مأدبة علي الحاج هل تعيد للحركة الإسلامية سيرتها الأولى؟

*في ليلة خلت من توزيع المصاحف*

*مأدبة علي الحاج هل تعيد للحركة الإسلامية سيرتها الأولى؟*

*في أمسية شدى فيها (بأنغام) الأدب الجهادي المنشد زين العابدين طه, قصائد ألهبت مشاعر الحاضرين لمأدبة العشاء التي تداعى لها قدامى الإسلاميين بدعوة من الدكتور علي الحاج محمد الأمين العام للمؤتمر الشعبي بمنزله بضاحية الجريف في ما يعرف( بالقصر العشوائي) في ليلة السبت  تفاعل الحضور وتعالت صيحات التكبير من لفيف من قادة( الإخوان المسلمون) في السودان بكل مسمياتهم فكان في مقدمة الحضور متوكأً على عصاته الشيخ الصادق عبد الله عبد الماجد إلى جانب البروفيسور الحبر يوسف نور الدائم والبروفيسور عبد الرحيم علي ,البروفيسور زكريا بشير إمام وعلي عثمان محمد طه, الزبير احمد الحسن و عثمان الهادي , محمد عبد الله جار النبي, ربيع حسن أحمد و غازي صلاح الدين ,عبد الرحيم حمدي , دكتور الأمين محمد عثمان والشيخ إبراهيم السنوسي مساعد رئيس الجمهورية, والصافي جعفر,أمين بناني ,ولم يتغيب الجنوب حيث امتدت مجاهدات حركة الإسلام إلى هناك فشكل عبد الله دينق نيال وموسى المك كور حضوراً أنيقا ومن النساء جاءت عائشة الغبشاوي كما حضر بروفيسور محمد عثمان صالح, مأمون حميدة  الجزولي دفع الله ,محمد الحسن الأمين ,وأبناء المرحوم عبد الله ادم زكريا وأسرة المرحوم يسين عمر الإمام وأسرة الراحل حسن عبد الله الترابي  واسر أخرى لإسلاميين رحلوا إلى الدار الآخرة*.

*الأمين ونوابه:ـ*

ضمن طاقم الأمين العام للمؤتمر الشعبي شكل حضورا فاعلا نوابه ثلاثتهم احمد إبراهيم الترابي ودكتور ثريا يوسف وعبد الله أبو فاطنة فضلاً عن وزراء الشعبي بحكومة الوفاق الوطني وأعضاء البرلمان من الحزب وأعضاء الأمانة العامة وعدد كبير من قيادات المؤتمر الشعبي بولاية الخرطوم تقدمهم الباشمهندس ادم الطاهر حمدون أمين أول الولاية٠

*عناية فائقة:ـ*

 اعد المكان على أكمل وجه بعناية فائقة  في ساحة مجاورة للقصر العشوائي يتخذها الدكتور علي الحاج ملعباً للخماسيات , الجلسة أعادت للكثيرين ذكريات جلسة شهيرة أيام الإنقاذ الأولى في ظل الجبهة الإسلامية القومية في ليلة الرابع من ديسمبر 1990 حين  اجتمع مجلس شورى الحركة الإسلامية السودانية في منزل بشير حسن بشير بالخرطوم بحري حيث عرفت لاحقاً بليلة توزيع المصاحف والتي خاطبها الشيخ  حسن عبد الله الترابي الأمين العام للحركة.

*الافتتاح:*

بآيات من الذكر الحكيم افتتح  الجلسة الشيخ إبراهيم السنوسي مساعد رئيس الجمهورية بتقديم تولاه الدكتور علي الحاج بنفسه بعده رحب بالضيوف الكرام  وقدم  آخر الواصلين لحفل العشاء وهو الجزولي دفع الله الذي بدأ حديثه  وقال إنني لم  أكن أود ان أتحدث في هذا اللقاء لكن لا استطع ان اكسر بخاطر الأخ علي الحاج فهو زميل من الزملاء وتلميذ من تلامذتي في نفس الوقت.

