الجزيرة تقنجر

بسم الله الرحمن الرحيم
الجزيــــرة (تقَنْجِر)

محمد قسم الله محمد إبراهيم
[email][email protected][/email]

وكان جدي بشر ود قسم الله متعه الله بالصحة والعافية يقولها حينما يستبد به الحَنَق (إنتا تقنجر) أي تخرج بلا عودة…وهكذا الجزيرة (تقنجر) إذْ أصبحت بلا وجيع في زمن الأدعياء .. الأدعياء الذين ينتحلون إسمها ورسمها وصوتها آناء الليل وأطراف النهار وبعد أن (قنجر) المشروع علي رؤس الأشهاد.
ومنذ أن نشأنا هنالك بين (التُرع والشلابي) رأيناها الجزيرة تفتح ذراعيها للجميع بخيرها العميم قبل أن تبزغ أزمان الجهويات البغيضة .. كانت الجزيرة ملاذاً لكل الأعراق من البرقو والتاما والفلاتة إلي الشايقية والدناقلة والبني عامر انصهر هؤلاء في نسيج فريد لم يتوافر إلا بعبقرية المكان .. لم يذكر الناس هنالك كما في الشرق أو الغرب أو كما في شمال السودان فوق المنحني أنّ الجزيرة لأهلها من قبائل رفاعة العوامرة والحلاويين والكواهلة .. نعم لم يجاهر العوامرة ولا الكواهلة وغير هؤلاء من أصول الجزيرة بأصول الجزيرة وقبائلها بل تعايشت مع الوافدين الجدد بأريحية تبلورت في نموذج الجزيرة ، والحال هكذا استبدّ بنا الإندهاش والإرتعاش ومطالبات تتململ هنا وهناك أساسها الجهة والقبيلة .. دارفور وحركات دارفور ومؤتمر البجا وكيان الشمال ما ظهر منه وما بطن .. مطالبات علي رؤوس الأشهاد باسم الجهة والقبيلة تنادي بكل شئ في السلطة والثروة هذه اللعنة التي أفرزتها نظرية الحكم الفيدرالي الذي وصفه الراحل الكبير محمد طه محمد أحمد بأنه حبال بلا بقر .. وهو كذلك حبال بلا بقر تماماً حينما تزاحم الناس علي المغانم والقصر المشيد والبئر المعطلة.
نعم تزاحموا علي السلطة حتي اقتتلوا عليها بينما يموت الأبرياء تحت مطامع الطامعين كما في دارفور وشرق السودان وعرف الناس النغمة القبيحة التي تستأثر لأبناء الإقليم بحكم الإقليم وتوازنات أعيتْ من يداويها حتي استهلكت موارد البلاد وتركت العباد (للمكابدة والمجابدة).
والجزيرة تبدو الآن أضيع من الأيتام في مأدبة اللئام حين جاءتنا هذه الأكذوبة التي انخدعنا بها والتي اسمها البترول الذي حلت لعنته علي جنوب السودان حين انفصل غير مأسوف عليه وهاهو صراع الثروة والسلطة يكاد يبتلع دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق ومناوشات جارتنا الجمهورية الجديدة وكأنّ لعنة تفريطنا في مشروع الجزيرة وفي الجزيرة كنموذج للتعايش السلمي تهطل علينا كل يوم كوارث بلا نهاية.. نعم كأنها لعنة تحرسها طلاسم النيكيانج.
الذي لا أجد له تفسيراً هو الصمت الذي صاحب تلاشي مشروع الجزيرة وهو في حقيقة الأمر تلاشي .. تماماً كما تمحو (طباشير) عالق (بسبورة) الفصل .. هكذا بكل بساطة تلاشي مشروع الجزيرة دون أن ينبس أحد ببنت شفة كما فعل المناصير لا من خارج الجزيرة ولا من أهل الجزيرة وهنا مربط الفرس.
فالوفد الذي تكون اخيراً وذهب لمقابلة رئيس الجمهورية لم يفوضه أهل الجزيرة ولم يسمع بهم أحد وعادوا كما ذهبوا راضين من الغنيمة بالإياب.والدكتور عبد اللطيف البوني الذي كان شاهد عيان والذي يطرح نفسه كناطق رسمي باسم الجزيرة رغم أنوفنا ذهب مع الوفد وعاد ولزم الصمت ثم تحدث بحياء عن الوفد في زاويته وليته لم يتحدث.
الذي وددتُ قوله أنّه ليس لأحد هؤلاء الوصاية علي الجزيرة التي إتهمها البعض يوماً بأنها (لحم راس) وبئس القول ما قالوا وأهل الجزيرة وعارفو فضلها يزينهم الصمت النبيل.. لقد انتهي العزاء بانتهاء مراسم الدفن ولن تجدي جعجعات الوفود ، وسؤالي للدكتور البوني وأشياعه من مثقفي الجزيرة الناطقين باسمها أين كانوا حين تم فكفكة المشروع (مسمار مسمار) حتي بيع السكة حديد التي كانت لا تترك قرية إلا وتغشاها صافرة القطار في محطات القطن؟ وتلك أيام حياها الغمام.
مشروع الجزيرة ذلك الذي أنهكته رحلة البحث عن فدياس النحات حين انقطع عنه التمويل وتساقطت مؤسساته كما تتساقط أسنان الأرملة العجوز .. ثم إننا في الجزيرة لن نغفر لعقلية السرايات التي أدارت المشروع حتي أورثته الهلاك دون أن يفتح الله عليهم بالحلول العلمية والعملية من خلف سراياتهم تلك في بركات بل قنعوا بدريهمات أخذوها في انفضاض المولد ..
أخيراً جداً .. ولأنّ المشروع عندنا في الجزيرة مثل عصا موسي نتوكأ عليه ونهش به علي غنمنا ولنا فيه مآرب اخري فسوف لن نمل الحديث عنه ما سنحت في ذلك السوانح .. وللوفد الذي ذهب وعاد كما ذهب متجشماً وعثاء السفر هو عندنا كوفد سعد زغلول غير أنّه زغلولٌ بلا سعد.

