سقوط مولود .. !!

:: صديقنا إيهاب بلاش، الممثل الرائع، ذهب بزوجته – وهي حالة مخاض – إلى مستشفى الدايات يوم الثلاثاء الفائت..وكان قد حجز لها وأكمل التحاليل المطلوبة قبل ثلاثة أيام من يوم المخاض .. بالمستشفى،وهي تتمخض وتتوجع، طالبوها بعمل التحاليل مرة أخرى، ولكنها عاجزة عن الحرك من وطأة الألم وطالبت بأن يرحموها بأقرب (سرير)، فالمولود على وشك الخروج..توسلت،وظلت تتوسل وتصرخ وهم عنها غافلين بطلب ( إستخراج كرت الدخول).. أمام الطبيب وكادر التمريض، وبعد أكثر من نصف ساعة وقوفاَ من وجع المخاض والصراخ، سقط المولود.. نعم، سقط أمامهم على الأرض.. أكرر، سقط على الأرض ولم ينتظر إستخراج ( كرت الدخول)..وبقية التفاصيل المؤلمة بطرف المجلس الطبي، وعرفتها – عبر ناطقها الرسمي – وزارة الصحة أيضاّ ..!!

:: ولو عاقب المجلس الطبي، أكرر ( لو) عاقب، لن تتجاوز دائرة العقاب الطبيب وكادر التمريض إلى دائرة المدير العام ومساعد المدير العام والمدير الطبي وغيرهم من الذين نسميهم – مجازاّ – بالمسؤولين.. وكما تعلمون، فالعقاب في بلادنا – في حال تنفيذه- لا يطال ذوي المناصب القيادية والوظائف العليا، رغم أن هؤلاء هم ( أس الأزمة) و( أصل البلاء).. ثم أن المجلس الطبي – حسب تجارب كثيرة ومؤلمة- كثيراّ ما يكتفي بالخطأ الطبي و كثيراً جداّ ما يغض الطرف عن الخطأ الإداري..وما حدث لإيهاب وزوجته ومولدهما من الأخطاء الإدارية الخطرة والقاتلة، وليس من الأخطاء الطبية.. فالحالة لم تصل مرحلة الطبيب بحيث يقع المولود من يده على الأرض في غرفة العمليات ويصبح الخطأ طبياً، ولكن وقع المولود على الأرض – خارج غرفة العمليات – في مرحلة (الإجراءات الإدارية).. !!

:: وتلك هي الحقيقة المؤلمة في كل مشافي البلاد، وليس في الدايات فقط..أي، أكبر كوارث المشافي في بلادنا هي ( الإدارة).. الإدارة وليس المال أوالطبيب.. إدارة المشافي فرع من (علوم الإدارة)، وعلم يُدرس بالجامعات والمعاهد العليا..يتخرج خريجها – بعد سنوات التعليم النظري والعملي – بكيفية إدارة المرفق الصحي بكامل التجانس والتنسيق مع (الفريق الطبي)..ولكن هنا في السودان – والحمد لله على كل حال ? يأتون بإستشاري أمراض القلب أو باختصاصي النساء والتوليد ليشغل منصب ( مدير عام) و ( مدير إداري) و (مساعد المدير العام)، وغيره من المواقع الإدارية.. وبترسيخ هذا النهج المتخلف، تكون أوجاع الناس والبلد قد فقدت نطاساً بارعاً في عالم الطب، وذلك بتحويله إلى ( إداري فاشل).. نعم مشافينا تعاني من أزمة المال، ولكن الأزمة الكبرى هى أزمة (إدارة متخصصة).. فالإدارة المتخصصة هي التي تدير وتوظف المال المتاح لصالح (الطبيب والمريض)، والعجز عن التوظيف الصحيح للمال هو الفشل الإداري الراهن ..!!

