(9) طویلة (الجریمة والعقاب) !

بثینة تروس
ما یدور من احداث بخصوص العصابات التي یطلق علیھا اسم (9) طویلة التي روعت امن المواطنین، وارقت منامھم، وأصبحت ظاھره لجریمة منظمة احالت حیاة المواطنین الي جحیم، اذ تقتل الانفس بسبب جھاز تلفون، وتسحل فتاة في
الطریق العام من اجل سرقة حقیبة یدھا، وتغتصب اخري امام مراي من المارة الذین یعجزون عن خلاصھا من براثن ھؤلاء الاَثمین تحت تھدید السلاح، زادت وتیرة تلك الحوادث في تماھي بائن من الحكومة الانقلابیة، وشراكة اللجنة الأمنیة، وأجھزة الشرطة، الذین اتخذوھم دروعا في معركتھم ضد الثوار السلمیین، ولتأدیب الشعب المتمترس حول اللاءات الثلاثة، ولقد نجح الثوار قبلاً في احباط مخطط الإسلامویین في تحویل الملیونیات السلمیة الي معارك عنف وصدام بین تلك العصابات وبینھم. وللأسف حین تفاقمت تلك الجرائم اقام المواطنون عدالة الشوارع! لحمایة أنفسھم واموالھم واعراضھم! في ظل غیاب
الدولة الراھن، وأثار ھذا المنعطف الخطیر محطات عدیده تجلي فیھا تباین الآراء في المجال العام. بصوة تشابھ ما تناولھ
الروائي الروسي الشھیر دوستویفسكي في روایتھ (الجریمة والعقاب) التي فجرت الآراء حول مفاھیم ما خفي من معارك الخیر والشر في داخل النفس البشریة.
محطة عنف الجماعة بالخارجین عن القانون:
ما اظھرتھ تلك الفیدیوھات من عنف جماعي مورس ضد افراد العصابات، وتحریض على القتل والتعذیب والصلب، والتمثیل، اسفرت عن حالة انتقامیة مكبوتة لما حاق بالأنفس من الظلم والیأس، قادت تلك الشوارع من مطالب سلمیة الحكم المدني الي ظلامات عنف الغابة، الذي یجتمع فیھ الجماعة لعقوبة الافراد بصورة فظیعة، اذ كانت تقتل الأنفس من اجل جرائم لا ترقي لمستوي عقوبة القتل. وما شھدتھ الشوارع من حالة غضب عارم، غضت الطرف عن حقیقة ان افراد تلك العصابة ھم مواطنین في المقام الأول، تم استغلال فاقتھم، وفقرھم، وما عانوه من مجتمعات لم تربي فیھم غیر إحساس القھر من العنصریة والاضطھاد، وعدم الامان، كما تم استخدامھم لإجھاض الثورة السلمیة، واشعال الازمات، وصرفھا عن (9) طویلة الأصل، الا وھم الاخوان المسلمین، الذین یسرقون أرواح الشباب، في وضح النھار قنصاً بالرصاص الحي، والدوشكا، وعبوات الغاز المسیل للدموع، ولا یھربون بدراجة ناریة من مشھد الجریمة! بل یمارسون جرائمھم بكل صلف! وأعمالھم
الإجرامیة ھذه تجد مباركة من البرھان والانقلابیین الذین أخرجوھم من السجون، بعد ثلاثین عام من الجرائم التي قادت البلاد الي الانھیار، لیعودوا اَمنین، لینھبوا ویفسدوا المزید، فھا ھم یقیمون إفطارات رمضان، إعادة لمواسم یخططون فیھا السطو علي السلطة، ویقیمون فیھ المذابح البشریة، كمذبحة القیادة العامة، وقبلھا باعتراف زعیم (9) طویلة المخلوع البشیر (أننا جمیعاً نسعى للعتق من النار في ھذا الشھر، ونسأل الله أن یستجیب دعاءنا) غیر انھ سرعان ما استدرك قائلاً: (كیف دا ونحن بنقتل ونسفك دماء المسلمین لأتفھ الأسباب) و(كیف نحن استحلینا دماء المسلمین ونحن نعلم تماما أنھ زوال الكعبة اھون عند
الله من قتل نفس مؤمنة؟) انتھي .
