كشف المستور .. من هم الذين يقفون وراء العصيان.

قبل ثلاث سنوات أجريتُ تحقيقاً صحفياً حول العمل الطوعي عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتقيت بشباب يعملون في مجموعات طوعية مثال شارع الحوادث وصدقات ومدد وغيرها من المجموعات التي ظهرت على السطح في الاونه الاخيرة وإنتهي التحقيق الصحفي وتم نشره .ولكنني واصلت متابعتي الشخصية لنشاط تلك المجموعات بسبب أسئلة حارت بخاطري من بينها مستوى الوعي والادراك وسط أولئك الشباب ومدى تأثير نشاطهم على إحداث التغيير المجتمعي في المستقبل. وأحسست في ذلك الوقت أن هنالك أمواج عاتية قادمة لتحريك السكون والاسهام لمساعدة المجتمع السوداني عن طريق تنفيذ مشاريع خيرية وطوعية بدقة وتفاني وإخلاص لايخلو من المثابرة والجد والهمة العالية حتى كادت تلك المجموعات أن تصبح حكومة موازية في العمل على توفير الراحة للشعب السوداني بل سعت لابعد مما تفعله الحكومة بإدخال البسمة في نفوس الاسر الفقيرة والمتعففة عندما يحل شهر رمضان من كل عام.
واقرب مثال لذلك مجموعة نفير التي ظهرت على السطح في خريف عام 2013 بطريقة مفاجئة وقامت بأدوار كبيرة تجاه المتضررين من السيول والأمطار عجزت الدولة عن تحقيقها مما جعل حكومة المؤتمر الوطني تعمل على تكسير تلك المجموعات عن طريق الصاق التهم اليها بانها مكونات سياسية معارضة وإعتقال عدد من أعضائها ، وأثبتت تلك المجموعات أن ماتفعله تجاه المجتمع السوداني أكبر من أن تنفذه أجندة حزبية ضيقه. وانتقلت بأعمالها الخيرية من مشاريع صغيرة لتشمل مرافق حيوية مهمة مثل حفر الابار وترميم المدارس والمؤسسات العلاجية وأحرجت الحكومة مرات ومرات عندما افتتحت (ست الشاي ) غرفة العناية المركزة للاطفال بتكلفة 500 الف دولار.
وتأتي هنا عملية ربط المقدمة بقضية العصيان المدني الذي أحدث دهشة وسط المجتمع السوداني لاتقل عن الدهشةً التي ظهرت بها نفير، إذ أن الاسئلة التي كانت تدور حول كيفية تشكيل عناصر نفير هي ذات الاسئلة التي دارت عقب تنفيذ العصيان المدني مع أختلاف الاهداف ، فنفير أهدافها طوعية والعصيان المدني أهدافه سياسية ولكن الخارطة الجينية لنفير والعصيان المدني نجدها واحدة تكونت داخل رحم الفضاء الاسفيري الواسع الذي سمح لهم بالنقاش المفتوح والاقترحات والافكار الحرة التي كان يمكن ان تطرح في دور الاحزاب السياسية ولكنها بالطبع ستواجه ايدلوجية الحزب ولوائحه الصارمة . أو عدم تجاوز قدسية الزعامة الطائفية التي تمنع الراي الاخر. أما الفضاء الاسفيري أتاح لهولاء الشباب طرح أراء ذات نتائج علمية أكثر دقة في تحقيق الاهداف.
وتجربة العصيان المدني فرصة مهمة لهؤلاء الشباب في ظل الفشل الذي أصاب الاحزاب السياسية في إحداث التغيير وقد أجد لها العذر نتيجة لقمع النظام الشمولى القائم ولكن هؤلاء الشباب وهم في فترة عمرية شهدت نظام دكتاتوري استمر 27 عاماً رأت أنها لايمكن أن تنتظر تلك الاحزاب باجسادها الجريحة والمترهلة لاحداث ثورة تغيير بل نجدها بدأت في تطبيق نظرية (نصف الكوب الممتلئ) وهي عدم الاستسلام للواقع السوداني المرير والاحباط الذي أفرز أعداداً مهولة من العطالة وهجرة كبيرة خارج البلاد إما بحثاً عن عمل أو لتحسين الاوضاع المعيشية. واجتهدت تلك المجموعات لتحويل الشخصية السودانية المهزومة إلى طاقة إيجابية وإحداث دور حقيقي للشباب في عملية التغيير المجتمعي عن طريق الانشطة الطوعية والشبابية التي ذكرناها في بداية المقال وساهمت بدور كبير وسط المجتمع بالرغم من عدم ظهور انجازاتها إعلاميا. واولئك الشباب لم يغفلوا ضرورة التغيير الداخلى الذي ذكر في الايه الكريمة ( لايغير الله مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم) وبفعل الانشطة الطوعية والخيرية التي كانوا يقومون بها تولد لديهم شعور قوي وهو قهر المستحيل امام إرادة الشباب السوداني .
وبهذا المفهوم إنتقلت المجموعات الشبابية الى المرحلة الثانية وهي مرحلة التغيير السياسي الذي بدأ بتجربة ثورة سبتمبر 2013 وساعد الفضاء الاسفيري في جمع الصفوف مرة أخري في الداخل والخارج لايجاد بديل اكثر فعالية من تجربة سبتمبر التي راح ضحيتها أبطال لم ينفصلوا عن تلك المجموعات بل العديد منهم كانوا اعضاء بداخلها . وساعد الفضاء الاسفيري أيضا على توحيد الجهود وتحديد ساعة الصفر لعملية العصيان المدني بدقة عالية وهي تجربة قد خاضتها تلك المجموعات في السابق في إحداث التغيير الداخلى من خلال تنفيذ المشاريع الخيرية والطوعية بذات الدقة العاليه.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..