:: قبل عام، ناشدنا بنقل تجارب الآخرين ..وإدارة المشافي بشركات كوادرها درست علوم الإدارة ليست بدعة في عالم اليوم الذي يقدس المؤسسية وتخصصاتها، ولكن مجرد الإقتراح بهذا النوع من الإدارة الحديثة قد يعد نوعاً من الجنون في بلاد العالم الثالث ( والأخير طبعاّ).. فالتقوقع في نُظم حياة القرون الوسطى هو الأصل الراسخ في عقولنا، وإطلاقاً لم – ولن – تُحدق هذه العقول في تجارب الآخرين الناجحة وتواكبها..ولذلك، قزمنا الطموح وناشدنا بأن تًدار المشافي بواسطة الذين درسوا وتخصصوا في ( علوم الإدارة)، وليست بواسطة الذين تخصصوا في (المخ والأعصاب) أو ( المسالك البولية)، أو كما يحدث حالياً..ومع ذلك، لم ولن يسمعنا أحد..وعليه، ترقبوا الكثير من الكوارث الإدارية التي من شاكلة سقوط المواليد على الأرض..!!
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. هذه سفسطه ليس الا.

    و هل في القصة المشار اليها اكثر من ايجاد مكان لهذه السيدة و الاعتناء بها.

    المشكلة في روح الاستهتار التي اجتاحت مؤسساتنا كافة و ليس الطبية فقط.

    و المشكلة الادارية موجودة بطبيعة الحال لكن ليس علي المستوي المذكور في المقال.

    المشكلة الادارية موجودة علي مستوي الوطن.

    الجميع اجتاحتهم الدهشة لما حصل في مكتب الوالي و عدم المبالاة التي تم التعامل بها اذاء هذه الجريمة النكراء.

    و لذلك فلا عجب ان شهدنا اكثر مما حصل لهذه السيدة فالروح التي تسود روح بشعة افرزتها سؤء الادارة و طبيعة النظام الفاسدة.

  2. الوضع في بلاد المشروع الحضاري و تحت ظل الدولة الرسالية اصبح تماما مثل سلوك اليهودي شيلوك في رواية تاجر البندقية … جشع الدولة الذي يعمي بصيرتها و بصرها عن واجباتها الاساسية تجاه مواطنيها و جعل منها آلة ضخمة للجباية لا ترى الا المال و لا تفكر كيف تجبيه و لا كم القيم و الاخلاق التي تنتهكها لتجبي المال …. و اسوأ ما قامت به دولة الرسالة الشيطانية ان حولت موظفي الدولة في كل مجال الى جباة غلاظ الاكباد و ذلك بعد ان جوعتهم و ربطت عيشهم بتحصيل الجبايات .. اي : الراتب لا يكفي و لتنال الحافز يجب ان تحصل الربط و تزيد .. و للاسف اخلاق شيلوك هذه امتدت للخدمة الطبية و التعليم و الاسوأ … الى القضاء … من يضمن نزاهة حكم القاضي اذا كان حافزه مربوط بالغرامة التي يعاقب بها؟
    كم سمعنا عن احداث لمرضى يموتون و تسوء حالتهم لانهم لا يستطيعون دفع اتاوات المشافي العامة .. و كم من مريض انزل من طاولة العمليات بعد تخديره لعدم دفع الرسوم !
    و الحادثة الحالية لامرأة في المخاض و هي حالة طارئة يجب ان تنوم اولا ثم بعد ذلك يطلبوا من اهلها تكملة الاجراءات … لا يعقل ان تطلب من امراة تتوجع و على وشك الولادة ان تذهب للمختبر لاخذ عينات للفحص … ادخلها لغرفة الولادة ثم اسحب العينات و ارسلها للمختبر .. و لكن عقلية الجباية تحرم حتى على الكادر الطبي عمل التصرف السليم .. لا يستطيع طبيب ان ينوم مريضة ان لم تدفع قيمة الفايل و تسدد الرسوم …. المختبر لا يقبل اي عينة ما لم تورد قيمة الفحص و تظهر الايصال، و لا يهم ان مات المريض قبل ذلك او بعده .. المهم التحصيل …ذلك هو مشروعكم الحضاري و دولتكم الرسالية … تقوم على دين شيلوك!