تعليق واحد

  1. الاخ محمد قسم الله

    لك التحية لهذه المدافعة عن الجزيرة واهلها .. عرفت الجزيرة التعايش القبلي المبني علي المحبة والاحترام لجميع من جاءوا واستقروا مع أهلها الطيبيين …لم ينادو اهل الجزيرة من عوامرتها وحلاوينها وكواهلتها وقبائلها الاخري من رفاعة .. لم ينادوا بعنصرية ابعاد الوافدون وانما تم استقبالهم بصدر رحب بل قاسموهم كل شي العلاج والمدارس وجميع الخدمات الاجتماعية التي كانت تخصم من دخلهم لصالح جميع أهل الجزيرة …. ولم ينادوا أهل الجزيرة باقتسام لسلطة أو ثروة حين كان اقتصاد البلد كله يعتمد علي سواعد الخضراء لاهلها… بل عملوا بلا من ولا أذي..
    والان يأتي لها الاذي من القاصي والداني … مرة لحم رأس ومرة أهل العوض …. ومرة ……
    ولكن ظلم القربي لا يوازيه ظلما ابدا… ان المصيبة في ابناء الجزيرة الذين ينتمون للمؤتمر اللاوطني
    هم السبب الاساسي في الدمار والتشريد والظلم الذي لحق باهلها…
    نطمع في تجمع لجميع أهل الجزيرة بعيدا عن النعرات الحزبية الضيقة حتي ينهضون بجزيرتهم مرة اخري..

  2. يا سلام علي المنطق
    نرفع القبعات لهذا المقال المحترم الذي ناقش الموضوع بموضوعية وفهم عالي جدا وإن كانت الجزيرة تحتاج لعشرات المقالات حتي تعود ويعود مشروعها عماد غقتصاد السودان
    كما أرجو من المدعو(كلو كلو) التزام الموضوعية لفائدة النقاش.
    الشكر للراكوبة علي اتاحتها الفرصة للنقاش الهادف.

