الصومال يحاول اللحاق بترتيبات القرن الأفريقي الجديدة

أسمرة – تحرك الصومال سريعا لتصحيح خطأ استراتيجي في علاقته الإقليمية وبادر الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو إلى زيارة إريتريا التي تتقارب بشكل متسارع مع محيطها الأفريقي والعربي ضمن ترتيبات تعيد الأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي.
ولا تهدف مسارعة فرماجو إلى تلبية دعوة نظيره الإريتري إسياس أفورقي إلى حل الخلافات الثنائية المزمنة بين البلدين فقط، بل إلى الالتحاق بالدينامية التي شكلتها المصالحة بين أديس أبابا وأسمرة وما حظيت به من رعاية عربية وإقليمية لافتة.
ومن المتوقع أن تفتح الزيارة التاريخية للرئيس الصومالي إلى العاصمة الإريترية أسمرة، صفحة جديدة في العلاقات المتأزمة بين البلدين منذ عام 2004.
وقال عبدالنور محمد مدير الإعلام في الرئاسة الصومالية إن ?الصومال مستعد لفتح صفحة جديدة في علاقاته مع إريتريا. وإن التعاون الإقليمي هو مفتاح التقدم في القرن الأفريقي?.
وتعتبر الزيارة حدثا استثنائيا لكونها الأولى لرئيس صومالي لإريتريا منذ حصولها على الاستقلال من إثيوبيا عام 1993، ولأنها تأتي إثر التطورات التي أدت في الأسابيع الأخيرة إلى إنهاء الخلاف التاريخي بين إثيوبيا وإريتريا.
وكان الرئيس الإريتري إسياس أفورقي ورئيس الحكومة الإثيوبية أبيي أحمد قد وقعا في 9 يوليو الجاري في أسمرة اتفاقية سلام أنهت قطيعة عقدين من الزمن بين البلدين. وجاءت هذه الاتفاقية نتيجة جهود بذلتها دولة الإمارات العربية المتحدة تتوّجت مؤخرا بالقمة التي جمعت الزعيمين الإثيوبي والإريتري والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي في العاصمة الإماراتية في 24 يوليو الجاري.
ورأى دبلوماسيون متخصصون في شؤون القرن الأفريقي أن الصومال يندفع نحو الخروج من خطأ الاصطفافات الإقليمية منذ إثارة مقديشو للخلاف مع الإمارات، وأن الرئيس الصومالي يسعى لدى نظيره الإريتري لإخراجه من حالة العزلة من أجل أن تكون بلاده جزءا من تحولات واعدة ترعاها السعودية والإمارات وتساهم فيها مصر وسط ترحيب ودفع دوليين.
وأشار وزير الإعلام في الحكومة الصومالية طاهر محمود غيلي إلى أنه يمكن لإريتريا لعب دور وساطة بين الصومال والإمارات.
وقال غيلي في حديث مع إذاعة صوت أميركا -قسم البث الصومالي- إن العلاقات الصومالية الإماراتية مرت بمستويات مختلفة وإنهما ليستا مجرد دولتين صديقتين بل شقيقتين أيضا.
وأضاف ?طبعا تتمتع إريتريا بعلاقات جيدة مع الإمارات، وبحكم ذلك يمكنها أن تلعب دورا مهما في الوساطة بين الصومال والإمارات حيث تشهد العلاقات بينهما توترا في الآونة الأخيرة?.
ويرى مراقبون أن مسارعة السفير القطري في مقديشو حسن حمزة أسد هاشم إلى عقد لقاء مع وزير الخارجية الصومالي أحمد عيسى عود في أسمرة عشية زيارة فرماجو لإريتريا، يكشف عن القلق الذي يعتري الدوحة جراء احتمال التحاق الصومال بعملية إنهاء الأزمات التي ترعاها الإمارات في منطقة القرن الأفريقي.
وقالت وكالة الأنباء الصومالية إن السفير القطري سلم وزارة الخارجية سيارة مصفحة للشخصيات الهامة. وكانت الدوحة قد أرسلت مساعدات مدنية وعسكرية للصومال في سعي قطري لاستمالة مقديشو صوب المعسكر المعادي لدول المقاطعة العربية.
واعتبر خبراء خليجيون أن زيارة الرئيس الصومالي تعبّر عن خروج من المأزق الذي وضعت مقديشو نفسها داخله باتخاذ الموقف الخطأ في مسألة مقاطعة السعودية ومصر والإمارات والبحرين لقطر، وأن الدبلوماسية الصومالية قرأت المشهد الجديد وفهمت أن المنطقة برمتها مقبلة على تحولات لن تستطيع الدوحة أو غيرها تعطيلها.
ووفق الرواية الرسمية الصومالية للزيارة، فإن وزير الإعلام الصومالي طاهر محمود غيلي، قال إن زيارة فرماجو لأسمرة تمثل بداية فصل جديد للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين. فيما أوضحت مصادر صومالية مرافقة للرئيس أن محادثات الرئيسين ستشمل عددا من الملفات، من بينها تعزيز العلاقات الثنائية وأوجه التعاون في المجالات الأمنية والاقتصادية.
وترى مصادر صومالية أن التحولات الجديدة تمثل فرصة للصومال للخروج من أزمته خصوصا أن البلد كان أيضا ضحية النزاعات بين إثيوبيا وإريتريا، وأن البلدين كانا يخوضان حربا بالوكالة فوق الأراضي الصومالية.
لكن مصادر إريترية مراقبة أوضحت أن دعوة أفورقي لنظيره الصومالي تأتي مكملة لتوجهه بفك عزلة بلاده بما في ذلك رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها من قبل مجلس الأمن الدولي منذ عام 2009، بسبب الاتهامات المتعلقة بدعم الجماعات الإسلامية المسلحة في الصومال.
العرب
تفكير سليم جدا.
تفكير سليم جدا.