محطة المواطنة:
لا یتجادل عاقلان في ان (9) طویلة مجموعة من المواطنین خرجت على القانون، وأجرمت، ووجب ان یقع في حقھم العقاب
جزاء جرمھم، لكن لیس بنفس أدوات وطرائق الذین صنعوھم ومكنوا لھم! والخضوع لإرث الغابة في انتھكاك حقوقھم، فھم
ضحایا غیاب العدالة، كما ان عقوبتھم لا تتم بأیادي مواطنین مماثلین لھم في الحقوق الدستوریة، بلا شك ان انھیار المؤسسات
العدلیة والشرطیة، والأمنیة ساھمت في الیأس من تحقیق العدالة، وكیف ان تلك العصابة لا تخضع للعقوبات بالتواطؤ بینھم والحكومة، بالرغم من ذلك لابد ان تكون معاییر ثورة دیسمبر التي مھرھا الشباب بدمائھم الطاھرة في طلب حكومة الحكم المدني، ھي الموازین الصحاح فالعدالة حق لھم ولسواھم. وتحقیقھا یمكن حدوثھ بان توجھ تلك الطاقات المجتمعیة لإصلاح شان العدالة المعطوبة، والإصرار على الحفاظ على حقوق الانسان، ولقد ضرب في ذلك الشأن اباء وامھات الشھداء أروع العدلیة. النماذج التي سوف تدرس في یوماً ما للأجیال القادمة، في رفع القضایا المتلاحقة والإصرار علیھا رغم غیاب المنظومة
محطة الفتنة الدینیة:
وكذلك ساھم رجال الدین في ازكاء نیران الفتنة والتحریض على إقامة عدالة الشوارع، اذ تم إعادة فیدیو سابق من مواعظ (بالمناسبة في الشریعة الإسلامیة أي زول یرفع السلاح على الناس دمھ ھدر، إذا أي زول ضربھ قتلھ ما عليه لا دیة لا قتل، الشیخ مختار بدري الذي سألھ مواطن (ان سرق منھ (9) طویلة وقام بقبضھ ھل في ذلك حاجھ؟ جزاء)
كانت اجابتھ
دا حكم الشریعة كدا، بالذات في البنیان، أي جوه البلد، ما في خلا یعني .. وأورد جزاء قاطع الطریق مستدلاً (بطالبان) انھم
قد قاموا بصلب شخصین بسبب النھب .. وان البلد دي لو لم تطبق فیھا شریعة! سوف تحدث فیھا فتن لا یعلم بھا الا الله
سبحانھ وتعالي) 20 سبتمبر 21 .. ویبدو ان الشیخ تناسي ان الاخوان المسلمین قد حكموا الدولة بما اسموه قوانین الشریعة
الإسلامیة ثلاث عقود، وفسدوا ونھبوا، ولم نسمع للمشایخ اعتراض!! .
بالطبع عھدنا برجال الدین ان اجتھادھم عاجز عن اظھار قیمة كرامة الانسان عند الله، ولقد أورد الشیخ نفسھ كیف ان النبي
صلي الله علیھ وسلم نصح بموعظة قاطع الطریق مرارا حتى یعود عن جرمھ! رفع عنھ الأسباب التي قادتھ للتكسب من الجریمة! . لكنھم فقھاء یرفعون المصاحف على اسنة الرماح، يقیمون الحد على الضعیف، ویھابون المفسدین من الاخوان
المسلمین، الذین نھبوا حتى أموال الزكاة والحج والعمرة والاوقاف، ولم نسمع لھؤلاء المشایخ كلمة حق، ولا ھم یحرضون
علي قتل افراد ملیشیات الجنجوید، وكتائب الظل، واللجنة الأمنیة، الذین یقتلون الشباب والمواطنین العزل ویغتصبون النساء والرجال داخل (البنیان) ..
لقد قدم الشباب الشجعان ارواحھم رخیصة من اجل الحریة والسلام والعدالة، داعین لھدم معابد الظلم على كھانتھ، من اجل
دولة یسود فیھا القانون والمواطنة المتساویة، وكل قیم الاخلاق الرفیعة، وتحاشوا الانزلاق الي مھاوي العنف والفوضى،
وینبغوا ان تتواصل المسیرة على نفس المنوال حتى یحققوا دولتهم المرتقبة في أرض الواقع ..
من الذى قال لك بأن أفراد تسعة طويلة بانهم مواطنين سودانيين !
مقال يحمل في طياته الكثير من المنطق، وينفذ الى لب الحقيقة، وهذا ما يحتاج إليه البلاد، الذين يعقلون ويبصرون لا الذين يرون الحياة دائما بلون واحد، مع فائق احترامي وتقديري.
ان شاء الله يلموا فيك ناس تسعه طويلة عشان نجي نشوف المقال الجاي .
قل خيرا او اصمت