*تزامل الأستاذ والطالب: ـ*

من ذكرياته القديمة قال الجزولي دفع الله ان علي الحاج  كان عضوا مشاغباً في نقابة الأطباء العموميين حين ما لم نكن مقتنعين بأداء نقابة الأطباء في ذاك الوقت وانشأنا نقابة الأطباء العموميين كان ذلك قبل ان نتخصص أنا وأخي علي ,لكن في نهاية المطاف استطاع زملاؤنا ان يرضونا  ولم يحدث الانشقاق الذي خططنا له, والشكر للأخ علي على هذا الجمع الطيب والممتد في التاريخ أنا لا أود ان اذكر الأسماء لأنني أشاهد عددا من الإخوان الذين لم التق بهم من وقت طويل وسعدت جدا بلقائهم ولعل هناك آخرون لا اعرفهم ولم التق بهم من قبل, دعونا قبل ان ندلف إلى الحديث ان نترحم على الأموات وفي مقدمتهم الشيح الراحل حسن عبد الله الترابي واحسب أنا وإخواننا الذين إمامي الآن في (القصر العشوائي) كما كان يسمي كل منهم قد دفع في مرحلة من مراحل الحياة وأي  كان جهده  صغيراً او كبيراً  لابد انه حينما تجتمع كل هذه الجهود تتعاظم ويكون ثمارها واقع حركة الإسلام في هذا البلد ونسال الله ان يجزي كل حسب جهده وأقول مهما اختلفت بنا المشارب وتشتت بنا الطرق سيظل في قلوبنا ووجداننا حباً للإسلام ولهذا البلد ونرى ان في الإسلام من مبادئ وأسس ما يمكن من بناء الأمة الإسلامية وان يستنبطوا منها ما يصلح لحياتهم حاضرها ومستقبلها أنا لا أود ان أتحدث أكثر أتمنى لكم جميعا  التوفيق وان يبارك الله في جهدهم وان يكون من بين الذي يسعون إليه ان يكون الإسلام الحي المتجدد في قلوبهم ولان الدين  خلق ليقود الحياة وينميها ويكون منا خير امة أخرجت للناس ونشكر الأخ علي الذي جعل هذا الاجتماع ممكناً .

*لقاء اجتماعي :ـ*

علي الحاج رحب بالحضور وأردف ان القصد من هذا اللقاء ليس ان أتحدث او ان يتحدث غيري بل القصد منه هو لقاء اجتماعي لأنني منذ ان كلفت أمينا عاما كنت أود ان التقي بإخوتي على اختلاف مشاربهم وإشكالهم وألوانهم وأفكارهم لكن لم استطع لظروف ربما تقدرونها انتم ,وأنا هنا أتذكر عندما جندت للإخوان المسلمين من قبل إخوة كرام جندوني للدعوة فيها في العام 1953م ومنذ تلك الفترة كنت  التقي بقادة الإخوان منهم الشيخ الصادق عبد الله عبد الماجد أمد الله في عمره وهو الآن بين ظهرانينا والأخ الرشيد الطاهر بكرـ رحمه الله ـ والأخ دكتور محمد عوض الله صالح وأخ  آخر مصري الجنسية اسمه دكتور الشروني  ـ رحمه الله ـ وآخرون.

*رجالا صدقوا ما عاهدوا الله عليه:ـ*

في حديثه ترحم الدكتور علي الحاج على روح الأخ الشيخ  الترابي ومن سبقه من إخوة ذهبوا إلى الله بعد تضحية ومجاهدة كبيرة ومن التحق بهم من بعد ذلك وآخر من التحق بهم اليوم قبل ساعات من هذا اللقاء و قبرناه قبل ساعات هو الأخ  الكريم بروفيسور ميرغني علي محمد احمد وهو شقيقي للأخ المهندس كمال علي محمد احمد وكان من المدعوين إلى هذا اللقاء ولكن شاء  المولى ان يكون بجواره فله الرحمة. 

