخرج الكتلة النقدية مرة أخرى خارج النظام المصرفي!! ألم تعلم أن تغيير العملة ليس فقط للسيطرة على الكتلة النقدية فقط وإنما لكشف وبط ومنع العملة المزيفة ، فهل تقول بأن التزييف سيعود مرة أخرى بعد تغيير العملة؟؟ طيب ومالو هذا لا يلغي فائدة التغيير في الحد من هذه الجرائم تماماً مثل توقيع العقاب على المجرمين فإن غره منع الجريمة ولكن لا يمكن وقف الجرائم بالمطلق!

    1. السبب في المطالبة بتغيير العملة مرتبط اساساً بضرورة:-
      – اولاً التحكم في ادارة عرض النقود بطريقة علمية تراعي حجم السلع والخدمات المباعة المعبر عنها بالناتج المحلي الاجمالي GDP باسعار السوق الجارية, وسرعة تداول النقد velocity of omoney و متوسط سعر السلع والخدمات محسوب حسب اوزان السلع والخدمات في سلة المستهلكن, وليس بالطريق العشواءية المعتادة لغرض التمول بالعجز لحلحلة ضائقة الانفاق الحكومي الذي ادي الي خلق كتلة نقدية متورمة.والي تضخم متسارع بطريقة غير مسبوقة.
      – ثانياً, ارجاع الجزء المهول من الكتلة النقدية 90% الموجود حارج النظام المصرفي للقنوات البنكية’ للاستفادة منه في تمويل الانتاخ’ وليس لتمويل المضاربات في سوق النقد الاجنبي والعقارات, مما ادي الي انهيار سعر صرف العملة المحلية.
      – ثالثاً, وضع حد “لتزييف” العملة (تم ضبط كميات كبيرة من العملة المزيفة خلال العام الماضي) الذي لم تضحضه (تنفيه) السلطات المسؤلة, والذي ادي الي تورم اضافي لعرض النقود وبقائه خارج النظام المصرفي.
      فيما يخص عدم جدوي تغيير العمتة وامكانية تكرار التجربة:-
      – هناك اجراءات وشروط معمول بها في دول عديدة لتقييد السحب للحد من بقاء حجم كبير من الكتلة خارج النظام المصرفي.
      – من اجل الحد من تكرار التزييف, يوصى بعدم اصدار الفئات الكبيرة للعملة للتقليل من جدوي التزييف, لارتفاع كلفته (تجربة نيجريا) .كذلك يوصي بطباعة العملة باستخدام التقنيات المتقدمة التي تضع علامات التامين المتعددة والمعقدة التي تجعل من التزييف امراً صعباً ومكلفاً وسهل الانكشاف كما هو الحال في الدولار والعملات الحرة الاخري.
      في النهاية لكم الشكر والتقدير لمقالكم القييم. ونرجو ان نستفيد من ملاحظاتكم المقبلة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..