الأموال المشبوهة: نابولي-الخرطوم بحري!

الوطن حالياً يعيش حالة مطابقة لنص كاتب إيطالي إسمه (إدواردو دي فيليبو) عن مسرحيته “نابولى المليونيرة” وهي تحكي عن إيطاليا تحت سلطة (المؤتمر الوطني) أو في حقيقة الأمر تحت حكم الفاشية الذي جرّ الويلات على الإيطاليين! وفي ذلك تصوير لمدينة يرتع فيها الخوف والحرمان وإنقلاب الموازين وسيطرة رؤوس الأموال المشبوهة على الحياة العامة!

وعندما تسيطر الأموال المشبوهة على الساحة العامة في أي بلد من بلاد الله (فانتظر الساعة) ولا تسأل بعد ذلك عما يجري من صور الخراب والضياع حيث يمكن تحت هذه السطوة الذميمة الكريهة حدوث كل ما يتجاوز سقوف القوانين والأعراف والمعقولات وعلى مختلف الأصعدة والإتجاهات.. في السوق وفي الاقتصاد وفي الدوواوين وفي التعليم وفي الألقاب والرتب والمناصب وفي السياسة وفي الأخلاق العامة وهلمجرا.. ويمكن أن تنظر الآن الي أي مجال من مجالات الحياة لترى فيها العجب .. بكم تشتري الأندية الرياضية اللاعب الواحد؟ وبكم مليار؟ وفي أي جزء من اليوم يتم شراء المحترفين من خارج الحدود ومنحهم الجنسية السودانية وتوفير مرتباتهم بالدولار وتسكينهم في الفنادق الفاخرة.. وأنظر إلى المواطن كبير السن في مدينة بحري الذي دخلت عليه مياه الأمطار وغمرته حتى منتصف جسمه وأثاث وأغراض منزله يحوم حوله وهو يخاطب المحلية ولا يعرف إن وراء المحلية “نابولى المليونيرة”! وأنظر إلى حجم مرتب المعلمين وظروف حياتهم وفصول المدارس والتلميذات اللواتي يشربن ترسيبات الماء الآسن من (قعور براميل البلاستيك).. ثم أنظر الى حفلات تتويج خريجي رياض الأطفال وعلى الرؤوس الصغيرة “روبات أكسفورد وكامبيردج” .. ومن هذه الصغائر تعرف الكبائر!

عندما حدث الصراع في نادي المريخ وأراد (عشّاق لجان التسيير) الإنقلاب على الإداريين المُنتخبين من جمعيتهم العمومية، كان الأمر سافراً حيث قال أصحاب التسيير أعطونا الإدارة وسنغرق النادي بالمال! ولكن لم يقولوا لنا من أين أتوا بهذا (المال الحاضر)؟! ومن المعلوم أن السلطة تقف خلفهم.. ورئيس هذه الجماعة كان من المدرسين ولكن الدنيا جعلت منه رئيسا ً لمجلس تشريعي ولائي.. فأعطى ظهره للتعليم وذهب إلى المجالس التي يعلم حقيقة صلاحيتها في البصم و(تصفيق الأيدى) ودوي الحناجر بالموافقة على ميزانيات زيادة الأسعار ورفع الدعم والطمأنينة (عن كاهل الشعب) ووضع العبء مكانها.. في حين أن نواب الشعب في كل الدنيا (يفعلون العكس) ويقفون في صف المواطنين الذين انتخبوهم أو حتى الذين يدّعون بأنهم انتخبوهم وأنهم يتحدثون بإسمهم!

لكن الأموال المشبوهة لا تكتفي بهذه المجالات.. إنها تذهب لشراء الذمم، واقتطاع الميادين وسحبها من تحت أرجل الشباب.. وتذهب للمباهاة والظواهر المُترفة والإنفاق البذخي (الشوفوني) والتلاعب بالدولار والذهب والعطاءات، وبناء الإقطاعيات الجديدة والأحياء الخاصة التي لا يدخلها الفقراء ولا محدودو الدخل ولا أصحاب الدخول المتوسطة ولا حتى الأغنياء القدامي القادرين أهل الأموال النظيفة لأن أصحاب الأموال المشبوهة لا يطيقون أصحاب المال الحلال ويستثقلون وجودهم بجوارهم ..ويكرهون فيهم مخافة الله والخوف من العيب!

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..