  3. شكرا لك محمد قسم الله لقد نكات جركا قديما قام الامراء الجدد بردمه كي لا يعلم الناس اين يقفون وما هو دورهم في الحياة المتسارعة

    رحم الله الامين محمد الامين والاباء الافاضل من مكتب الكتير الى مكتب توم عندما كان مشروع الجزيرة لا يحتاج لتموين بل كان يكفي كل السودان وتبنى عليه موازنة الدولة عندما كانت ميزانية السودان توضف في بداية شهر يوليو عند بداية المشروع الزراعي
    لم نسمع بان اهلنا كلوا او ملوا او اشتكوا من زائر غريب او ذكروا شخص بقبيلته او جنسه
    انما كانوا اخوة وعمالنا كل ياخذ حق حسب جهده

    وبالرجوع الى قصة السرايات هي كارثة المشروع لان القائمين على إدارة المشروع ترفعوا عن النزول الى ارض الواقع ومعرفة الحقيقة من مصدرها المزارع الذي يدفع لهم رواتبهم من انتاجه ولكنهم نسوا ذلك وعاشوا في ترف السرايات وذلوا صاحب الحق المزارع بلا رحمة ان نزع الله رحمته عنهم

    مشروع الجزيرة اتفق على اهميته العدو قبل الصديق وهو أهم من البترول ان وجد الادارة الرشيدة والصادقة مع نفسها وربها

    تحياتي لارض الخير والطيبة

  4. منذ سنوات طويلة وانا أقيم خارج السودان وقد لفتني هذا المقال الذي أثار في نفسي لواهج ذكريات لن تخبو في نفوسنا ما حيينا وما أخذتنا رياح الغربة بعيدا بعيداً عن الجزيرة ومشروعها الأسطورة.
    أنا بوصفي واحدا من أبناء الجزيرة وبكامل قواي المعتبرة شرعاً وقانوناً أرشح السيد محمد قسم الله لترؤس لجنة مهمتها ضخ الروح في جسد المشروع ولو إعلامياً دعك من المتابعة والتنسيق مع الجهات المختصة ولقد قرأت للسيد محمد قسم الله عشرات المقالات في شأن المشروع أسأل الله أن تكون في ميزان حسناته
    وبالله التوفيق

  5. هل ظننت ان الذين ذهبوا لمقابلة الرئيس قلبهم علي المشروع … ؟اما تدري ان غالبيتهم من بني شيطان الذين تسببوا في كل ما حدث بالمشروع ؟ الا تدري ان من بينهم من ساهم في هذا الدمار ؟ الا تدري من بينهم من حمل حقداً دفيناً طوال هذه السنوات علي اهل الجزيرة الطيبة السمحة والتي احتضنتهم وهم لا علاقة لهم بالبلد … ليسو بسودانيين.. ضمتهم الكنابي وعملوا في الحقول وعلمتهم الجزيرة ليكون الجزاء منهم كما جزاء سنمار … 2005 والمستفيدون … من الذي اغتنى ومن الذي افتقر .. الجزيرة لم تكن تضم كل اهل السودان فقط .. بل بالافارقة من دول الجوار والذين عاشوا فيها وبين اهلها معززين مكرمين حتى جاءها الحاقدووووون .. لك الله يا بلدي

  6. ياود قسم الله كلامك سمح وحديثك عو السرايات سليم الف في المائة لكنك ظلمت البوني بدلا من ان تكون عونا له في حمل هموم الجزيرة واسالك من فوض عمر البشير ليحكم السودان بدلا من ان تسال من فوض البوني ليكون ضمن الوفد ثم ثانيا من الذي كشف خيبة الوفد ونوايا السلطة غير البوني اتحداك اديني اي مصدر تاني غير الذي كتبه البوني في عموده فيا اولاد الجزيرة كفانا فرقة وكفانا تشكيك في بعض المتربصون بالمشروع هم المستفيدون من تفرقكم هذا ما كفانا الخيبة التي حلت بنا في الذين باعوا اهلهم ومشروعهم بدراهم

  7. مشروع الجزيرة كغيره من المشروعات التنموية الاستثمارية أسسه المستعمر البريطانى لأهدافه وامداده بخام القطن السودانى وهو كأى مشروع مبنى على دراسة جدوى ودورة حياة وعمر افتراضى الحكومات الوطنية التى تعاقبت على الحكم جميعها لم تضع هذه الاعتبارات فى حسبانها وهى تقوم بتأهيل هذا المشروع بطرق ترقيعية لا تعالج جذور الاشكال الذى كان يجب أن يستصحب كل الفروض النظرية ودورة حياة المشروع وبالطبع تبعتهم الانقاذ فى ذات المسلك رغم اجتهادها أكثر من كل الحكومات التى سبقتها ولكن غاب عنهم جميعا أن لكل داء دواء الا الهرم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..