مقالات سياسية

رداً على الحلقة الثانية من مقال د.النور حمد 2

د.ابوالحسن سيداحمد

رداً على الحلقة الثانية من مقال د.النور حمد ” هنا يكمن التكلس اليساروي” المنشور في جريدة التيار بتاريخ 28 سبتمبر 2020م.

يبدو لي أن د. النور حمد قد فارق منهج أستاذه المفكر الشهيد و أعظم مجدد إسلامي على مدى العصور محمود محمد طه و قرر السير في دروب موحشة متخذاً منهج السناتور الامريكي جورج مكارثي صاحب الحملة الشهيرة في العداء لليسار الأمريكي و تجريمه و التحريض على اقتلاعه.

و لكننا نرمي إلى ان نناقش بكل هدوء جميع التهم التى رمى على طاولة النقاش دون تمحيص حقيقي و في يقينية واثقة.
سوف احاول باختصار الرد على اتهاماته المتعددة التي ناقضت الواقع و الحقائق التاريخية و مبادئ النقد المنصف:

١ – يتحدث د. النور عن رفض و مقاومة الحزب لأي حركة تجديد من داخله و يضرب مثلاً بمواقف الخاتم عدلان و فارق محمد ابراهيم و الزيلعي و يتجاهل عمداً ان مسيرة الحزب منذ نشأته ١٩٤٦م هي تجسيد حي و متصل لعملية التجديد الفكري و النظري بصورة متواصلة و بأرتباط وثيق بالواقع السوداني ضمن الظروف الإقليمية و العالمية و تحت قياداته التاريخية العملاقة عبد الخالق و نقد والتي أصبحت رموزاً للتجديد الفكري الجريء على مستوى إقليمي وعالمي و نالت الاحترام على نطاق العالم. وقد سبق الحزب في هذا المجال جميع الأحزاب المشابهة له في العالمين العربي و الافريقي وشق طريقه بعيداً عن الخط السوفيتي و الصيني حول الموقف من القضية الفلسطينية و من تحليله المختلف للطبيعة الطبقية للانقلابات العسكرية التي تدعي التقدمية. كما سبق المراجعات الشهيرة في حركة اليسار العالمي عقب “بريسترويكا غورباتشوف” إذ اصدر الحزب وثيقته النظرية بالتبني الكامل للديمقراطية المبنية على التعددية الحزبية و صيانة الحريات الديمقراطية كافة منذ عام ١٩٧٧ في وثيقته الشهيرة ” جبهة وطنية لأنقاذ الوطن و بناء الديمقراطية” ابان الحكم المايوي. ثم عزز هذا الموقف النظر في الكتاب الذي أصدره كمال الجزولي إبان ديكتاتورية الأنقاذ بعنوان ” الشيوعيون و الديمقراطية”.

٢ – يحاول د. النور حمد بعث اشباح الماضي الخاسرة بادعائه تناقض الحزب مع عقيدة الأمة والدين الإسلامي وهي الفرية التي استخدمها الظلاميون في تقويض أسس الديمقراطية في أزمة حل الحزب الشيوعي الشهيرة عام ١٩٦٥م و التي وقف ضدها المفكر الإسلامي العظيم محمود محمد طه و بين مقاصدها الشريرة. هذه الفرية المسمومة يريد د. النور ان يعيد بعثها من جديد تحت مظلة أمريكية ضمن الحملة الصليبية التي يقوم بها اليمين المتطرف الحاكم في امريكا و الذي يستند على قاعدة انجليكانية اصولية مسيحية. يكفي في هذه الحالة ان نقتطف الفقرة التالية من برنامج الحزب الشيوعي لتوضيخ موقف الحزب حول موقع الدين و دوره و أهميته في المجتمع السوداني:

” نرفض كل دعوة تتلبس موقف حزبنا لتنسخ او تستهين بدور الدين في حياة الفرد و الأسرة، و في تماسك المجتمع و حياته الروحية و قيمه الأخلاقية، و تطلعاته للعدالة الاجتماعية. و نعتبرها دعوة قاصرة و بائنة الخطل ”
” و نسعي لنزع قناع الزيف عن البرنامج المعادي لمصالح الجماهير بأسم الدين و لطموحات الملايين من أبناء و بنات شعبنا و الرامي لوأد تطلعاتهم الوطنية والاجتماعية كما جرى ابتداء” من قوانين سبتمبر البغيصة و انتهاء” بقوانين النظام العام والأمن و القوانين الجنائية المختلفة حتى الجهاد بأسم الأسلام ضد الشعب تقتيلا” و تعذيبا” و تفرقة و قهر “..