  3. علي فكرة في العشرين السنة الاخيرة ظعرت حاجة اسمها اقتصاديات الصحة تقوم بادارة المستشفيات والمراكز والهئيات الصحية وتامين طبي من ناحية اقتصادية سليمة , لانو الشعب المعافي بيكون مجدي اقتصاديا للدولة اكثر ,

  4. توجد اقسام وكليات تدرس ادارة مستشفيات انا شغال فى مستشفى فى السعوديه كل الاداريين الموجدين معنا تخصص ادارة مستشفيات علشان كده الدول دى ماشه لقدام ونحن الله اعلم وين
    ماشين لمن تشوف مستشفيات بره وتشوف عندنا تقول ليك الله يابلد

  5. مبالغة لكن لا حول ولا قوة الا بالله … ان شاء الله بس المولود يكون سليم وما حصل ليهو شر … محن سودانية بالجد … الله المستعان

  6. الطاهر ساتي يتحدث بإنفعال وعصبية عن حادثة سقوط مولود وكأن كل مواليد البلد يسقطون علي الأرض يومياً، ثم يحاول إستغلال الحادثة للمطالبة بإقالة المدراء والوزراء وكل الدنيا – لمجرد سقوط مولود لأول مرة!

    يا أخي إنزل من عليائك قليلاً ولا تمثل علينا دور الأرستقراطيين وأنظر للدنيا نظرة موضوعية دون إنفعال زائد. نعم هي حادثة قبيحة وغير مقبولة، والمتسبب فيها يجب أن ينال جزاءه، ولكن أن تأخذها حالة وتعممها علي كل الحالات والمستشفيات ونطالب بسببها بطرد وإقالة المسؤولين فهذا هو الهرج والمرج بعينه. والحمدلله أنك لم تطالب بإقالة الحكومة بسبب سقوط المولود.

    الأخطاء الطبية والإدارية تحدث في كل الدنيا، وفي مصر القريبة تلد بعض النساء تحت ظلال الأشجار وفي البصات والحافلات العامة، وأرجع للصحف المصرية لتعرف. ولو بحثت في تاريخ كل دول العالم المتقدمة فستجد أن لكل دولة عدة حوادث “سقوط مواليد” بسبب أخطاء إدارية أو طبية أو حتي بسبب تأخر الحامل في الوصول للمستشفي. هي أشياء تحدث مرة كل 10 سنوات لأقدار الله وظروف البشر شأنها شأن الحوامل الذين يتوفون بسبب آلام الحمل والوضع في كل دول العالم.

    نحن في السودان لا نعيش في الجنة حتي تفترض أن كل شئ يجب أن يكون كاملاً، والكمال لله وحده. أرحمونا يرحمكم الله.

  7. كما سقط المولود سقط رجال ونساء صغيرهم وكبيرهم وهم سادين اذنيهم بطين وعجين اكرر سقط صديقي بالامس باكاديمية مامون بالامتداد كما نعيته تتخيلوا السكري يصل ارتفاعة الي 400 اختفوا الطاقم الطبي اين الله اعلم حتي انبوبة الاوكسجين لم يجدوها من رئيس العنبر الي الاطباء اقول اتركوا الولاده بعد كده واتركوا العلاج والشافي الله ولو مات احدكم افضل له ان يصرف مصاريف الدواء والعلاج ف عمل خيري تكون له صدقة جارية خير من يصرفها للمشافي الخاصة والعامة والصيدليات ليستفيد من الدكاترة ببناء العمارات والاستمتاع بالاكل والشرب والسياحة الخارجية

  8. احسنت وقلت الحقيقة. ولن يستوعب احدا هذا المقال الا من تعالج باحدى المستشفيات فى أوروبا.

  9. غايتو العايز يشوف المأسآة العايشين فيها في بلدنا يطلع بره ويقارن . .
    تدخل الحامل وبعدما تتحل بالسلامه الاجراءات الاداريه ملحوقة . .
    تعامل راقي وانساني لابعد الحدود . . ناس تتعامل بروح القانون الانساني . .
    وليس تطبيق حيواني بدون ادنى فهم وتفكير . .

  10. كم عدد الولادات التي تتم بمستشفي الدايات ؟
    كم عدد الحالات الطارئة و الحرجة التي يتم إنقاذها ؟
    كم عدد الساعات التي يقضيها الأطباء والعاملين في السهر علي علاج وراحة المرضى
    كم عدد العمليات الناجحة والفرحة التي يسمع صداها المارة بالشارع
    …..
    …..
    …..
    لماذا تتحدث عن حادثة واحدة وتحبط كل العاملين بالحقل الطبي و القراء…
    كن إيجابيا ومفيدا تحدث عن أفكار لتطوير الخدمات الصحية..عن زيادة الصرف علي الصحة تحسين بيئة العمل..استقرار القوى العاملة…
    …..
    قل خيرا أو…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..