لن ترفع “العقوبات الاقتصادية” في ظل تمادى النظام في غيه

لن ترفع ” العقوبات الاقتصادية ” في ظل تمادى النظام في غيه.

هناك نكتة منتشرة فحواها ان رجلاً حكيما اراد ان يثبت لابنائه انهم طالما ظلوا مجتمعين فان لا مكروه سوف يصيبهم والعكس. مستشهدا لهم ببيت الشعر العريق:
تأبى الرماح اذا اجتمعن تكسرا، واذا افترقنا تكسرت احادا.
فاحضر الاب عصا ثم طلب من اوسطهم ان يكسرها ففعل ثم اعطاءه عصاتين اخريين مع بعض ففعل نفس الشيء إلى ان وصل معه إلى عدد كبير من العصي وفي كل مرة يكسرها الابن. فصمت الأب برهة محتارا لفشله في اثبات حكمته بالفعل ثم قال لهم: (طالما معاكم ده فما بتجيكم عوجه).

هو ذات حالنا مع نظام البشير فهو طالما ظل على رأس السلطة فان مصائبنا سوف لن تتوقف – ودائما سنكون في عوجة.

هذه الايام العالم منشغل بمشاهدة الزعيم الكوري الشمالي الشاب (كيم جونغ اون) وهو يستعرض قوته ويهز العالم بتجارب نووية وصاروخية اعادت الى الاذهان نذر الحربين العالميتين وما انتهتا عليه من دمار وتغيير في الخارطة الدولية. يكفي فقط الاشارة إلى هيروشيما وناغازاكي.
. في خضم هذا الزخم؛ سلطت الكثير من المنظمات والهيئات العالمية الضوء على حرب اليمن وما يرتكب فيها من انتهاكات وفظائع في حق مواطنيها. ومع ازدياد تأجج نيرانها، أصدرت مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المُتحدة مؤخراً تقريراً مفصلاً عن اوضاع حقوق الانسان هناك، تناولت فيه الانتهاكات الخطيرة التي أرتكبت في حق المدنيين كالقتل والتعذيب وتدمير البنية التحتية كالمستشفيات والمدارس وغيرها بالقصف الجوي العشوائي. خلص التقرير إلى ان المسؤول عن ذلك هو التحالف العربي وطالب بادراجه في القائمة السوداء لمنتهكي حقوق الإنسان. ومعلوم ان هناك اثار وخيمة جداً ستستتبع هذا الاجراء – إذا ما اجازته الامم المتحدة – منها الاتهام بانتهاك القانون الدولي الانساني.
ما يهمنا من كل ذلك هو ان هناك قوات سودانية (غير معلومة العدد لكنها تقدر بنحو 9 الاف جندي)، تشارك بصورة أصيلة مع التحالف في هذا الحرب. أرسلها النظام مقابل مبالغ باهظة.
والسؤال هنا ما اذا اجازت الأمم المتحدة طلب المفوضية السامية ووضعت التحالف ضمن القائمة السوداء، فما هي الاثار التي ستترتب على ذلك سيما موقف الحكومات المكونة لهذا التحالف،(بالذات حكومة السودان). وهل سوف تشملها عقوبات ومسؤوليات وهل ستتساوى مسؤولية الدول المشاركة على حد سواء أم انها ستتفاوت؟
الاجابات غير واضحة حتى الان لكن في كل الحالات فالامر قد يكون خطيرا وعواقبه وخيمة جدا على السودان. إذ ان جميعنا يعلم ان نظام البشير تسبب في ادراج السودان تحت الكثير من القوائم الدولية السوداء ابرزها قائمة الدول الراعية للارهاب، اضافة إلى سمعته السيّئة في مجال حقوق الانسان والشفافية والفساد…الخ هذا غير العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه من قبل الولايات المتحدة والتي أنهكته اقتصادياً وشلت حركة تقدمه تماما لأكثر من عقدين من الزمن. اما الرئيس البشير فهناك مذكرة اعتقال في حقه من محكمة الجنايات الدولية ومعه عدد من النافذين في الدولة، تظل دائماً كالسيف المسلط على رقابهم.
هذا ما يجعلنا نتنبأ بان اثار أدراج التحالف ضمن القائمة السوداء، ستكون كارثية وسيضرر منها السودان ضرراً كبيراًّ وستزيد اموره تعقيداً في ظل هذا الوضع الهش الذي لا يتحمل اي ضغط اضافي. وقد رأينا أول بوادر الازمة في مطلع هذا الاسبوع ان حزب العمال البريطاني رفض دعوة ممثلي السودان والعربية السعودية من حضور مؤتمره المقرر بدء اعماله يوم الاحد 24 من الشهر الجاري في مدينة برايتون وذلك بسبب سجلهما السيء في حقوق الإنسان. وهذه مجرد زوبعة ربما تنذر بخطر كارثة قادمة لا محالة.

السودانيون كانوا قد استبشروا خيرا عندما قامت الإدارة الأمريكية برفع جزئي للعقوبات الاقتصادية، وينتظرون ان ترفع كلياً في شهر أكتوبر المقبل، ويفترض ان يتبع ذلك سحب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب وتحسين صورته عالمياً. فأي امر غير ذلك قد يقوض كل هذه الجهود ويجعل الامور تسير عكس ما يتمنون. بل قد يعيد السودان إلى ذات المربع الأول وربما الى مربع أسوأ منه لنبدأ من جديد رحلة تيه شاقة.

لا تندهشوا يا سادة فهذا هو واقع حال نظام بشير “الشؤم” وحالنا معه من فشل إلى فشل اخر والمحصلة : لا شيء. فقط وطن منهار متفكفك، فر شعبه ومات وعانى من بقي بداخله. يحكمهم حثالة، يتمددون في كرسي الحكم وتتمدد كروشهم. يحلبون ما تبقى من بقرة الوطن المنهكة، فكل مال الدولة سخروه لمصلحتهم الشخصية. فلا يضيرهم ان رفعت العقوبات ام لم ترفع طالما هم في أمان ينعمون وتتوفر كل احتياجاتهم، ولو اضطرهم الأمر إلى ارسال مزيد من الجنود أو بيع الشعب ذاته.

يتبع…

محمد خرطوم
[email][email protected][/email]