الحال..بعد أكثر من نصف قرن من الاستقلال

نعيش هذه الايام اجواء الذكري الثامنة و الخمسين لاستقلال السودان, و خيرا فعل التلفزيون القومي بتقديم احداث الاستقلال و رجالها الذين بذلوا النفس و النفيس من اجل تحقيق الاستقلال ..ونحن( معذرة) قوم لا نهتم كثرا بالتاريخ رغم ان المتفق عليه هو “ان الامس لفهم اليوم و اليوم للتخطيط للغد” وفى ثقافتنا “الماعندو ماضى ما عندو حاضر”..و ترسخ في تفكيرنا بان الطالب الممتاز والذكى هو ذاك المتفوق في الرياضيات و العلوم..وينسب لأحد أساتذتنا الاجلاء فى جامعة الخرطوم أنّه كان يمازح طلابه بالقول بأن سوق العمل جاهز لخريجى الهندسة و الطب أمّا اخوانا خريجو الاداب و الاقتصاد فيجلسون شهرين فى المحطة الوسطى ثمّ يتحولون الى سياسيين و ينسب له أيضا ” الجامعة اداب و اقتصاد و بقية الكلّيات حرف”..و أستحضر من أيام المرحلة الثانويه بعطبره أنّى كنت من انصار استاذ فضل الله استاذ الفنون “له التحية و الاحترام أينما حلّ” الذي كان يقول دائما بان الذكاء ليس حكرا للرياضيات و انما ذكي ايضا ذلك الذي يتميز بالخط الجميل… و اعتقد بل أكاد أن أجزم أنّ ذلك كان جزءا من التخطيط الاستعماري لسببين اولهما انهم يحتاجون للفنيين لتسيير دولاب العمل فى المواقع ذات الصلة و ثانيا بان خريج العلوم الانسانيه و الادبيه من تاريخ و جغرافيا سيذهب به التفكير الي اتجاهات تتعلق بالوطن و الاستعمار و الاستقلال ( لأنهم سياسيين بحكم الضرورة كما كان يقول أحد كبار الاساتذه فى جامعة الحرطوم أيّام شنّتا و رنّتا) و على كل حال فان بناء الامه يحتاج لكلّ لفروع العلم فى عملية تكاملية )..
نحتفل هذه الايام بذكري الاستقلال و حين نسترجع شريط التاريخ و الذكريات نشعر بالاسي باننا أضعنا الكثير من الجهد و الوقت في صراعات حزبيه سياسية ليس اساسها معايير التنميه و النهضة و بناء الامه وانما كل صراعاتنا كانت و لا زالت قبليه جهويه و جماهير تسير خلف الزعيم رغم عدم وضوح رؤيا سياسيه يطرحها هذا الزعيم او ذاك ..صراعات ادت في كثير من الاحيان او بالاحري في كل الاحيان الي تاخر و تخلف الحركه السياسية الديمقراطيه تؤمن بالرأى و الراي الاخر.. و اقولها “بالفم المليان” بان القوات المسلحة ليست مسؤوله وحدها عن وأد الديمقراطيه و تعطيل ان لم يكن الغاء تطورها..الّا للتدخلات الحزبية عبر كوادرها و ذاك كله فيما اري لأنّ نشاة الاحزاب لم تكن بالطريقه الطبيعيه و علي اساس دستور يرتضي به الناس و يحدد كيفية تاسيس الاحزاب و المبادئ و المعايير المطلوبه و الخطوط الحمراء في النشاط الحزبي, و باختصار مع الاعتذار مسبقا للزعامات الحزبيه فان الاحزاب قامت علي اساس الطائفيه و القبليه و البيوتات و الجهويه فكانت النتيجه احزاب لا تطرح برامج للتنمية و منهج سياسي يضبط الانشطة الحزبيه مع ضعف او غياب تام للفئات المتعلمه التى اكتسب بعض الخبرات السياسيه باستثناء المجموعات ذات الولاء الطائفي و القبلي (رغم التعليم و الوعى السياسى و أتّخذه البعض و الى يومنا هذا “أقصر الطرق لتلبية الطموحات و التطلعات لالشخصية ) وانضم المتعلمون من خارج الدوائر القبيلىه و الطائفيه الي حركة اليسار بهدف تغيير تركيبة المجتمع النقليدي ..