*قصص من التاريخ :ـ*

تعلمون ان لي قصة مع كل واحد فيكم والحمد لله ولكن قصتي التي سأقولها الآن استميحكم عذرا فهي مع الأخ الراحل ميرغني هكذا ذكر علي الحاج  صحبته مع الراحل ميرغني وقال لقد تعرفت عليه في خور طقت في يوليو من العام  1955م في حلقة (أخوكم في الله) واستمرينا في  دفعة واحدة وفصل واحد وشاء الله لي مع إخوة آخرين ان نفصل من خور طقت الثانوية لأسباب  تعلمونها واتينا إلى مظاهرة في الخرطوم  كانت مشهورة  أيام الأحزاب ,وسكنا في منزل أسرة ميرغني في المسالمة في أم درمان وهذه أول مرة لسكنتي في الخرطوم ومعي غيري من الإخوة  سكنا مع الأخ ميرغني في منزلهم وكان الرابط بيننا هو أخوكم في الله ليس هناك أي رابط آخر ولا شئ يجمع بيننا والآن  أتيت بكم هنا و الرابط بيننا هو أخوكم في الله ليس بيننا أي رباط آخر لا عرق ولا لون فقط أخوكم في الله والأعمال بالنيات.

*على ذلك من الشاهدين:ـ*

الأمين العام في ترحيبه بضيوفه الكرام قال (اجتمعنا في هذه الجلسة  التي دعوتكم لها ومشكورين استجبتم والحمد لله وبالطبع بدأنا جميعاً كحركة إسلامية  منذ ان كنا في الإخوان المسلمين , ومررنا بأطوار متعددة جبهة الميثاق ثم الجبهة الإسلامية القومية والمؤتمر الوطني ثم المؤتمر الوطني الشعبي ثم المؤتمر الشعبي وكل هذه الأسماء التي سيتموها, سميناها نحن وأنا على ذلك من الشاهدين ليس هناك اسم منزل لكن الآن بلا شكل انتم اكبر من ذلك فيكم من أصبح رئيسا وفيكم الوزراء والسفير وانتم  الآن لا تمثلون الحركة الإسلامية وربما كان لكم الفضل من بعد الله ,ربنا هو من جعلنا  إخوان مسلمين ولكنا نحن إخوان مسلمين حقيقة؟؟ الله اعلم.

*مراحل تاريخية:ـ*

قال علي الحاج في ذات المساء ندعى إننا إخوان مسلمين وأنا الآن عندما أتحدث إليكم أقول يجب ان نتحدث عن حركة الإسلام وهي إطار أوسع من حركة الإخوان ونحن كإخوان هذه المحطة بالنسبة لنا كانت مرحلة تاريخية نقرها ونتحدث بها ولكن الأفاق الآن اتسعت تماما في كل العالم وحركة الإسلام أصبحت أوسع وحتى في السودان اليوم أصبحت أوسع يجب ان لا نحصر أنفسنا في مكان ضيق يجب ان ننطلق  ونذهب إلى الأمام.

*مهددات ومحددات:ـ*

 في حديثه قال علي الحاج نحن الآن مهددون من كل صوب والأعداء متربصون وليس في ذلك قرابة هذه هي شيمة الأعداء ولكن علينا ان نتمسك ونتوحد ونكون على كلمة سواء دون ان نتقوقع  ويجب ننفتح على الآخرين نعترف بالأخطاء نتوب إلى الله توبة نصوحة هذه معان لا بد منها .

*السودان بخير:ـ*

نلتقي في هذه الجلسة ودعواتنا لبعض الإخوة الذين حال المرض بيننا وبينهم  ولم يستطيعوا الحضور من ضمنهم اختنا سعاد الفاتح وقبل قليل جاني خبر أنها (تعبانه) ما قدرت تصل أدعو الله لها بالشفاء وان يوفقنا جميعا إلى ما فيه خير العباد والبلاد ,والحمد لله تعلمون إني كلفت بالمسؤولية والآن لي بضعة أشهر وقد سمعت ورأيت وقرأت واحسب ان السودان  مازال بخير, السودانيون عامة أنا بتحدث عن السودانيين عامة ولكن الحركة تحتاج فيها إلى مراجعة لست بالضرورة الآن وإنما على الأقل نتأسى بالرسول  صلى الله عليه وسلم القائل  إذا استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كذا وكذا ويجب ان نتأسى صلى الله عليه وسلم في هده المقولة.

