الحريات الدينية .. شروط أمريكا للتطبيع

أنهت الولايات المتحدة في أكتوبر الماضي عقوبات اقتصادية على السودان إستمرت لعقدين من الزمان، إلا أن العلاقات بين البلدين مازالت تعتريها بعض العقبات، ورهن نائب وزير الخارجية الأمريكي جون سيلفيان تحسن العلاقات بين الولايات المتحدة والسودان باحترام حقوق الإنسان والحريات الدينية، وتطبيق السودان للمسارات الخمسة المتفق عليها، وقدم سيليفان خطة عمل وزراته للحريات الدينية في السودان، ووجدت تلك الخطة اعتراضاً من هيئة علماء السودان التي أصدرت بياناً تحتج فيه على ما جاء في الخطة، فيما أرجأها رئيس مجمع الفقه الإسلامى للدراسة مع هيئة علماء السودان والأجسام الأخرى ذات الصلة .
تعديل القوانين
قدم نائب وزير الخارجية الأمريكي خلال زيارته لرجال الدين (مسلمين ومسيحيين) خطة عمل وزراته للحريات الدينية في السودان، تتضمن تعديل القوانين، وحددت مواد بعينها في قانوني الجنايات والأحوال الشخصية لسنة 1991.. بحاجة إلى التعديل وهي مواد (الردة- 126، الكفر 125، الأعمال الفاضحة 152) من القانون الجنائي، ومواد رعاية الطفل والميراث في قانون الأحوال الشخصية.
وشددت الخطة التي قدمها سيلفيان على ضرورة إطلاق سراح وإسقاط التهم عن المسجونين على أساس الاعتقاد الديني، وفي وقت سابق دعا نائب وزير الخارجية الأميركي جون سيليفيان السودان، إلى وقف أعمال هدم «المساجد والكنائس» وقال إن واشنطن ستدفع باتجاه تعزيز حقوق الإنسان والحرية الدينية في البلاد. وقال سيلفيان أمام تجمع لممثلي الطوائف، والمجتمع المدني: يجب أن تتعامل الخرطوم مع ملفات تعزيز حرية التعبير وحقوق الإنسان، حيث سيكون لها «دور أساسي» في تقرير مستقبل العلاقات بين البلدين، وقال مع تقدم العلاقات في ما بيننا، لن تتجاهل الولايات المتحدة انتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك الحق في الحرية الدينية» وفي السنوات المقبلة سيكون تعزيز السودان لسجله في مجال حقوق الإنسان، وبخاصة الحرية الدينية أحد «مقاييس قوة» العلاقة بين البلدين.
لايوجد تعارض
وبالمقابل انتقدت هيئة علماء السودان الخطة التي قدمها نائب وزير الخارجية الأمريكي، وقال الأمين العام لهيئة علماء السودان بروفيسور محمد عثمان صالح إن القوانين الموجودة لا تتعارض مع حرية الأديان، وأضاف أن حرية الأديان تسمح لكافة الأديان أن يمارسوا بحرية تامة طقوسهم وعاداتهم، وأوضح في حديثه لـ(آخر لحظة) أن الغرض من تقديم تلك الخطة هو لعدم خضوع السودان لهم فى أمور كثيرة، وسيظلون يواصلون الضغط عليه، وأضاف لابد من وقفة صلبة لمقاومة أى تدخل في شؤوننا الدينية.
وكانت الهيئة قد أصدرت بياناً قالت فيه ?إن الاستمساك بثوابت الأمة محل إجماع بين جميع أهل القبلة ولا تفريط في ذلك?. وأضاف إن ?حفظ حقوق الإنسان عامة وحقوق أهل الأديان من صميم منهج الإسلام، ولم يعرف هذا البلد صراعاً دينياً وعقدياً، وقد عاش أهل الأديان في أمن وسلام منذ القدم?، وأشارت الهيئة، الى إن المشكلات التى تنتج عن بعض الممارسات وما ينجم عن ذلك من ظلم أو تعدي أمر يرفضه الإسلام وتجرمه القوانين، وندعو لمراجعة كل الظلامات ورد الحقوق لأهلها وفق منهج الحق والعدل وضوابط القانون.
وفى السياق قال رئيس مجمع الفقه الإسلامى عصام أحمد البشير إنه سيدرس خطة وزارة الخارجية الامريكية التي طرحها نائب وزير الخارجية الأمريكى لرجال الدين بمسجد النيلين، وأوضح عصام أن مجمع الفقه سيدعو هيئة علماء السودان والأجسام الأخرى لمناقشة الخطة.
تدخل واعتداء
وقال أستاذ العقيدة والأديان المقارنة بجامعة بحري د.إسماعيل صديق إن الخطة التي قدمها نائب وزير الخارجية الأمريكي حول تعديل بعض القوانين الإسلامية بدعوى معارضتها مع حرية الأديان يعتبر ذلك تدخلاً و إعتداءً صارخاً على الحرية الدينية للمسلمين، وأوضح أن القرآن الكريم وضع قواعد واضحة للعائلة البشرية، والناس دون فرز في نظر الإسلام، هم أبناء هذه العائلة الإنسانية، وجميعهم سواء؛ لهم الحق في العيش والكرامة دون استثناء أو تمييز ودون النظر إلى دينه، أو لونه، أو جنسه، لذلك لا يمكن أن يحدث تعارض واعتداء على الأقليات غير المسلمة في المجتمع الإسلامي، فالناس جميعا سواء ويبقى معيار التفاضل معياراً كسبياً بصرف النظر عن الأصل، وقال إسماعيل مثل هذه المطالب تبين أن الإسلام مستهدف، وأن المسلمين يتعرضون لحملات شعواء ترمي إلى تشويه صورتهم والقدح في ثقافتهم وأنها لا تقبل الآخر .
واوضح أن التعايش بين المسلمين وبين غيرهم من أهل الأديان، ينبغي أن ينطلق من الثقة والاحترام المتبادلين، وليس عبر القهر والإملاء، فالتعايش الذي يريده الإسلام مع أمريكا أو غيرها له خصائصه المميزة والتي يمكن اختصارها في: أن يقتصر التعايش فيما يتعلق بالمعيشة البحتة بين الناس التي تفرضها طبيعة الحياة البشرية وحاجاتها الفطرية.. وأن التعايش في الإسلام لا يقتضي محبة أو ولاء أو اعترافاً بالصحبة الكاملة لمباديء الآخرين وأديانهم.. وهو لا يلغي الفارق والاختلاف، ولكنه يؤسّس للعلاقات الإنسانية التي يريد الإسلام أن تسود حياة الناس، وأضاف أما مطالبهم التي تخص لب ديننا فمرفوضة جملة وتفصيلاً.
انتهاك حرية الأديان
فيما وافق المحامى والخبير القانونى نبيل أديب ما ذهب اليه نائب وزير الخارجية بأن هنالك مواداً فى القانون تتعارض مع الحريات الدينية، وأوضح أديب أن عقوبة الردة تتعارض مع حرية الأديان التى تمكن كل شخص من أن يختار الدين الذى يعتنقه، وقال إذا كان الشخص لديه تفسير للعقيدة مخالف للتفسير الرسمي يعتبر أيضاً ردة، فى حين أنه ليس في الإسلام هيئة لديها حق تفسير للعقيدة .. وأشار إلى وجود مواد كثيرة تنتهك حرية الأديان .
آخر لحظة