ثم ظهرت الحركات الاسلامية السياسية بعد ان كانت الساحة تملؤها الطرق الصوفيه املا في قيام دوله اسلامية و اثمرت فى قيام منظمات الاخوان المسلمين, الميثاق الاسلامى و الجبهة الاسلامية التي وصلت للحكم فى نهاية عقد الثمانينات من القرن الماضي عبر القوات المسلحه مع ملاحظة ان كل المجموعات السياسية حاولت ذلك عبر الجيش منذ الانقلاب الاول الذي قيل ان الجيش تسلم السلطات بتعليمات من الحكومه المدنيه القائمه انذاك نتيجة الخلافات الحزبيه بعد الاستقلال مباشره (1958 ) ..ثم العهد المايوي بقيادة يساريه في اولها ثم يمينيه , عروبية, اسلامية حتي انتفاضه 1985 ثم اسلامية خالصه منذ 1989.. وهذا يقودنا الي اثبات حقيقه لعبت دورا سلبيا في التطور الطبيعي للحزبيه و الديمقراطية و هي ان التطور في اي مجال يحتاج الي درجه معقوله من الاستمراريه للارتقاء و التجويد عبر الممارسة و الاستفاده من الاخطاء و القصور في تصويب المسار وذاك لم يتح للاحزاب السودانيه و بالتالي غياب الاستمراريه الضروريه للتطور و الارتقاء بالاضافه لطبيعه نشاة الاحزاب التي ادت الي هشاشة النظام الحزبي ..لا بد من ان تتنافس الاحزاب لطرح برامج محدده تلبي احتياجات الناس من امن ,صحه ,تعليم, حياة كريمة ألخ الخ ……و نلقي اللوم كله علي الشعب فالشعوب تقودها مجموعات سياسية تتبنى مختلف الاتجاهات و المواقف فكل شعوب الدنيا لم تنم و تصحي علي امور مرتبه فالتاريخ يقول ما حدث في اوروبا من الحروب و القياصره قبل ان تصبح بهذا الذى نراه و “نعجب” و كذلك امريكا التي عاشت في حروب لما يقارب المأتين عاما تتمتع في رايي بنظام حكم ديمقراطي ممتاز..( الدليل أنّه أتى بأوباما أخونا فى الجنس), دولة الارجنتين كانت من مستعمرات البرتغال اليوم تقدم الاسعافات و القروض الماليه للدولة التى أستعمرتها و قبل الختم ننوه بان مشاكل السودان ليست الاحزاب و غياب الديمقراطيه نعم هي مهمه و خطيره لكن ما يهدد مستقبل هذا البلد هو الصراعات و الاقتتال و الدمار الذي تعاني منه معظم اجزاء السودان..والمطلوب من الجميع شمالا و جنوبا و شرقا و غربا الارتقاء فوق الصغائر و العمل لنهضة و تطوير و تنمية السودان في كل اقاليمه من خلال برامج تنمويه متوازنه يلعب فيها اهل الاقليم المعني الدور الاكبر مع دعواتنا وأمنياتنا أن يختفى مصطلح المناطق ” المهمشة” فى قاموس السياسة السودانية و ليكن الشعار من كلّ حسب طاقته و لكلّ حسب حاجته” و الحمد لله فليس هناك أقليم فى السودان لا يتميزّ بأمكانيات أقتصادية فقط نحتاج لخطة تكاملية بين الاقاليم و…..و…..ننطلق بعون الله. فنحن نجلس بل الاصوب ننوم فوق امكانيات اقتصادية هائلة …ليس هذا احلام و أمانى بل هكذا يقول دهاقنة الاقتصاد فى العالم.
و كل عام و السودان بخير ..وعلى خطى التنمية يسير………

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. كلامك ده كان مقبول قبا الوزاره يابروف لكن بعد ات تلوثت مع الاتقاذ احتفظ بنصحك ونليلك لنفسك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..