بقلم استاذ/ وليم ساندي
يقول بعض الناس بان جنوب السودان بلد عجائب, وان كانت هناك سبع عجائب فى الدنيا, فان العديد من العجائب تحدث دائما فى دولة السودان الجنوبى. ومن بينها ان يحتفل بعضنا, بمجرد اعلان خبر اعفاء السودانيين الجنوبيين من رسوم تاشيرة الدخول الى دولة كينيا وبرغم معرفتنا بعدم استفادة دولة السودان الجنوبى منذ انضمامه الى منظومة شرق افريقيا كما لم نسفيد شيء من جيراننا في يوغندا وكينيا.
على حسب تقرير اذاعة اى راديو, بتاريخ 28 فبراير 2021م, قال الرئيس الكيني أوهورو كينياتا إنه سيرفع جميع القيود المفروضة على حركة مواطني جنوب السودان. أعلن ذلك في القمة العادية الحادية والعشرين لرؤساء دول مجموعة شرق إفريقيا يوم السبت. “بروح المصير الواحد لشعب واحد ، سمحت كينيا بحرية تنقل الأشخاص من منطقتنا والقيام بأعمال تجارية أو حتى أنشطة اجتماعية دون عوائق غير ضرورية. يأتي ذلك بعد الاعتراف بأن شرق إفريقيا الموحدة أقوى من تلك المنقسمة. وفي هذا السياق ، وبناءً على طلب سابق من رئيس جنوب السودان سلفاكير ، ستزيل كينيا جميع قيود التأشيرات المفروضة على جنوب السودان على أساس المعاملة بالمثل “. جاء إعلان الرئيس كينياتا بعد أن ناشد الرئيس سلفا كير الدول المجاورة اعفاءنا من التأشيرة بين جنوب السودان من جهة وكينيا وأوغندا من جهة أخرى. تتقاضى دول شرق إفريقيا الثلاث 50 دولارًا أمريكيًا للحصول على تأشيرة دخول واحدة للمواطنين العاديين.
ان المحتفليين بهذا الخبر, هى فئة قليلة من اثرياء جنوب السودان, وعلى وجه الخصوص, صفوة وحكام دولة جنوب السودان الذين تقيم اسرهم فى دول اخرى, وبصفة خاصة فى دولتى كينيا و يوغندا قبل وبعد توقيع اتفاقية السلام الشاملCPA ,وبعد اعلان دولة جنوب السودان يتلقى ابنائهم و بناتهم التعليم الاساسى والثانوى فى هذه الدول, و تسكن اسرهم فى منازل مستاجره فى تلك الدول, و يتلقى صفوة و حكام جنوب السودان و اسرهم خدمات علاجية فى هذه الدول. فان دولة جنوب السودان من ضمن الدول افريقية, التى لا تجد فيها ابناء و بنات الصفوة و حكام جنوب السودان فى مؤسساتنا التعليمية المحلية, كما لا يقيم معظم اسرهم, اقامة دائمة فى وطنهم, ولاتجدهم الآ فى مدرسة د. جون قرنق العالمية التى تم تأسيسها قبل احداث ديسمبر 2013م, التى هي من اغلى المدارس على مستوى العالم ولا تجد فيها ايتام الشهداء و ابناء و بنات قدامي المحاربين و معوقى الجيش الشعبى لتحرير السودان, الذين كان يقودهم د. جون قرنق من اجل تحرير السودان من التهميش و الظلم.
حقيقة لانرى اي فوائد يستفيد منها شعب جنوب السودان من الغاء رسوم التاشيرة بل المستفيد الحقيقي من الغاء رسوم تاشير الدخول هم مواطنى دول الجوار, الذين اصلا ظلوا يسيطرون و يقررون مصير اقتصاد البلاد وهم الذين يقررون سعر تداول العملات الصعبة, بما فيها الدولار الامريكى فى اسواق جوبا, كما يضعون اسعار السلع الاستهلاكية, على حسب مزاجهم.
منذ بداية تأسيس حكومة جنوب السودان فى 2005م, ظل السودانيين الجنوبيين يحولون الملايين من الدولارات الامريكية شهريا الى دول الجوار, بما فيها كينيا, وويوغندا و اثيوبيا و اريتريا والسودان, وحتى استراليا, حيث اشترى بعض السياسيين العقارات فى تلك الدول, و يتم تحويل هذه الملايين من الدولارات لتصرف على الخدمات المتوفر محليا, كتعليم الاساسي و الثانوى, و السكن. يتم تحويل الملايين لاستيراد الطماطم. والدقيق والذرة الشامى والفواكة و بعض المنتجات الزراعية, التى يمكن انتاجها محليا. وفى المقابل , لايتم تحويل دولار واحد من دولتى كينيا و يوغندا الى جنوب السودان.
ألا يكفي السودان الجنوبي أن يوفر ويدعم تعاملا مميزا مع كينيا ويوغندا وهما كانتا الدولتين الأكثر حماسة وتأييدا لإنفصال جنوب السودان بالإضافة لأثيوبيا وأرتيريا.. طبيعي أن يكون هناك تحرك شديد الإيجابية من السودان الجنوبي تجاه هذه الدول التي ساهمت بقدر كبير في أنشاء دولتهم، عموما إن أراد السودان كسب مزيد من المزايا والصلات التجارية الإقتصادية بالإضافة للإجتماعية القائمة أصلا فالفرصة متاحة الآن أمامه من خلال تحقيق مخرجات حقيقية لمحادثات السلام الجارية حاليا مع حركة عبدالعزيز الحلو في جوبا ، تخاطب جزور المشاكل بين العروبية/أسلاموية العنصرية والثقافة الأفريقية العريقة الرافضة للإستلاب والهيمنة والتنمر والفساد.و و و على السودان إن أراد علاقات طبيعية مع السودان الجنوبي أن يفتح كل الأبواب ورفع كل الثود بين الشعبين خصوصا في الولايات الحدودية وأن يوفر قدرا كبيرا من الطرق البرية والسكك الحديدية والمواصلات النهرية وأن تكون شبكة الإتصالات موحدة بين البلدين وأن تكون الحركة السياحية بين السودانيين على قمتها وربما يجوز للسودان الإستفادة من نظام التعليم الإنجليزي السائد في السودان الجنوبي.