مؤتمر المسيرية المرتقب لماذا تم تأجيله

بسم الله الرحمن الرحيم
مؤتمر المسيرية المرتقب لماذا تم تأجيله
فكرت كثيراً في مسلسل تأجل مؤتمر المسيرية المرتقب انعقاده في مدينة النهود ولم أجد إجابة كافية وشافية أو مبررات مقنعة سياسية واجتماعية استدعت تأجيله . سواء من الناحية المنطقية أو العملية لعدم ملائمة الظروف لعقد ذلك المؤتمر وكذلك لم أجد تهيئة نفسية ومعنوية وفكرية كافية واستعداد كامل لنظام الإنقاذ لعقد المؤتمر حرصاً لعدم إراقة الدماء مرة أخرى ، إذن القضايا العلاجية لطبيعة الصراعات سواء كانت سياسية في منظومة المؤتمر الوطني أو نزاعات بين القبائل نجد أن الأمور كلها أرتبطت بالخرطوم مباشرةً.وبالتالي كل الأدوار والجهود التي بذلت لمعالجة القضايا الشائكة أصبحت هامشية والتهميش هنا مقصود حتى تتطور وتتعمق الخلافات أكثر مما كانت عليه. إذ أن انعقاد ذلك المؤتمر مهم للغاية إذا كانت النوايا صادقة ليس من قبل أطراف النزاع وإنما من قبل نظام الإنقاذ ، لكن عدم قيام المؤتمر في مواعيده جاء مخيب للآمال أما الحديث هنا وهناك عن رغبت الولاية ونظام الإنقاذ في عقد ذلك المؤتمر ضمانا للاستقرار دون تهيئة الظروف المناسبة لنجاح المؤتمر يعتبر هذا الكلام سياسي وفلسفي لا يغني ولا يثمن من جوع .
حيث صاحب انعقاد المؤتمر تطورات ظرفية ومحلية منها قرار الولاية الصادر في 23/10/2014م بإنهاء وجود المواتر نهائياً في الولاية نتيجة للممارسات السيئة التي يقوم بها أصحاب المواتر وطريقة السلب والنهب والقتل التي مورست عبر المواتر أو دورها المؤثر في تأجيج الصراعات القبلية ، وكذلك المؤتمر العام لحزب المؤتمر الوطني الذي درج على فلسفة الصراعات في داخله بإعادة الحرس القديم إلى الساحة السياسية وبين جناح الإصلاح الذي منيى بهزيمة كبيرة ، وخاصة الولاة الذين وجدوا أنفسهم بين قرار البشير الذي أكد الدور السالب لتجربة الحكم اللامركزي وبين التعديلات الدستورية التي وجه بها البشير الهيئة البرلمانية والتي ربما تؤكد على ممارسات الولاة الخاطئة وسيطرة القبيلة على مجريات الأمور والتي تفقدهم فرصة الترشيح في الانتخابات القادمة أو فرصة تعينهم مرة أخرى ، وبين تهيئة الناس للتسجيل في السجل ومن ثم تهيئة المجتمعات للانتخابات أكثر من أن يكون الاهتمام بعقد المؤتمر ، لكن إذا كان قام المؤتمر في مواعيده بالتأكيد سوف يحل مشاكل معقدة أمنيا وسياسيا واجتماعيا ويخلق نموذج للاستقرار والتعايش بدلا من النزاعات إلا أن نظام الإنقاذ لا يود قيام المؤتمر في مواعيده ويعلم أن عدم عقده ينذر بمخاطر جمة لا يستطيع هذا أو ذاك تأكيد الرضي والتعايش السلمي إذا لم تناقش القضايا ذات الاهتمام بصورة تؤكد على نبذ القبلية والجهوية المقيتة التي تحدث عنها رأس النظام وأكد إنها هي سبب البلاوي في الصراعات القبلية وهي الآن مهدد للأمن القومي إذن الاعتراف بهذا يؤكد التعجيل بعقد المؤتمر وليس تأجيل المؤتمر . طالما وصل النظام لحقائق الصراعات القبلية وقال هي سبب البلاوي وطالما أقتنع النظام بأن هنالك ممارسات سيئة من قبل بعض العناصر داخل المؤتمر الوطني همها أن تتسلق للوصل إلى السلطة عبر القبيلة وإن النزاعات القبلية الآن باتت أكبر مهدد للأمن القومي
حيث سمعنا من بعيد تأجيل المؤتمر من يوم 7- إلى 15/11/2014م وسبق وأن تم تأجيل المؤتمر مرتين وهذا التأجيل هو الثالث ، حيث كان المقرر لعقده هو 15/10 /2014م ومن ثم 30/10/2014م ثم 7/11/2014م ولآن 15/11/2014م وربما يؤجل إلى أجل غير مسمى وهذا المسلسل لن ينتهي مادام النظام لازال مستمر في الحكم ، وعليه لم تكن هناك مبررات مقنعة لمسلسل تأجيل المؤتمر إلى يوم 15/11/2014م وفي هذه الظروف المليئة بالتكهنات فإن تأجيل المؤتمر يؤكد عدم استيعاب التحديات الماثلة على الأرض والتي قد تقود لحرب .
