درب الألم!!؟؟

٭ تأملت وجوه الناس في الطريق.. افتقدت ملامح الضحك فيها.. بل ملامح الرضا.. رأيت كل الوجوه حزينة عابسة.. وجوه الشباب والأطفال والنساء والرجال، استدعيت مقولات كثيرة.. يقول اهلنا: الضحك بلا سبب قلة أدب.. مالك بتضحك زي نار القصب.. اذن ليس هناك سبب واحد للضحك في حياة الانسان السوداني.
٭ لكن كثيرا من الفلاسفة تحدثوا عن اهمية الضحك في حياة الانسان.. فولتير قال ان لم تبق لنا ضحكاتنا لشنق الناس انفسهم فويل للفلاسفة الذين يبسطون تجاعيدهم لان العبوس في نظري مرض عضال.
٭ تساءلت لكن من اين لنا باسباب الضحك الا ذاك الضحك الباكي «شر البلية ما يضحك» او ضحك الذين فقدوا التمييز بين المشاعر الحزينة والمشاعر المبهمة.
٭ ظللت طوال اليوم ابحث عن اسباب غياب الضحكة الجزلة من وجوه غالبية اهل السودان او الابتسامة الحالمة.. وبطل العجب تماماً فقد عرفت السبب.. السبب كما رأيته هو ان الحكومة لا تكترث بالفقراء الذين اصبحوا يمثلون الغالبية الساحقة من اهل السودان.
٭ وقفت عند هذه الجملة الصغيرة بعدد كلماتها الكبيرة في معناها.. وقفت كثيراً عند عذابات هذا الكم الهائل من المجتمع السوداني.. نعم الكم الغالب من سكان السودان فقد اضحت الغالبية العظمى من السودانيين تحت خط الفقر.. ألم تقل احصائيات 8991م ان نسبته بلغت الـ 69% ونحن الآن في 3102م.
٭ وسياسة التحرير الاقتصادي غير المقدور على آثارها السلبية هي السبب تساعدها الخصخصة المتصاعدة وهذه الايام زاحفة الى مصانع السكر.. ووزير المالية يقول ليس هناك جوع.. وأكلوا الكسرة ووزير الثروة الحيوانية يقول لماذا تأكلون لحمة رخيصة..
٭ نظرة عابرة للخارطة الاجتماعية تبرز هذه الحقيقة حقيقة الفقر والبؤس بوضوح ساطع اسطع من شمس الظهيرة في نهارات مايو القائظة.
٭ تلاشت طبقة كاملة خلال الثلاثة والعشرين عاماً الماضية تلاشت الطبقة الوسطى.. طبقة الموظفين وصغار التجار والمهنيين والحرفيين وقطاع كبير من المزارعين كل هؤلاء داست عليهم سياسة التحرير وسحقت آمالهم في العيش الكريم وفي التعليم وفي الدواء وفي الوضع الاجتماعي المتميز، وضع الموظف والتاجر والمزارع، واصبحوا كلهم تحت رحمة جرعة الدواء وظل السكن في اطراف المدن باهظ الايجار ووجبة واحدة مكونة من فول او وجبتين على احسن الفروض.. بلا لحمة فاللحمة اصبحت بعيدة المنال.. هذه حال الغالبية العظمى من اهل السودان.. وهناك طبقة اخرى طبقة الـ 4% طبقة مترفة تتمتع بكل شيء العلاج والسكن المريح والتعليم الميسر والطعام الفاخر ولكنها اقلية وارثة او اقلية اثرت حديثا في ظل التحرير والخصخصة والاستثمار وما يتبعه من نشاط طفيلي يمتص من جسد الاقتصاد الوطني العافية لتذهب الى جيوب اقلية تعمل في التهريب والتهرب والاحتيال والغش.
٭ صحيح ان الحكومة تتحدث عن صناديق الدعم وعن مشروعات الزكاة وعن التأمين الصحي وعن.. وعن.. ولكنه لا يجدي ولا يغير الواقع المرير.. واقع الفقر الذي نعيشه حرماناً وقهراً وانكساراً وينذرنا بمستقبل مظلم عندما يشب هذا الجيل ضعيف البنية قليل الحظ جيل البوش والسخينة ومرقة ماجي.
هذا مع تحياتي وشكري
الصحافة
صدقت ياامال عباس