إلا نكدا

“تركيا سترفع حجم تجارتها مع السودان إلى مليار دولار… شركات فرنسية، وأخرى بريطانية وثالثة أمريكية تبحث فرص الاستثمار في السودان… الحكومة تعتزم فتح الاستثمار في مجال اليورانيوم… اكتشاف مناجم جديدة للذهب بالنيل الأزرق… خطة لإنتاج مئات الأطنان من الذهب…”… وهكذا تتدفق سيول “البشريات” التي لا تسُر أحداً… بشريات لا تسرُ أحداً؟! لماذا؟!… يحدثوننا عن إمكانيات البلاد المادية، ومواردها الاقتصادية المُذهلة … ونحن نحدثهم عن فشل الإدارة… مُشكلة السودان لم تكن في يومٍ من الأيام مشكلة موارد.. مشكلة السودان مشكلة إدارة هذه الموارد…

يقيني لو أنَّ الأرض تفجرت ينابيع من النفط ، وجرت أنهارنا ونيلينا الأبيض والأزرق وصارت “مزيج النيل” أو “مزيج برنت”، ولو أن جبالنا وتلالنا تحولت إلى ذهبٍ أو كرومٍ أو يورانيوم، ولو أن العالم كله جاء مستثمراً في بلادنا ووجد كل مستثمرٍ ضالته في الاستثمار، ولو أننا في كل دقيقة اكتشفنا معدناً جديداً، سنظل كما نحن نستورد غذاءنا وملابسنا والنبق الفارسي وكل الحاجات “الما عندها” معنى ـ لزوم الفشخرة ـ وسنظل نتسول العالم والمنح ويسيل لعابنا لـ “الودائع”… فقد تدفق البترول من قبل فأين ذهبت عائداته؟! … لماذا لم تفكر الإدارة الاقتصادية في توظيف موارد النفط في الإنتاج .. ولماذا فشلت مشاريع توطين زراعة القمح في السودان، ولماذا فشل مشروع توطين العلاج بالداخل، والنهضة الزراعية… ولماذا تتمدد في كل مرة فوضى الاستيراد حتى نتبارى في استيراد البضائع الفاسدة منتهية الصلاحية، والمواد المسرطنة؟…ولماذا تأخذ منا مافيا التهريب كل مأخذ؟ ولماذا تتحول الحكومة إلى أكبر مضارب في أسواق العملة… كل ذلك يحكي عن متلازمة الفشل الإداري والفساد المالي.. يحدث كل ذلك لسوء إدارة الموارد وتوظيفها نحو الإنتاج… المنتج المحلي الآن يُحارب وتُقام في طريقه المتاريس…أعود وأقول لا تحدِّثوننا عن إمكانية بلادنا ومواردها ومعادنها وخيراتها فإننا بها عالمون وغيرنا بها عليم، وقد تعلمها القبائل البدائية في الأمازون… بل حدِّثونا ماذا أنتم فاعلون فيما اقترفت أيديكم خطايا كان أكبرها توظيف الفاشلين ووضعهم في أخطر المناصب وما يحدث لنا من نكبات وكوارث وضائقات هو نتيجة حتمية للتوظيف غير المسؤول وللترضيات والموازنات، ووضع الرجل غير المناسب في مكانٍ لا يفعل شيئاً سوى تقزيمها، فمتى كانت الدول تُدار بالترضيات والموازنات…

الحقيقة التي لا مراء ولا جدال حولها أن كل الأزمات التي نعيشها اليوم هي المحصول النهائي لزراعة “فاشلة” في أرضٍ نكد فهل تُخرج إلا نكدا….. اللهم هذا قسمي فيما أملك…

نبضة أخيرة:

ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

الصيحة

تعليق واحد

  1. الاخ احمد يوسف التاي اولا السلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته ثانيا وبكل صدق انا معجب شديييييييييييييييييييييييييييييييد بكتاباتك الجريئة والشجاعة والمتناولة لقضايا الجماهير في الصميم وهذا هو الدور الحقيقي للصحفي والاعلامي الناجح وفقك الله لما انت فيه ولك ودي الي ان نلتقي

  2. العقدة ليس في عدم الكفاءة فكل مشكلة اليوم أصبح حلها على بعد جهاز الحاسوب هذا هو عصر المعلومات ولكن المشكلة في الفساد الضارب أطنابه . عندما نتهم هؤلاء الفسدة بعدم الكفاءة فإننا نعطيهم شهادة براءة من الفساد وهذا ما يرمون إليه.

  3. الاخ احمد يوسف التاي اولا السلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته ثانيا وبكل صدق انا معجب شديييييييييييييييييييييييييييييييد بكتاباتك الجريئة والشجاعة والمتناولة لقضايا الجماهير في الصميم وهذا هو الدور الحقيقي للصحفي والاعلامي الناجح وفقك الله لما انت فيه ولك ودي الي ان نلتقي

  4. العقدة ليس في عدم الكفاءة فكل مشكلة اليوم أصبح حلها على بعد جهاز الحاسوب هذا هو عصر المعلومات ولكن المشكلة في الفساد الضارب أطنابه . عندما نتهم هؤلاء الفسدة بعدم الكفاءة فإننا نعطيهم شهادة براءة من الفساد وهذا ما يرمون إليه.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..