تأثير الخلفية الثقافية في القرارات الرئاسية

الخلفية الإكاديمية والهواية والخبرات للحاكم أمور تؤثر مباشرة في كيقية إدارته للدولة. لهذا يحكم- وغالبا ما يتحكم- المزاج الشخصي للرئيس في إتخاذ القرارات كبيرها وصغيرها.
الكثيرون من قادة وروءساء الدول درسوا القانون . كليات القانون أو الحقوق – بجانب القوانين وما يتصل بها من مواد-تدرس النظم السياسية والإقتصاد والإدارة والموازنة العامة والمنظمات الدولية و التعاونيات.
لهذا يتجرأ القانونيون ويبادرون لقيادة الدول. العلوم التي درسوها تعزز ثقتهم في أنفسهم فينبرون للقيادة .
لكنهم ليسوا وحدهم من يفعل ذلك. العسكريون يغامرون وهم مستندون على الثورية. يأتون مشبعون بالحماسة لإيقاف عبث السياسيون. لكنهم عادة ما يقودون البلاد إلى فوضى عارمة. قراراتهم غالبا ما تؤدي إلى تخلف الدولة وإنتشار الفساد وتراكم الديون. يتزامن ذلك مع إظهار الرئيس والحزب الحاكم بصورة براقة بفضل الدعاية الضخمة. والترويج لإنجازات وهمية أو مضخمة لا تتناسب وحقيقتها على أرض الواقع .
يقفز العسكر على السلطة بليل . وومنذ اللحظة الأول يستمر الليل ق ذلك بأن سنوات طويلة.. العسكريون يبدأون مشبعون بالثورية و الوطنية لكنهم ينتهون في حالى يستمر هذا الأولة الأسوأ من بداياتهم. تتحول الأوضاع إلى أسوأ. انتهازيون والمطبلون يصورونه للحاكم بصورة زاهية مخالفة تماما للواقع. ولان الحاكم يريد أن يصدق ذلك بقوة يسهل على البطانة إيهامه بذلك. يكافح الشعب ويدفع ثمن غالي فقط للرجوع إلى النقطة التي كان عليها ليلة الإنقلاب.
الكثيرون لا يستطيعون الفكاك من الخلفيه الثقافية او الفكرية التي شكلتهم. عندما نختار عسكريا فإن تحدياته وخياراته تكون متأثرة بخلقيته العسكرية .وتثور مشكلة حقيقية عندما عند تتعارض بعض جزيئياتها مع مبدأ ثابت أوعند إتخاذ قرار صحيح غير متوافق مع هذه الخلفية .العسكري لا يحاول بقوة الإنفكاك من هذا التاثير وغالبا هو لا يريد ذلك.
الخلفية العسكرية تجعل الحاكم القادم عبر إنقلاب يجعل كل تركيزه في عدم تكرار الآخرين لفعلته. أىالإستيلاء على السلطة بقوة السلاح. هذا يجعله يستخدم أغلب موارد الدولة ? وربما إقترض- لتأمين وجوده. منذ اللحظة الأولى له في السلطة يبدأ الإنحراف عن المصلحة العامة (الشعب) للمصلحة الخاصة (شخصه). كما نجدهم يفكرون أولا في معالجة كل القضايا بقوة السلاح. الحكام العسكريون يسهل خداعهم بالأمنيات. وهو ما يستغله الإنتهازيون عن طريق الوهم المنظم . هذا ما يؤدي للتأثير عليهم ودفعهم لإتخاذ قرارات بعينها غالبا ما تزيد الأوضاع سوءا.
يندفع العسكريون لإتخاذ قرارات ثورية بتأثيرات زمانية ومكانية. بينما القانونيون يفضلون التأني ودراسة الأمور من كل الجوانب. بصفة عامة لا يندفعون في إتخاذ قرارات ثورية . والسبب وعيهم التام بالعواقب التي ترتبها أفعال غير مدروسة أو لا ترتكر على ارضية صحيحة.أو على الأقل يمكن المجادلة إستنادا عليها.
وبالطبع لكل جوانبه الإيجابية والسلبية.فالإندفاع والتعجل في إتخاذ قرار ما ربما يكون الأفضل في بعض الحالات بدلا من التريث والتأني بينما التأني قد يكون الأفضل في بعض الأحوال.لكن بالنسبة للقانوني فإنه لا يتهيب الجدل ولا يهرب منه بل يطلبه للمزيد من البحث قبل إتخاذ القرار بينما العسكري غالبا ما يضيق بالجدل ويفضل المسارعة بإتخاذ القرارات.
