لماذا استنكار الحداد ولبس السواد حزناً على الانفصال؟ا

لماذا استنكار الحداد ولبس السواد حزناً على الانفصال؟

علي نايل محمد
[email protected]

لا اعتقد بأن أمر تجزئة السودان وانشطاره إلى اثنين بعد أن كان دولة واحدة موحدة، أمر عادي لا يستحق الوقوف عنده والنظر إليه بأنه حدث خطير وكبير- ومنذ أن تم اتفاق نيفاشا في عام 2005 ما كنا نصدق بأن الانفصال سوف يصبح حقيقة- وظللنا نعيش في هذا الأمل أو الصحيح أنه وهم باستحالة أمر الانفصال- ولكننا الآن قد وجدنا أنفسنا أمام الحقيقة المريرة بأن الانفصال قد حدث أو أنه سيحدث فعلاً – فماذا يكون رد الفعل لهذا الحدث الجلل؟.. إنني لا أتصور مواطناً سودانياً قد كان سعيداً بالانفصال إلا مجموعة الأستاذ الطيب مصطفى.. ولم يكونوا سعداء فقط، بل سمعنا بأنهم قد نحروا الذبائح- ولكننا يجب أن نقف هنا ونعود إلى أن كثيرين من أهل السودان لهم رأي في هذه المجموعة ويقولون إنها خطة أو فبركة متفق عليها بين المؤتمر الوطني وهذه المجموعة- وهذا بمثل ما كان هناك من يظن بأن موقف الشيخ الترابي ومؤتمره الشعبي هو أيضاً تمثيلية أو فبركة سياسية متفق عليها بين الترابي والمؤتمر الوطني، وكل هذا التفكير أو سوء الظن أسبابه عدم الثقة عند أهل السودان في الإسلاميين منذ أن جاءوا بانقلاب 1989 باتفاق فيه تضليل تم كشفه بواسطة الترابي شخصياً عندما قال إنه اتفق مع عمر البشير بأن يذهب إلى القصر ويذهب هو إلى السجن- كما يتحدث البعض الآن بأن شيخ الترابي قد كانت له نية بأن يصل للحكم عن طريق القوات المسلحة ثم يعمل على إبعادهم بتكوين حكومة مدنية يكون هو رئيسها، وهذا ما تم كشفه وكان سبباً في أحداث رمضان التي أبعدت شيخ الترابي وتم إقصاؤه نهائياً- ولهذا نقول إن وصول بلادنا إلى ما نحن فيه الآن وأن ينقسم السودان إلى جنوب وشمال وأن نجد أنفسنا تهددنا عدة مخاطر بداية من أزمة اقتصادية واحتمال حروب وإراقة دماء ليس أمراً سهلاً يمكن احتماله، بل إن أقل ما يمكن أن نفعله أن نحزن وأن نعبر بكل أساليب الحزن والحداد وأقرب الأشياء المعبرة للحداد هي لبس السواد ثم التفكير في كيف وصلنا إلى ما نحن فيه ومن هم الذين كانوا السبب في كل هذا المأساة.. ولابد أن نعيد إلى الذاكرة ما ذكرناه وتحدثنا عنه ولنسأل أنفسنا والذين وقعوا اتفاق نيفاشا.. هل كانوا يتوقعون أن يحدث الانفصال فعلاً؟.. وبعض أهل السودان يقولون نعم بأن أهل المؤتمر الوطني قد كانوا يتوقعون ذلك وهم ونسبة لعشقهم لكراسي الحكم، فهم لا يمانعون إن بقيّ لهم السودان الشمالي في حجم جزيرة «توتي»، والبعض الآخر يقول إنهم قبلوا بتوقيع هذه الاتفاقية لأنهم قد كانوا على ثقة بأن الحركة الشعبية لن تصل معهم حتى درجة الانفصال وهم سيصلون معهم إلى اتفاق، لهذا قد ظللنا نشاهد مستوى الدلال والاهتمام الذي كان يحظى به قيادة الحركة من الحكومة- ومع هذا فقد ظللنا ومنذ جاءت الإنقاذ ضحايا لخطط أوصلتنا إلى ما نحن فيه، لأن الحركة الشعبية قد اتضح أنها قد كانت أفلح وأشطر من مفكري المؤتمر الوطني والذين جلسوا يفاوضون حول نيفاشا ستة أعوام ولكنهم في النهاية قد كان نصيبهم الأكبر، لأننا قد وجدنا أنفسنا في اتفاقية أعطتهم كل ما يحتاجونه في الجنوب وأعطتهم نصيباً في حكم الشمال.. وأعطتهم الثروة والسلطة ولم تحسم معهم أين ستكون حدودنا معكم إذا تم الانفصال، وهذا التساهل دلالة على عدة أشياء أهم تفسير لها بأنه