*وحدة على بينة:ـ*

 الأمين العام خاطب الحضور وذكرهم بمساعيه للسلام وقال انتم  تسمعون إننا نسعى لإيقاف الحرب والدعوة للسلام ووحدة البلاد, وإذا كنا نسعى  لكل هذه المسائل ينبغي علينا ان نتوحد على بينة وعلى كلمة سواء ليست على عاطفة وإنما على بينة وأنا أقول هذا القول بالطبع  بعضنا قد يتفق وبعضنا قد يختلف وإذا اختلفنا  يجب ان لا نتشاكس ولا نتنابذ, والقرآن يأمرنا بتحريض المؤمنين على القتال مهمتنا نحرض ونعتقد إننا كوننا ندعو آخرين أولى بنا ان ندعو بعضنا وان لم نتفق يجب ان نتسامح وإذا كنا ندعو لوحدة السودان يجب ان نتوحد نحن أيضا ولذلك أقول هذه الدعوة واعدكم مرة أخرى إذا مد الله في العمر ان نأتي وقد يكون هناك متسع من الوقت.

*بر بالصحبة:ـ*

قال علي الحاج أنا أعددت على عجل هذه القائمة وفيها أكثر من 150 شخصاً  فضلاً عن أبناء إخواننا الذين رحل إباؤهم وأمهاتهم بدءا من الرشيد الطاهر وأخونا علي طالب الله ثم مروراً بالآخرين يسن عمر وخالد عمر ومكي عمر وعلي عبد الله يعقوب وعبد الله ادم زكريا والشيخ حسن وعبد الله حسن احمد وأخيرا الآن أخونا ميرغني علي,دعونا أبناءهم ليتعرفون عليكم  وهذه يجب ان تكون  مسألة مؤسسة أكثر من ان تكون كما فعلنا الآن  دعوة مرتجلة وقمنا بهذا العمل  واسأل الله ان تعفوا عنا ان كان هناك  أي خلل وان كان هناك بعض الناس  لم تصلهم الدعوات وأنا أقول هذا القول لان ربما كان هذا هو اللقاء ما قبل يوم المحشر انتم تعلمون  ماذا يعني يوم المحشر.

*مصير الأولين والآخرين:ـ*

بدأ في حديثه مذكراً الأمين العام للشعبي الدكتور علي الحاج إخوته بيوم  المحشر يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وأردف ان الآيات في القرآن لم تذكر وطني ولا شعبي ولا شيوعي ولا إخوان مسلمين ولا إخوان غير المسلمين فقط لكل امرئ يومها شأن يغنيه, وقد تكون  هذه آخر جلسة لنا لا ندري نسأل الله تعالى ان نكون من الناضرة وجوههم  ولا نكون من الكفرة الفجرة وعلينا ان نتذكر ونتدبر وإذا كان في العمر بقية  وكان بالجسم قوة وهمة وإرادة  سيكون لنا لقاء آخر لا أود ان أطيل  وأشكركم وأدعو الأخ محمد سيد ليختم هذا اللقاء .

*مشاهد من الحدث:ـ*

عم المكان الهدوء بعد التحية والسلام , إلا من ابتسامات بين الكبار يظهر فيها رهق السنين بنشوة الجلسة والفرح الذي رسمته على الوجوه,لكن من عمق التفكير والتدبر ينساب إحساس بغير ذلك ,فما استفاض صاحب الدار مرحباً ومذكراً انكفأ كل على نفسه وعادت الذكريات وربما محاسبة النفس في لحظة أعادت الكثير من المواقف الذي رافقت مفاصلة الإسلاميين الشهيرة في العام 1999م, فعلي عثمان بينما هو يتجول بنظره بين الحاضرين جعل وجهه بين كفيه مغمضتين ولم يتوقف رأسه عن الاهتزاز طيلة فترة حديث الأمين العام ,وكذلك بروفيسور عبد الرحيم علي هو الآخر كانت الحيرة تبدو عليه بينما انفرد كل بنفسه وجعل البصر يجول بين الحاضرين في حديث صمت هو كان عنوان المكان والقاسم المشترك, قبل ان ينتهي لقاء العشاء بعنوان عريض كيف تنام هذا المساء.

*الوان*
[email][email protected][/email]