ويبقي المواطن عمر البشير المرشح المثالي …!!!

بتوقيع نظام الإنقاذ لميثاق مشاكس دخل بيت الطاعة الدولية ثم أعقب ذلك توقيع إتفاقية السلام الشامل بضاحية نيفاشا الكينية في العام 2005 والتي أكسبته شرعية دستورية وإعترافا دولي مُنح الحزب الحاكم بموجبه 52%من السلطة والثروة مكنته من تثبيت أركانه وتمكين أعوانه ليصبح أكثرة قوة بعد إكتسابه لهذه الشرعية والتي ظنّ أنها تمكنه من أن يمضي منفردا بحكم البلاد وتطبيق رؤيته السياسية والفكرية ليغيير المفاهيم والإنتماءآت لصالح مشروعه الحضاري وفي ظل الإغراءآت الأمريكية والرضا الغربي أجري الحزب الحاكم إنتخابات2010والتي كانت تفتقر لمعايير النزاهة الدولية والشفافية وقد هاجمتها الأحزاب الكبري وعلي رأسها حزب الامة القومي والحزب الاتحادي الديمقراطي حيث قال الصادق المهدي انها مطبوخة وستمهد الطريق لانفصال الجنوب وستدخل البلاد في أزمة إقتصادية منكرة وقال عنها حاتم السر أنها مخجلة حتي بالنسبة لهم فقد فاز فيها المؤتمر الوطني بنسبة 90% وهي نسبة غير معقولة إطلاقا.
ولئن إنقسمت القوي الوطنية بشأن نتيجة إنتخابات2010 فإن أكثرية منهم يعلمون ان السكوت الدولي علي عدم نزاهتها كان دافعه إنفاذ إتفاقية السلامة الشامل وبلوغها نهايتها بإجراء الإستفتاء علي إستقلال الجنوب لتتم عملية الإنفصال بصورة سلسة غير أن النظام لم يفطن لفخ نيفاشا في مسألة ما يعرف بالملفات العالقة (المناطق الثلاثة وعدم ترسيم الحدود وملف أبيي وقضية سداد الديون الخارجية) في حالة إنفصال الجنوب أو إستقلاله عن الوطن الأم.
إن إكتساح المؤتمر الوطني لإنتخابات2010كان وبالا عليه فقد تركته القوي الوطنية يمارس السلطة منفردا ويقرر بشأن قضايا الحرب والسلام ليتحمل وحده عبّ ذهاب الجنوب والذي لم يكن أحد يجهل أننا خسرناه منذ إنسحاب القوات المسلحة السودانية شمالا لحدود الجنوب كما كانت في تاريخ 1/1/1956حسب الترتيبات الأمنية لإتفاقية السلام الشامل وهكذا أصبح النظام في مواجهة مع الجماهير التي شعرت باليتم وفقدان الأمل في حياة كريمة خصوصا أن الوضع اللإقتصادي زاد سوءاً ثم إندلعت الحرب مجددا ليبقي الجنوب مؤثرا في الشأن الوطني حتي بعد إستقلاله.
الشعار الذي طرحه الحزب الحاكم وفاز بموجبه كما يتوهم هو إستكمال النهضة والخدمات ولكن عجلة التنمية توقفت وشهدت العملة الوطنية أعلي مستويات التدني ودخلنا في أزمات كثيرة وإرتفاع للأسعار غير مسبوق مما دفع إرادة الجماهير في التغيير للتوحد وخرجت في مظاهرات عارمة في سبتمر المبارك متجاوزة لأمر التراجع عن القرارات الإقتصادية القاسية لتطالب برحيل النظام خصوصا وأن الخطاب الإعلامي لأهل الحكم كان إستفزازيا ومدعاة التهكم والغسيان ورغم أن السلطة وبالقوة المفرطة إستطاعت السيطرة علي الأوضاع إلا أن كثير من المراقبين يرون أن السودان مقبل علي ثورة وأن أحداث سبتمبر كانت إحدي موجاتها الطاغية والعاتية والتي لها ما بعدها.
القوي الوطنية المعارضة تفاعلت مع الجماهير الغاضبة ونشطت وكونت أجسام وواجهات لتوحيد جهود المعارضة في الضغط علي النظام ليقبل تحولا ديمقراطيا وتداولا سلميا للسلطة وقد إستنكرت مواجهة النظام للمتظاهرين بالرصاص وطالبت بإجراء تحقيقات نزيهة حتي لا يضيع دم الشهداء هدرا.