يقول عضو لجنة فض النزاعات بالولاية ورئيس لجنة العرف أن كل الظروف لعقد المؤتمر كانت مهيأة ونحن من جانبنا عقدنا ورشتين لمناقشة كافة الضروريات والتحديات والمستجدات التي يمكن أن تحدث خارج سياق الأوراق والتي يمكن أن تلازم المؤتمر وكذلك أجرنا الباصات لممثلي الجانبين إلا أن فوجئنا بتأجيل المؤتمر وهذا التأجيل من المركز والوالي الآن في الخرطوم مع العلم أنا اتصلت بممثل الحكومة وقلت له إن التأجيل في هذه الظروف غير مناسب وقد يؤثر تأثير سلبي على نفوس الناس وعلى صعيد الواقع أو قد يؤدي إلى صدام بين الطرفين ويصعب السيطرة عليه وفي نفس الوقت المال الخاص بالمؤتمر حتى الآن لم ينزل لنا .
نستشف من هذا الحديث بأن النظام يريد أن تتقاتل القبائل في بعضها البعض حتى لا تفكر في قضايا أخرى مثل التعليم والصحة والطرق المسفلتة والمياه النقية الصالحة للشرب وغيرها من قضايا التنمية بفهم قادر على تصحيح الأخطاء واستيعاب القدرات والكفاءات بدلا من محورة القضايا في إطار القبيلة ، ان تأجيل انعقاد المؤتمر في هذه الظروف خلق ضبابية وتساؤلات كثيرة من هو المستفيد من تأجيل المؤتمر في المناطحات السياسية .
إذن تأجيل المؤتمر كان سياسي من قبل نظام الإنقاذ ولكن دون دراسة لما يترتب عليه من أثار سالبة قد تؤثر على الاستقرار الاجتماعي والأمني لطرفي النزاع ، إذ أن في فترة المخارف هنالك تباعد في المسارات والسيطرة على تلك المسارات كان أسهل من توجهه الطرفين إلى المصايف لأن المخارف كل لجان الصلح والإدارات الأهلية كانوا قريبين من موقع الحدث حيث كانت السيطرة على الأحداث من الناحية العملية أفضل بكثير من المصايف ، لأن المصايف يحكمها عامل مهم وهو وجود المياه ومعروف في فترة الصيف المياه والأعشاب قد لا تتوفر كما هو في الخريف وشيء طبيعي إن مصادر المياه والأعشاب تجعل الطرفين في موقع حرج ولابد من إلتقاء الطرفين سواء كان في المسارات أو عند دخول مناطق بحر العرب أو مناطق أخري في الجنوب . وبالتالي كل الإدارات الأهلية واللجان التي عملت بتفاني لعدم تجدد النزاع الآن بعيدة كل البعد من المصايف بمعني أخر هي الآن في المدن وبالتالي لا تستطيع السيطرة على مجريات الأحداث إذا ما وقع قتال ولهذا السبب إن تأجيل المؤتمر بالصورة الروتينية بشكله الحالي سوف يؤدي إلى واقع أليم إذا ما حدث صدام بين الطرفين لأن المناخ الآن هو مناخ حرب .
وعليه يجب عدم ربط قيام المؤتمر بمناخ التسجيل للانتخابات القادمة لنظام الإنقاذ والتطورات السياسية والاجتماعية توحي بذلك وهذا خطأ كبير جاء على حساب استقرار الأمن والأمان بين المجتمعات ، ويقول أحد ممثلي الطرفين إن تأجيل المؤتمر بمثابة إنذار في هذه الظروف الحرجة ، ونؤكد على أنه إنذار وعلى هذا الأساس إن الاهداف من تأجيل المؤتمر غير واضحة ويسودها الغموض
حسين الحاج بكار
[email][email protected][/email]