من أين أتى هؤلاء..!!

عبد الباقى الظافر

سالت دموع الطيب صالح في آخر توثيق تلفازي عندما تحدث عن الوطن.. ولكن الوطن جار على الأديب الطيب يوم أن قامت عصبة من ولاة الأمر ورأت في أدب الطيب صالح «قلة أدب».. رد الأديب بعنف وأطلق كلمته ذائعة الصيت «من أين أتى هؤلاء؟».. في نهاية الرحلة تنازل الثوار واحتفوا بالطيب في عاصمتهم الخرطوم.

ذات التربص واجهه الفنان الكبير محمد وردي حينما اتخذ من المنفى وطناً.. وردي غنى لكل الثورات والإنقلابات باستثناء الإنقاذ.. بعد سنوات من الخصومة ثابت الإنقاذ إلى الرشد.. عاد وردي إلى الوطن.. بلغ احتفاء الثورة به أن يكون الرئيس المشير البشير آخر شخصية عامة تزور الفنان وردي قبيل رحيله إلى الرفيق الأعلى.

نشرت الزميلة الأهرام اليوم خبراً مفجعاً.. مجلس المصنفات الفنية والأدبية رفض إجازة قصائد لخمسة من فحول الشعراء.. من بين الذين سقطوا في امتحان أفندية المجلس الأستاذ مدني النخلي و الرائع أزهري محمد علي والشاعر المرهف التيجاني حاج موسى والهرم الأكبر عبدالله البشير.. السر دوليب عضو لجنة التقييم أفاد في تعليقه لمدني النخلي أن لاشيء يعيب هذه القصائد وأن الرفض تم لأسباب لا يصلح الإفصاح عنها.. ثم استدرك دوليب « ما انت عارف » .

مهنة النشر باتت عرضة للتحرشات.. الآن الصحافة السودانية تعاني الأمرين مع الحكومة والسوق.. عشرات الزملاء يجلسون في رصيف العطالة..البرلمان يلاحقهم بقوانين ترى في ملاحقة الأخبار ضرباً من الجاسوسية.. غول الأسعار جعل الصحف تأكل من لحمها وتقلل من عدد الصفحات حتى لا تصبح خارج متناول القراء الأكارم.. هل اكتفت الحكومة من نهش لحم الصحفيين واتجهت للشعراء والأدباء.. من قبل منعت السلطات أكثر من رواية للكاتبة الشابة أميمة عبدالله.. عندما ضاقت أرض النيلين بأهلها وجدت أميمة براحاً وسعة في مملكة الهاشميين التي طبعت لها آخر رواية بعنوان «نور القمر».

قبل أيام دشنت وزارة الثقافة عدداً من الكتب.. نُشر كتاب يجب أن يجد الاحتفاء والتقريظ.. ولكن زميلنا العزيز يوسف عبدالمنان شن من أخيرة صحيفة المجهر هجوماً على الحدث لأن من بين الكتب كتاب احتفى بلغة الزغاوة وآخر مجّد من التراث النوبي.. الصحافيون بدلاً من أن ينتقدوا الرقابة والتضييق باتوا ينتقدون الحكومة إن تفسحت في مجالس الحرية.

دائماً استغرب لموضة الأجهزة الرقابية التي صنعتها الإنقاذ.. مجلس للصحافة لا يشاوره أحد.. وديوان للمصنفات يجعل من أفنديته أساتذة يراجعون ويقيِّمون إنتاج من هو أكثر منهم علماً ودراية.. الأصل في كل إلا عامل الإباحة القيد استثناء إلا في عهد الإنقاذ.. إنتاج كتاب يحتاج إلى رخصة وكتابة مقال تستوجب قيداً.

الحرية أصل الإبداع وأساس التكليف.. الصلاة لا تؤدى إن كان المصلي حابساً للبول.. ومن قبل أفتى الشيخ الترابي بأن لا رأي لحبيس.. الذين يصنعون من الوطن سجناً عالي الجدران سيحاسبهم التاريخ.

أخي وزير الثقافة سجل موقفاً مشرفاً وقم بحل مجلس المصنفات قبل أن يهاجر مبدعو بلادي بإنتاجهم إلى بلاد بلا قيود وبلا مجالس.

