مقالات وآراء سياسية

للذين ينبذون الأيديولوجيا: ماذا تعني الأيديولوجيا؟

د. الحسن النذير

كثيراً ما يتعرض بعض الكتاب في صحافتنا، الورقية او الإلكترونية، لنبذ الأيديولوجيا كشيء ذميم او خاطيء يتبرأون منه!

في الحقيقة، هذا الاتجاه، في حد ذاته اتجاه إيديولوجي، لانه يشكل حزمة أفكار او معتقدات مخالفة لبقية الحزم الموجودة في الايديولوجيات الاخري.

لكي نكون اكثر وضوحاً لنتعرض باختصار لما تعني كلمة ايديولوجيا ، لغويا، فلسفياً، ساسياً واقتصادياً.

كإسم (Noun): تعني الايديولجيا، نظام للأفكار او المثل، خاصة التي تشكل الأساس، لنظرية سياسية او اقتصادية. (بغض النظر عن نوع النظرية).
بمعني إخر ، الأيديولوجيا تعني، خصائص وجهات النظر وطريقة التفكير لمجموعة من الناس، الطبقة الاجتماعية او الفرد.

دراسة الايديولوجيات، تعني علم الأفكار، دراسة طبيعتها ومصادرها.
وفي فهم بعض الناس الأيديولوجيا تعني، بطريقة مطلقة، روءية تقديريةغير واقعية او ذات طبيعة مثالية! في حين ان الأيديولوجيا هي في الحقيقة حزمة من الاعتقادات او الفلسفات، الراجعة لشخص او مجموعة من الأشخاص،يتبنونها بصورة قطعية.

من جانب التفسير الفلسفي، الأيديولوجيا تعني: مجموعة معتقدات وقيم او فلسفات لدي شخص او عدة أشخاص يتبعونهالاسباب تظهر فيها العناصر العملية كعناصر نظرية.

بصورة اشمل، الايديولوجيات، هي سلسلة عمليات (processes) لاعتقادات اجتماعية، اقتصادية، ثقافية، سياسية او دينية، تعتنقهااوً توءمن بها أغلبية (او أقلية ) في المجتمع.

لتقريب مفهوم الأيدولوجيا يقسم ‘ميريان وبستر’ الفكرة لقسمين: 1- خصائص طريقة او مستوي التفكير عند شخص او مجموعة من الأشخاص، 2- مجموعة الأفكار او النظريات والاهداف، التي تشكل برنامج اجتماعي سياسي.

من جانب، آخر،يستخدم مفهوم ايديولوجيا، في أيامنا هذة للإشارة الي الأفكار السياسية للذين يتولون السلطة، وفي نفس الوقت يحترمون رأي من هم في المعارضة، وتكون بذلك الأيديولوجية السياسية السائدة في المجتمع هي الديمقراطية، كما في الهند مثلاً. والعكس يوجد في النظام الدكتاتوري الذي يتبع الأيديولوجية التوتاليتارية Totalitarianism، كما في نظام بيونشيه في تشيلي سابقاًً او نظام السودان البائد. وفي دول عديدة اخري .

هنالك أمثلة كثيرة للإيديولوجيا في المجال الاجتماعي: التركيز في مجال حماية البيئة والممارسات الخضراء مما أدي الي ظهورالاقتصادات الخضراء. هنالك ايضاً مناهضة التفرقة بين الجنسين التي أدت الي ظهور ايديولوجيا الأنثوية Feminism.

وهنالك أمثلة عديدة علي النطاق الاقتصادي والسياسي: اللبرالية، الماركسية، الماركسية اللننية، الفاشية، اللبرتاريانية Libartarianism، الشعوبية populism, القومية، الشوفينية الغربية Western chauvinism الخ …

اخيراً نشير الي ان هنالك تقاطعات بين عدة ايديولوجيات، تحت شعارات مختلفة لدي العديد من التوجهات السياسية وكثير من الاحزاب. نجد ذلك علي سبيل المثال، عند احزاب الديمقراطية الاشتراكية التي ترفع برامج سياسية بها مزيج من الايديولوجيات.

مما تقدم، يبدو انه من الضروري ان يراجع من يهاجمون الأيديولوجيا (بصورة مطلقة) او يتبرأون منها، اي انهم يجب ان يراجعوا فهمهم لما تعنيه الأيديولوجيا من الناحية اللغوية، الفلسفية، الاقتصادية والاجتماعية.

رأينا ان نتطرق لهذا الموضوع، لكثرة الذم للإيديولوجيا بصورة مطلقة من قبل البعض، دون ان يحددوا عن اي ايديولوجيا يتحدثون. هذا في حد ذاته خطأ نتمني ان لا يتكرر، مع كل التقدير لكل المفاهيم والتوجهات الأيديولوجية المختلفة. فالأيديولوجيا كمفهوم مطلق، ليست بسبة او تهمة تنكر او شرف يدعي. هي موجودة، رضينا ام ابينا، في كل حزم افكارنا ومفاهيمنا، بما فينا من يعتقدون انها سبة! لا يوجد إنسان يفكر، بلا حزمة مفاهيم وافكار او معتقدات يفسر بها ما حوله. لذلك الكل يحمل ايديولوجيا او مزيج من عدة ايديولوجيات.

اللهم صبرنا علي خلافاتنا وحسن ادارتها وقونا بتنوعنا وتنوع توجهاتنا حتي نصل الي ما يفيد ويوحد ويقوي ويطور بلادنا انك سميع مجيب.

د. الحسن النذير
[email protected]

تعليق واحد

  1. اود أن اعبر عن إعجابى الكبير بالدعاء المكتوب فى نهايه المقال المفيد ففيه الصدق و الامنيه الطيبه لكل أهل الوطن و الانسان . والله مشاكلنا كتيره يا دكتور و للأسف من صنع ايادينا و قصر بصيرتنا فالبلد قل فيها السلف الصالح الحكيم الداهيه فى صنع الشعوب الناجحه . من القله أنت أخوى دكتور النزير و كان من الافيد للبلد الاستفاده منك و امثالك لقياده العربه للامام بدل الوقوف لتوضيح معنى الايدولوجيه . انا متوقع منك كمان مقال مثل هذا لتوضيح و شرح معنى العلمانيه ففهمها فى السودان او لنقل تفهيمها للسودانيين بأنها الكفر بعينه شئ مضحك مبكى. لك الشكر و كل الامانى الطيبه.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..