أخبار السودان

زيادة أسعار المحروقات والدولار الجمركي… أزمات تشعل الاسواق ..!!!

الخرطوم: مروة فضال

يمر الإقتصاد السوداني بعدة ازمات متوالية و تتصدر أزمة الوقود قائمة المشهد ،فما إن تختفي لأسابيع حتي تتجدد مرة أخرى، وترجع معها الصفوف وتزداد التعرفة مقابل ذلك،لا سيما أن السودان تراجع إنتاجه من النفط بعد إنفصال جنوب السودان في ٢٠١١ وكان ينتج ٤٥٠الف برميل يوميا، وتتجدد هذه الأزمة لعدة متغيرات حسب حديث وزير النفط والتي من أهمها تغير السعر العالمي للبترول،وبجانب ذلك زيادة اسعار الدولار الجمركي الذي يزداد تزامنا مع اسعار المحروقات ،كل هذه الزيادات تطبيق من حكومة الفترة الانتقالية لسياسات التحرير الإقتصادي التي شرعت في تطبيقها ضمن الإصلاحات الإقتصادية .

الأسعار العالمية
وقال وزير الطاقة والبترول في حديث سابق له مع “الراكوبة” ان العامل الرئيسي في إرتفاع اسعار الوقود وتغيرها كل شهر ،تغير السعر العالمي للبترول مبينا شراء الدولة للخام من الشركات الصينية وغيرها من الشركات العاملة في السودان .وأشار جادين الي إن الإنتاج الداخلي يغطي بنسب مختلفة من ٣٠الي٤٠% بين الديزل والبنزين.وأضاف قائلا أن سعر الوقود كان في فترة مدعوم بصورة كبيرة وكانت الحكومة قد وضعت خطة لرفع الدعم بصورة تدريجية حتي يتم التحرير الكامل.ولفت الي انه وبعد عمل تحديث للتقديرات التي كانت تعمل بها الوزارة إتضح ان هناك إستهلاك للوقود أكثر من التقديرات التي وضعتها.

عجز الموازنة

من جانبه قال المهتم بالشأن الإقتصادي محمد المصباح لفهم أسباب التعديل المستمر لأسعار الوقود و كذلك الدولار الجمركي ينبغي أولا أن نلخص الأزمة الاقتصادية الحالية التي يمر بها السودان، وتكمن الأزمة في جوهرها في عجز الموازنة العامة للدولة حيث تفوق المصروفات الإيرادات ويبلغ العجز حوالي 60% من الموازنة العامة.

وتابع محمد حديثه لـ”الراكوبة” وقال يؤدي وجود هذا العجز في ظل غياب المصادر الداخلية (كالسندات الحكومية) أو الخارجية (القروض والهبات) لتمويله إلى اتجاه الحكومة للاستدانة من البنك المركزي مما يؤدي إلى التوسع النقدي (تسمى أيضا الطباعة النقدية او الاصدار النقدي) مما ينعكس في شكل تضخم وارتفاع في الاسعادر فضلا عن سعر الصرف والذي هذا هو جوهر المشكلة.

وإستناداً إلى ما سبق يكمن الحل في جزء كبير منه في سد هذا العجز لوقف التدهور وذلك عبر زيادة الإيرادات الحكومي،مشيرا إلي إتجاه الحكومة للزيادة المستمرة في الدولار الجمركي لزيادة الإيرادات الجمركية خصوصا في غياب نظام ضريبي فعال.

وأضاف قائلا تعتبر الجمارك هي الحل الاكثر واقعية ولكن يجب العمل على تحسين النظام الضريبي أيضاً كهدف متوسط المدى، إضافة إلي تقليل المصروفات الحكومية والتي يأتي الدعم السلعي في مقدمتها كمصروف يستحوذ على حوالي 70% من إجمالي الموازنة الحكومية ويأتي في مقدمة هذه الدعومات دعم الوقود والذي كان يبلغ حوالي 70% من إجمالي الدعومات.

ونوه إلي ان الحكومة قامت حتى الآن برفع أسعار (وليس تحرير أو رفع دعم) الوقود مرتين وذلك لسبب واضح و أنه بالرغم من أن زيادة سعر إحدى السلع يقلل عجز الموازنة ولكن بقاء اي قدر من العجز يساهم في زيادة سعر الصرف وبما أن معظم هذه المواد المدعومة هي مستوردة فإن ذلك سيزيد مقدار الدعومات لجميع السلع .

وأشار محمد المصباح إلي إنه (يبلغ استهلاكنا من الجازولين حوالي 10 ألف طن يوميا ينتج محلياً حوالي 50% في حين يبلغ استهلاكنا من البنزين حوالي 4.5 ألف طن ينتج محليا حوالي 60%) وهكذا فإن زيادة سعر سلعة والابقاء على السلع الأخرى يؤدي دائماً إلى تكرار نفس المشهد.

ممارسة إحتكارية

وقال المصباح ما يفاقم من هذه المشاكل اصرار الحكومة على التحكم في استيراد هذه السلع حتى بعد القول بتحريرها فبعد زيادة اسعار الوقود تم تكوين محفظة للسلع الاستراتيجية لإستيراد الوقود وهي في ممارسة إحتكارية تساهم في خلق الندرة.

ونوه قائلا لا تستطيع الحكومة الخروج من هذا المأزق إلا بطريقتين الأولى رفع جميع الدعومات في نفس الوقت بما يسد العجز تماما وبالرغم من منطقية هذا الحل إلا انه يصعب تنفيذه للاعتبارات هشاشة الوضع السياسي والأمني الذي تمر به البلاد.

ويتمثل الحل الثاني في الحصول على قروض بما يسد العجز ويثبت سعر الصرف ثم رفع الدعومات تدريجيا وهو الاتجاه الذي تسير عليه الحكومة حالياً حيث انخرطت في مفاوضات مع البنك الدولي وصندوق النقد و الدائنين لإعفاء الديون والحصول على ديون جديدة لدعم الاقتصاد اولا من حيث عجز الموازنة وايقاف التدهور وثانيا للتمكن من الصرف على التنمية بما ينعكس على الأحوال المعيشية للمواطنين، وبالرغم من نظر الكثيرين إلى أن ما تنفذه الحكومة هو رضوخ لإملاءات خارجية إلا انه المنطق الاقتصادي البحت.

وقال المصباح تواجه الحكومة احد خيارين أحلاهما مر إما طباعة العملة لسد العجز لتوفير هذه المواد وبالتالي زيادة التضخم وسعر الصرف مما ينعكس سلباً على معيشة المواطن في بقية المواد غير المدعومة مما يزيد السخط الشعبي، أو عدم الطباعة وبالتالي عدم المقدرة على توفير هذه المواد وبالتالي تطاول الصفوف ويزداد السخط الشعبي، وعموما تتجه الحكومة للخيار الثالث دائما وهو الموازنة بين الامرين فترفع الاسعار تارة ثم تتلكأ فتتطاول الصفوف ثم ترفع الاسعار مرة أخرى، وسيستمر هذا الوضع إلى ان يتم أحد الحلين النهائيين .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..