لم تكن هناك جدية في وقوع انفصال- والآن يحدث الانفصال وينقسم السودان إلى عدة أجزاء- وإنها قطعاً مأساة قد حدثت وهي مثيرة للغضب والانفعال- ولكل مواطن سوداني الحق بأن يعبر عن حزنه وغضبه بكل الأساليب- وخاصة الذين لهم الحق والفضل الأول في صناعة التاريخ لهذا الوطن.. والذي ظلوا يدافعون عنه وعن وحدته وليس في السودان من لهم الحق في ذلك أكثر من أهل القبيلة الاتحادية وهم صناع الاستقلال وهم الذين نادوا به من داخل البرلمان الذي كان يضم أخوة كراماً من نواب الجنوب وأغلبيتهم قد كانوا ينتمون للحزب الاتحادي الديمقراطي- ولذلك نقول إن انفصال الجنوب يهم كل أهل السودان في الشمال ولكن الاتحاديين هم الأكثر حزناً- وأقول ربما الأحزاب كلها قد أيدت اتفاقية نيفاشا ونحن منهم، ولكننا في الحزب الاتحادي الديمقراطي لم نوقع على اتفاقية تقرير حق المصير للجنوبيين.. وإننا أصحاب علاقة خاصة مع أهل الجنوب وقد تم استثمار هذه العلاقة في اتفاقية الميرغني قرنق والتي تم توقيعها عام 1988، وهي اتفاقية قد كان من الممكن أن تجعل من السودان دولة واحدة، لأنه لم يكن في بنودها تقرير مصير أو انفصال ولكن الكيد السياسي قد كان السبب في عدم الاعتراف بهذه الاتفاقية، وقد تم إسقاطها من داخل البرلمان ولدينا إثبات على المؤامرة التي تسببت في ذلك- ففي عشية اجتماع الجمعية جاء الشيخ حسن الترابي إلى السيد الصادق والذي كان في اجتماع مع نواب حزب الأمة واتفق معهم على التصويت لصالح اتفاقية الميرغني قرنق- ولكن شيخ الترابي قاده إلى غرفة أخرى وحذره من أن هذه الاتفاقية مؤامرة مصرية أمريكية ويجب إسقاطها، وعاد السيد الصادق إلى نوابه وأخطرهم بعدم التصويت لهذه الاتفاقية وخرج فوراً وتركهم في حيرة من أمرهم- لهذا فإننا في الحزب الاتحادي الديمقراطي أكثر الذين يجب أن نعبر بكل أساليب الحزن عن وقوع الانفصال- وهذا حق شرعي ولا أحد له الحق أن يقف ضد مشاعرنا، ولذلك فإني أتساءل لماذا الاحتجاج على ما حدث بدار الزعيم الأزهري ورفض الحداد أو التوشح بالسواد، وهذا تعبير عن الحزب.. وهذا هو رأينا ونحن نؤيد كل ما حدث في دار الزعيم الأزهري، لأنه الرجل الذي رفع علم الاستقلال الواحد الموحد من داخل قبة البرلمان، وقد شاركه في هذا أخوة من الإقليم الجنوبي.. فكيف لا نحزن لفراقهم؟ وإني قد دهشت للبيان الذي أصدره شقيق الزعيم الأزهري وهو يرفض ويستنكر الحداد الذي حدث في دار الزعيم- كما أننا نستنكر ونرفض أسلوب من قاموا بمنع المسيرة التي أرادت أن تعبر عن مشاعرها- ونقول إن الانفصال قد انتهى أمره فلا معنى للوقوف ضد التعبير بالحزن.. ونحن لا نوافق على استمرار هذا النوع من كبت الحريات، لأن الكبت المتواصل يؤدي للانفجار الذي لا نريده في مثل ظروف بلادنا، فهل يفهم من يتسببون في الغضب ما نقول؟

تعليق واحد

  1. يا علي إنت بي صحك؟؟ متى كان السودان دولة واحدة ؟؟ لو كنت صادقاً لكنت أنت وأصحاب نغمة الحداد والحزن فى حداد طيلة الخمسين سنة الماضية ولكن يبدو أنك لم تفقد أحداً فى الجنوب إعتباراً من الأنانيات ذات الأرقام وإنتهاءً بالحركة الشعبية، أنت وغيرك لم تحزنوا على الذين دفعوا أرواحهم طيلة سنوات الحرب ولكنكم تحزنون الآن على من تم تخييره بن وحدة وإنفصال فأختار الأخيرة وباباي يا شمال وباباي يا خرطوم. يعنى بالله تفكير زى دة نقول عليه شنو؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..