مقالات سياسية

لا للخطوط الحمراء ..!

سفينة بَوْح - هيثم الفضل

كعادة الحالمين بعودة ظلامية الأمس التي إنتعق منها الشعب السوداني بالتضحيات الجسام ، ها هُم يستثمرون إعلامياً لنشر الإحباط عبر (تضخيم) مُجريات الخلاف الذي حدث بين الفريق شمس الدين الكباشي عضو وفد الحكومة المشارك في ورشة فصل الدين عن الدولة ، والطرف الآخر الذي يمثِّلهُ فصيل عبد العزيز الحلو ، وفي حقيقة الأمر لا يخفى على عين حصيف أن الأمر لم يكُن سوى مُجرَّد (ورشة) ، ولم يكُن تفاوضاً تتزيَّن أجندتهُ بموضوع العلمانية أو فصل الدين عن الدولة ، ففي ما يبدو وبعد الإختراق الذي أحدثهُ الدكتور عبدالله حمدوك رئيس الوزراء ، قبل أشهر والمُتمثِّل في إقناع الحلو بالعودة إلى طاولة المفاوضات ، أن الطرفين قد إتفقا على (برنامج تفاكري وتنويري) يسبِق  المفاوضات الرسمية ، وتعتبر هذه الورش النقاشية والمحاضرات التنويرية بمثابة (تأهيل وتدريب) لمفاوضي الطرفين حتى يتسنى لهم الخوضُ بإحترافية في تفاصيل  هذا الموضوع الحسَّاس الذي يغلُب عليه الجانب الفكري والآيدلوجي والفقهي ، وفي ذلك بالتأكيد الكثير من الفوائد والمكاسب .
وبالرغم من قناعتي أن موضوع العلمانية وإقرار فصل الدين عن الدولة يحتاج ولجسامة تأثيراته الإجتماعية والثقافية والسياسية ، إلى (إعتماد) و(إجازة) دستورية يُنجزها برلمان مُنتخب تُشارك فيه مُجمل ألوان الطيف السياسي والثقافي والعرقي والآيدلوجي ، إلا أن (التهيُّب) من مناقشته والعمل على إعداد مسوداته الحوارية الأولية لن (يُؤذي أو يُضير) في شيء ، وذلك من باب إذابة الجليد وفتح أبواب النقاش حول المسكوتُ عنه في كثيرٍ من قضايانا المصيرية ، فطالما إعترفنا بأن السودان دولة أعراق وثقافات وأديان مُختلفة ، وجب علينا مواجهة الحقيقة المحضة ، والغوصُ في أعماق الجِراح وتطهيرها لضمان شفائها ، فالإعتداد بقداسة المواطنة في تمليك الحقوق والإلزام بالواجبات طالما كان مطلباً لكمٍ هائل من الذين ظلوا يشعرون (بالإضطهاد) و(التهميش) الديني والعرقي والثقافي ، ولا مجال والسودان الجديد يخطو ولو في إطار الشعارات الأساسية في درب السلام والعدالة والمساواة والتنمية المُستدامة ، لعودة  التطرُّف والإستعلاء الفئوي تحت أيي مُسمىً كان ، بما في ذلك تجريم وشيطنة وتكفير وإتهام كل من يشرع في مناقشة الموضوع أو يُشير إلى إمكانية تبنَّيه أن إتفق الفُرقاء على ذلك بالتراضي ، ففي عهد الحُريات والديموقراطية لا وجود (لخطٍ أحمر) يستثني موضوعاً ما من طاولات النقاش والحوار ومحاولة الإتفاق.
ليس من حق الفريق شمس الدين الكباشي أن يرفض أمراً بإسم كل السودانيين دون أن يُبت في أمرهِ  ولو عبر إستفتاءٍ عام ، كما ليس من حق القائد عبد العزيز الحلو أن يفرض العلمانية إن لم توافق عليها الأغلبية ، ليبقى الأمل في مثل هذا (الوِرش) والسمنارات التي يمكن عن طريق إعمال (الإبداع) في تحليلها والتعمُّق في تفاصيل تعقيداتها أن (ينبلج) حلاً وسطاً يُفضي إلى رضا الطرفين ويعمل على تحقيق آمالهما ويربط بين أهدافهما في الحصول على وطن مُعافى بالعدالة والمساواة والتنمية.

تعليق واحد

  1. الدولة السودانية كانت علمانية و لم يقم النميري بإجراء استفتاء لإقحام الدين في الدولة لذلك الحديث عن ان رجوع الدولة لعلمانيتها يحتاج الى استفتاء و مش عارف ايه حديث غير صحيح، ترجع الدولة زي ما كانت و الداير دولة دينية هو يعمل استفتاء، ما تتزاكوا علينا يا ناس، كل شئ يرجع لما قبل كوزنة الدولة و العندوا كلام بعد داك اليقولوا في العافية، العلمانية مالها؟ عيبوها لي! هي بتسمح ليكم تشتموها و تتكلموا في حقها و ممكن تعملوا مناطق صناعية في اقحام الدين في الدولة مش ورشة واحدة، اما انكم تقولوا فرضتوا علينا مش عارف ايه، ما كنتوا في ظل السمبك الركبوا فينا النميري ده حقب ماذا نتجتوا شئ،،، لا دينكم زاد ولا دنيتكم زادت، الناس تقول كما كنت، و ترجع لما قبل النميري و كيزانه الطلقهم فينا ديل و بعد داك تشوف لو في كوز عاوز يجيب عدتو و يجي يسمكرنا، مرحب بس تحت مظلة العلمانية بتاعت جدودنا الأسسوا الدولة المدنية،

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..