آخر لحظة

تعليق واحد

  1. ما تعتمدوا كلام السر دوليب لانه شخصية هلامية وما عندو موقف ……….شنو يعنى يقول للشاعر انت عارف ؟ ما يوريه الحصل وهو راجل كبير كان لازم تكون ليهو كلمة مسموعة بين اعضاء الللجنة ويقول رايو بى شجاعة

  2. من قال لك ان الطيب صالح قال قولته الشهيرة (من أين أتى هؤلاء؟) فقط لأن الانقاذ اعتبرت أدبه (قلة أدب)؟ لماذا تسيء حتى للأموات وتقلل من قدرهم؟
    هل تظن الكتاب الكبار المتحررون من بلاط السلاطين يفكرون بانتهازية مثلك؟ يا كويتب الغفلة

  3. هانت الزلابية في زمن الانحطاط الفكري والثقافي والاخلاقي لا يمكن ان يكون هناك ابداع وفي التاريخ كلما تسلق سدة الحكم الجهلاء والرجرجة والدهماء والشذاذ وعدمي المعرفة كلما زاد الانحطاط والتخلف في مختلف المناحي …… اذا كان رئيس البلد يصف شعبه بالحشرات واذا كان مستشاره يصف الشعب بالشحادين واذا كان الولاة منغمسين في الرزيلة حتى اذنيهم واذا كان الوزراء ضالعين في الفساد حتى الركب فهل وسط هذا الجو الفاسد ان يسمحوا بنشر الابداع هؤلاء جهلة ومكابرين ولك الله يا وطن

  4. ما شاء الله عليكم يا شعراء الجاهلية ويا كتاب وروائيي العالم العربي والاسلامى والافريقى وحياكم الله ورفتم رؤوسنا

  5. اخى عبدالباقى اولا ان اصبحت اشك فى تحويلك من جريدة عثمان ميرغنى وهى حقت الموتمر الوطنى لجريدة اخر لحظة استثمار تابع لجهاز الامن والمخابرات الوطنى يعنى احمد وحاج احمد انت راجل طيب على فكرة نحن نعرفك جيدا وشكلك زهجان من النظام الظالم ده لكن البلد طبعا ما فيها حريات وكل صحفى بعد شوية حا يكون فى السجن او بيوت الاشباح سيئة السمعة انا عارفك خيالك خصب وفيه شىء من المبالغة عشان تحلى بية المقال المهم احسن من الكيزان الغيرك الحاقدين على اهل السودان والذين كرسوا كل جهدهم فى محاربة لقمة العيش الذى كان المواطن يتناولها ولسع قاعدين يبثوا سمومهم عبر التلفزيون القومى والاذاعة الذان يقاطعهما المواطن لانهما اصبحا قنوات تطبيل ودهنسة للنظام اعيب عليك اخى عبدالباقى وصف ناس الانقاذ بالثوار وذلك حين استقبال الطيب صالح الله يرحمة وكان من المفروض تقول الحرامية

  6. لماذا لم تذكر ان الان الانقاذ منعت تداول كتب الطيب صالح بالسودان لمدة اكثر من عشرين عاما … ثم اخذت تتمسح به لاكتساب بعض الشعبية من خلاله… وهذه هى سياسة هؤلاء القوم على الدوام .. محاربة المبدعين وتشريدهم … ثم التمسح بهم لإكتساب شعبيتهم.. قاتلهم الله

  7. انت يا ودكوش شخصيا الحارقك شنو نحن وعبالباقى اخوان وما تخش بين البصلة وقشرتها يا بتاع الجهاد الاكترونى يا مجاهد ياخ امشى مناطق العمليات ما تقعد فى المدن

  8. كوش شخصيا دحين انت ما معتصم حموده بالمناسبة دى وين زولكم ابوالشيماء وانا قاعد اعرفكم لية لانكم لاتقبلون النقد وعاوزين الواحد يطبل ليكم اعمى واطرش ودى ممكن تلقوها من الجهلة والماجورين حصريا
    انا واحد من مظلومى وضحايا الانقاذ وهم كثر لكن نرفع شكوانا الى الله عز وجل ينتقم لينا لاننا لانملك سلاح الا سلاح الدعاء الى الله والله ناصر عباده المظلومين

  9. كناطح صخرة يومًا ليوهنها ***** فلم يضرها وأوهى قرنـَهُ الوعـلُ
    الاخ عبد الباقى الظافر – نحمد لك مثل هذه الكلمات التي تكشف حالة سياسة البصيرة ام حمد فيما يختص بتضييق الخناق على الصحفيين والمبدعين – والسبب معروف ان الانظمة الشمولية تضييق بالحرية – وهؤلاء لا ينتجوا الا في عوالم الحرية – ولكن في هذا العصر كل الفضاءات مشرعة للمبدعين – وعملية التضييق اصبحت جزء من الماضي وكذلك اللجان والادوات والسلطة التي تقف وراء المنع انما تسير عكس التيار ، وتحرث في البحر وهي اشبه بذلك الوعل الغبي الذي يناطح الصخر ليفش غبنه

  10. أن يكون الرئيس المشير البشير آخر شخصية عامة تزور الفنان وردي قبيل رحيله إلى الرفيق الأعلى.
    ياربى يكون ملك الموت ونحن ما عارفين؟؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..