المفتي يبرئ ‘ الزعيم’ من تهمة اللحية والجلباب

لم تكن محض مصادفة أن يتزامن هجوم مفتي الجمهورية علي جمعة على الذين يتمسكون بالظاهر ويبتعدون بالثوب مع الحكم الذي صدر غيابيا ضد الفنان عادل إمام ‘والذي قضى بحبسه ثلاثة أشهر من محكمة جنح ‘الهرم’ وتغريمه ألف جنيه بسبب أنه يسخر في أعماله الفنية من الجلباب واللحية تحديداً في مسرحية الزعيم والإرهاب ومرجان أحمد مرجان’ إنه محصن شرط أن يحسن أحد ظنه بهذه الجماعات الظلامية.
قال المفتي نصاً ‘المتشددون ميزوا أنفسهم بين المسلمين بشكلهم في الظاهر، فيمكن معرفتهم بمجرد النظر إليهم حيث أنهم بإصرار شديد يخالفون ما يلبسه المسلمون في هذا العصر ويرتدون ثياباً تعبر عن مرحلة زمنية سابقة أو عادات مجتمعات أخرى. وظنوا أنهم بذلك يتقربون إلى الله تعالى، في الحقيقة قد أختلت المسألة عندهم بل صاروا ذوي هيئة تنبئ عن تشددهم وجمود فكرهم.
واستشهد المفتي بقوله تعالى ‘يا بني أدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين’ فأمر الجميع رجالاً ونساء بالزينة في كل إجتماع سواء أكان ذلك في مسجد أم مدرسة أم جامعة أم مكان العمل.
ولم تحدد الأية نوع الثياب ولا هيئته لأن الإسلام يشرع أصولاً صالحة لكل زمان ومكان، فالأمر العام أن يأخذ الإنسان زينته عند كل إجتماع مع الغير حسب وسعه وقدرته، وفي نطاق عرف زمنه، وعادات قومة، و من أجل هذا لم يكن للرسول صلى الله عليه وسلم لباس خاص لا يتعداه إلى غيره فلم يتقيد بهيئة في اللباس حتى لا يضيق على الناس، وكذلك الصحابة كانوا لا يتقيدون بلباس معين.
وقد ترك الشرع بيان هيئة الثياب وطريقة إحاطتها بالجسد وتفاصيلها، لاعتبارها من الأمور الدنيوية تعرف بالضرورات والتجارب والعادات.
وقد ورد الذم في لبس الشهرة فيما ورد عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه سلم قال ‘من لبس ثوب شهرة ألبسة الله يوم القيامة ثوب مذلة’.
وكشف المفتي على أن ما يتمسك به بعض العامة من اللباس على غير عادة أهل بلدهم مدعين أنه من السنة الواحب الأخذ بها لا يجوز، ولعل سبب وقوعهم في هذا الخطأ من إلزام الناس بما لا يلزم أستخدام مصطلح السنة في غير محلة من العادات الشكلية وخلطهم بين معنى السنة عند المحدثين وعند الفقهاء الأصوليين.
فالسنة في إصطلاح الأصوليين أصل من أصول الأحكام الشرعية ودليل من أدلتها يلي الكتاب في الرتبة فأنهم عرفوها بأنها ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير القرآن من فعل أو قول أو تقرير وتطلق عند الفقهاء على ما يقابل الواجب والمباح وغيرهما، فالسنة عندهم حكم أخذ من الدليل فهي ما يثاب ولا يعاقب على تركه، فهي ترادف المندوب والمرغب فيه والفضيلة.
وتطابق عند المحدثين على ما أثر عن النبي صلى الله علية وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خلقُية أو خَلقية سواء أكان قبل البعثة أم بعدها فالمحدثون توسعوا في إطلاق السنة وحاصل الأمر أن المتشددين لعدم فقههم جعلوا العادات التي يطلق عليها سنة عند المحدثين وأهل السيرة من قبيل السنة عند الفقهاء التي هي حكم شرعي وهذا خلط وتشويش على العامة.
هذه كلمات لمفتي الجمهورية علها تشفع للزعيم أمام محكمة القضاء، ولعلها تعيد حسابات من يشوه جمال الخلق باسم الخالق.

القدس العربي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..