٣ – يدعي د. النور حمد ان تجربة الحزب الشيوعي السوداني عبارة عن ميراث متكلس و صحراء بلقع ليس فيه مساهمة فكرية بناءة عدا المحاولات الموؤودة لفاروق محمد ابراهيم و الخاتم عدلان و الشفيع خضر من جانب ما سماه بالكهانة الأرثوذكسية القابضة على رقبة الحزب الشيوعي و الادعاء بأنها مجرد كادر نقابي متمرس ليس ألا سوف نبرهن في عجالة سريعة على مدى إسهام الحزب في إثراء الساحة الفكرية و السياسية و الأبداعية في شكل ميراث مكتوب شكل إضافة كبري و لعب دوراً لاينكر في تشكيل مخيلة و ثقافة أجيال متتابعة من الشعب السوداني و أصبح جزءً لا يتجزأ من ميراثهم الحي. الشهيد عبد الخالق قدم في مؤلفيه ” الماركسية و قضايا الثورة السودانية ” و ” وثيقة إصلاح الخطأ في العمل بين الجماهير ” مستوى فكرياً يضعه كتفاً إلى كتف مع ابرز رموز الفكر الماركسي روزا لكسمبيرغ و قرآمشي
و لينين. و القائد الفذ محمد ابراهيم نقد قدم للمكتبة السودانية ٤ كتب مرجعية في أرض فكرية بكر حول اهم قضايا تواجه بناء الأمة السودانية هي:

١ – علاقات الأرض في السودان: هوامش على وثائق تمليك الأرض.
٢ – علاقات الرق في المجتمع السوداني.
٣ – قضايا الديمقراطية في السودان.
٤ – حوار حول الدولة المدنية.

بالأضافة إلى كتيبه حول النزعات المادية لحسين مروة و الذي أدهش المفكر المصري محمود أمين العالم لدرجة ان قال بصراحة ان الكتيب اتبت ان الفكر الثوري الحقيقي في العالم العربي ينبع فقط من السودان. نضيف إلى ذلك الأنتاج الفكري الهام لثلة من مفكري الحزب أمثال الأستاذ محمد سليمان و المؤرخ محمد سعيد القدال و فاطمة بابكر و كمال الجزولي.
٤ – على جبهة الإبداع لعبت طلائع الحزب دوراً محورياً في ميدان الشعر و الأدب أمثال تاج السر الحسن، جيلي عبد الرحمن ، صلاح احمد ابراهيم ، محجوب شريف؛ حميد و في جبهة الفن وردي، مصطفى سيداحمد و عركي.
٥ – و في جبهة المنظمات الاجتماعية و الجماهيرية لعب الحزب الشيوعي دوراً اساسياً في بناء النقابات العمالية و اتحادات المزارعين و الاتحاد النسائي السوداني و ابرز من صفوفه قيادات تاريخية شعبية من قلب الجماهير ذات قدرات كارزمية عالية مثل قاسم امين و الشفيع و الحاج عبد الرحمن و سعودي دراج و شيخ الأمين وشيخ الخير و برقاوي و يوسف احمد المصطفى و فاطمة احمد ابراهيم و سعاد ابراهيم احمد و خالدة زاهر و زينب بدر الدين.

و هم جميعا” كما قال الشاعر صلاح احمد ابراهيم :
هذه اعمالنا ..
مرقومة بالنور في ظهر المطايا
عبرت دنيا لأخري تستبق
ما انحنت قاماتنا من حمل أثقال الرزايا
فلنا في حلك الاهوال مسرى و طرق
و لنا إرث من الحكمة و الحلم
و حب الآخرين
و ولاء عندما يكذب اهليه الأمين
و لنا صبر على المكروه ان دام ..جميل
و لنا في خدمة الشعب عرق
فابطشي ما شئت فينا يا منون
كما فتئ في مكة يشبه حمزة؟؟؟؟

د.ابوالحسن سيداحمد
28 سبتمبر 2020م.

تعليق واحد

  1. حزب عمره أكثر من سبعيين سنة مروا على قيادته ثلاثة فقط عبد الخالق نقد الخطيب و كل واحد منهم من كرسي قصر الحزب للقبر بعد دى تتحدث عن ديمقراطية. دي الديمقراطية الشيوعية الاسلامية ذات حوار الدولة المدنية ذات العلمانية المحابية للاديان؟ و حسين مروة بالمناسبة حسب الدراسات النقدية في محاولة اكتشاف غرامشي ذى عبد الخالق ضاع في وهم انه مثقف عضوي و كان مكذب شوف دراسة عالم الاجتماع الطاهر لبيب. و في وقت لم يعد المثقف العضوي ذاك الذي يؤمن باحزاب اللجؤ الى الغيب احزاب وحل الفكر الديني و لا ذاك المؤمن بايدولوجيات متحجرة اي النسخ المتخشبة من الشيوعيات الرسولية. الاحزاب الشيوعية في الغرب الحديث فارقت ماركسية ماركس الرسولية منذ ايام نقد غرامشي للشيوعية متاثرا بفكر ماكس فيبر قبل قيام الحزب الشيوعي السوداني بأكثر من عقد.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..