هذه الأحداث شكلت نقطة تحول في ذهنية النظام وإتجه لحوار القوي المعارضة و طرح مشروع الوثبة للحوار الوطني إلا أن ضعف إرادة القائمين علي أمر الحكم والنظام في ضرورة التحول الديمقراطي أو حتي الإصلاح الذاتي حالت دون بلوغ هذا المشروع غاياته والذي كان بمثابة الحلقة الأخيرة في إمكانية التداول السلمي للسلطة لو أنجزناها كانت ستجنبنا كثير من العنت والمشقة والحرب التي تنتظرنا في مقبل الأيام.
ومثلما ضحي النظام بالوحدة من أجل السلام علي حد زعمه..!! فاليوم يضحي بالحوار من أجل إقامة الإنتخابات في أبريل المقبل من العام الجاري لانها إستحقاق دستوري ولكن في حقيقة الأمر يريد أن يجدد الشرعية لنفسه ويلهينا عن المطالبة بالتغيير وهذا السلوك من محفزات القبن وإشعال غضب الجماهيرالكادحة والتي تصبو للتغيير, وحسنا فعلت القوي المعارضة بمقاطعة هذه الإنتخابات ليتنافس المؤتمر الوطني مع نفسه ومع من تحلقو خلفه من أحزاب لا تمتلك السند الجماهير ولا الرضي من النخب المثقفة ولم يفوضها أحد لتنازل المؤتمر الوطني نيابة عنه فكثير من هؤلاء المرشحين خصوصا المرشحون لمنصب رئيس الجمهورية لم نسمع بهم ولا تعرف الجماهير شيئا عنهم إلا بعد إعلان ترشحهم ليصبح البشير المرشح المثالي في إنتخابات تكرس لحالة الإنقسام الوطني, وهكذا يمضي الحزب الحاكم في طريق العناد وتجسيد روح الإستعلاء بالسلطة والإعتداد بالراى ليدخلنا في مأزق جديد يجعل البلاد مرشحة لمزيد من الحريق ,إلا أنه سيكتشف عمليا زهد الجماهير في مشاهدة هذه المسرحية التي لن تقود البلاد لبر الأمان وإن كان صادقا مع نفسه فقد كانت هنالك مؤشرات ودلالات توضح بجلاء لهذا الأمر في عزوف الجماهيرعن التسجيل في السجل الإنتخابي وإذا لم تعمد المفوضية القومية للإنتخابات لإعتماد سجل إنتخابات2010 والتساهل لاحقا في عملية التصويت فإن التصويت سكون ضعيفا والفوز سيكون باهتا ودافع الجماهير للتغيير سيصبح قويا خصوصا وأن الناس تسأل هل سيتمكن النظام في خمسة سنين مقبلة أن يحقق إنجازا عجز عن تحقيقه في ربع قرن من الزمان؟ كان حصادها عزلة دولية مطبقة وأزمة إقتصادية طاحنة ومسلسلات من الحروب تتري وفقر مدقع وهجرات للكوادر البشرية المؤاهلة.
واليوم لا جديد في خطاب النظام الحاكم فهو يظلّ يبشرنا بالسلام إما حوارا أو حربا ولكننا نقول لهم إن لم يتحقق السلام بالحوار فإنه لن يتحقق إطلاقا بالحرب ليس لضعف مقدرة القوات المسلحة القتالية لحسم مثل هذه الحروب فحسب ولكن لان هنالك مظالم ومطالب حقيقية تقف وراءها إن لم ننظر فيها بحزم وننجزها بقوة وعدل فلن نستطع إسكات صوت الرصاص وحينها لن يكون هنالك معني لصندوق الإقتراع.
إن هذا الشعب الشجاع والذي عانى طويلا كان يتطلع لأن يبلغ مشروع الحوار الوطني غاياته لتتاح له في نهاية المطاف فرصة تخرجه من حالة اليأس للأمل يتذوق بموجبها جزء ولو يسير من طعم الحرية والسلام والديمقراطية ولكن يظل النظام يسير دوما عكس إتجاه رغائب ومطالب الجماهير وبذلك تبلغ حالة الإحتقان ذروتها وسنتفجر الأوضاع قريبا قريبا.
أحمد بطران عبد القادر
بل اقرب مما تتصور