لكن للقانونيون ايضا عيوبهم. بعضهم وفي سعيه للكمال قد ينشغلون بتفاصيل التفاصيل.على حساب القضايا الكبرى. وغالبا ما يضخمون هذه التفاصيل الصغيرة يجعلونها أولوية. كثير ما يغرق الناس في النقاش في أمور جدلية. أمور مثل تحديد الهوية والإنتماء الفكري والتوجه القومي وغيرها. وهذه أمور يمكن أن تكون من إختصاص إدارات صغيرة في مؤسسة ما. بينما توجه الموارد إلى قضايا التنمية و الصحة والتعليم ومحاربة الفساد وإعادة تشغيل المصانع وزيادة الإنتاج الزراعي والصناعي وبناء المخازن لضمان إستقرار الأسعار والتصدير وفق أسس مربحة وتسهيل حركة إنسياب البضائع إلخ.
.
السياسي المشبع بالولاء الحزبي فقد يميل به ولاؤه عن المصلحة العامة. ينحرف بسبب الكيد السياسي . يحدث ذلك عند التأثر الشديد بأراء ومعتقدات يرى ان كل ما سواها غير صحيح. وانه وحزبه يمتلكان الحقيقة المطلقة.ولا يعلم ان نصف رأيه عند اخيه.النتيجة إنشغال شديد بالمكايدات السياسية لتطبيق اراءه احادية فقط.
على دول العالم الثالث إذا ارادت ان تلحق بركب العالم أن تختار حكام بخلفيات إدارية.أن تعرف انسب الطرق للإستفادة من الموارد المتاحة بأفضل ما يمكن. كيف تواجه المشكلات الحقيقية وتعمل بإخلاص لإيجاد الحلول لها.
الإداريون الناجحون المخلصون يعرفون كيف يديرون الموارد البشرية بنجاح. . يمكنهم الإفادة من العسكري في ترسخ الأمن والإستقرار دون أن تقوده رغبته في تحديد كيفية هذا الإستقرار أو التحكم في مكوناته. عندها تقود الإدارة الناجحة الدولة بعيدا عن مطبات النزاعات المسلحة التي كثير ما يستدعيها إستفزاز السياسيون وعناد العسكريون..وكذلك الإستعانة بالقانوني ليصيغ لها القوانين التي تحفظ حقوق الناس وموارد الدولة. الشرطي الذي يبطق القنون بعدل. الإدارة الواعية تنزع فتائل النزاعات المحتملة .
وعندما تعمل بتفان وإخلاص وباقل عائد مادي فإنها تلقائيا تحارب الفساد وتهزم مناورات السياسيين . عادة ما يزهد الناس في عمل كثير ومردود مادي قليل. وبتطبيق القوانين يرتدع المجرمين المحتملين. لا يتوقف عمل الإدارة الناجحة عند ذلك لكنها تدرس خياراتها وتحدد أولوياتها قبل أن تختار لكل مرحلة رجالها. ثم تقوم بإعداد هولاء القادة جيدا لمعرفة التحديات التي ستواجههم.
يمكن أن تختار الدول حكامها وفق مواردها. فإن كانت بلد زراعي فربما كان الأفضل الحاكم من الزراعيين بخلفية إدارية أو يقودها مهندس زراعي أو مزارع. لمواجهة التحديات الأساسية والضرورية. مثل توفير الغذاء أولا لشعوبها.فقد لا تملك المال اللازم لأستيراد ذلك من خارجها كما انه يأتي بقروض وشروط صعبة. لهذا يمكن للحاكم بخلفية زراعية أو صناعية في بعض الدول التي تصدر خاماتها رخيصة وتستوردها مصنعة بتكلفة عالية [ن يضع اللبنات الصحيحة وفق أسس قوية ومعايير حديثة للوصول إلى إنتاج أكثر والتصدير بعد تحقيق الإكتفاء الذاتي .
وربما يحتج البعض بأنه يمكن للحاكم أن يكون من أي خلفية طالما هنالك مساعدون ومستشارون يمدونه بالنصائح قبيل إتخاذ أي قرار. وهو أمر معلوم ومعمول به في كل الدول. لكن التأثير النوعي لبعض هؤلاء المساعدون في دول العالم الثالث. هو ما يصبغ قرارات الحاكم بناء على مافي دواخله . أي بميله الطبيعي بحكم خلفيته نحو رأي ما .قد لا يكون هو الرأي الصائب لكنه الأقرب لنفسه. كثير من القرارات تأتي لمصلحة الحاكم وحاشيته من الإنتهازيين على حساب فقراء الشعب. وهذه من أقوى الاسباب التي تجعل هنالك دول نامية ودول نائمة.
والسؤال المهم هو :ماذا يفعل الروءساء بعد مغادرة المنصب الرفيع؟
في أوربا وأمريكا بعضهم يقومون بإلقاء المحاضرات حول العالم ويشاركون في حل النزاعات والدعوة لكوكب آمن . وأغلبهم يكتبون مذكراتهم التي ينتفع بها من هم بعدهم.
لكن في كثير من دول افريقيا واسيا وامريكا اللاتينية لا يفكرون في مغادرة المنصب.
حسبنا الله ونعم الوكيل
منير عوض التريكي
[email][email protected][/email]