جرائم الاغتيالات في السودان تفشت كالوباء وفاقت اعدادها ضحايا “الكورونا”
بكري الصائغ

١-
صراحة، ما كنت اود اليوم ان اكتب عن جرائم الاغتيالات في السودان والتي فاقت حد التصور بشكل مريع في بلد بلا محاكم او نيابات تحقق في الجرائم، ووجود فوضي اضرابات واعتصامات “نادي النيابة”، عدم الصرامة والحزم في تطبيق القوانين، ويآس بدا يدب في نفوس ضباط ورجال شرطة وزارة الدخلية من استحالة استعادة الأمن والامان، لعدم وجود اهتمام حقيقي من الحكومة في ترقية اداء جهاز الشرطة!!
٢-
كان هدفي في البداية ان اكتب مقال عن حزب الامة القومي، الذي يطالب بمنحه (٦٥) مقعدا بالمجلس التشريعي من نصيب الحرية والتغيير البالغ ١٦٥مقعدا!!، وهو بالطبع شيء يثير السخرية -علي اعتبار ان هذا الحزب “الاقطاعي” المملوك لآل المهدي لايعتبر باي حال من الاحوال حزب عنده مكانة في الساحة السياسية في سودان ما بعد التغييرالذي اطاح بالرئيس المخلوع والصادق المهدي وابنه ومعهم محمد عثمان الميرغني!!
٣-
اتصلت باحد اصدقائي الصحفيين ويعمل في مؤسسة صحفية عريقة بالخرطوم، وسالته عن اخر اخبار حزب الامة القومي الذي يسعي للحصول علي مقاعد بالمجلس التشريعي، واكدت لصديقي انني بصدد كتابة مقال حول حزب الأمة، ولكن فوجئت به يقول ان اخر اهتمامات المواطنين والصحفيين وعامة الشعب هو ما يجري داخل حزب الامة ومطالبه بمقاعد، علي اعتبار انها اخبار لا ترتقي لاهمية المتابعة!!، كل الناس في السودان عن بكرة ابيهم قلقون للغاية من الحالة السيئة التي وصلت لها البلاد، واصبح لا يمر يوم الا وتنشر فيه الصحف خبر او خبرين عن سقوط قتلي مضرجين بدمائهم بضربات ساطور او طعنات سكين، وفي اغلب الاحيان بطلقات رصاص من مسدس او مدفع رشاش !!، بل ان الاغيالات لم ينجو منها حتي ضباط ورجال الشرطة.
٤-
وبناء علي المعلومات الخطيرة من صديقي الصحفي حول جرائم الاغتيالات، رأيت ان يكون الموضوع اليوم عن هذا الموت هاجس كل مواطن ومصدر قلق الملايين.
٥-
قال الصحفي: “لا توجد حتي الان احصائية دقيقة صدرت من وزارة الداخلية بعدد القتلي الذين ماتوا في احداث دامية طالت مجموعة من الضحايا، او قتلوا في حالات فردية ، وسبب الصعوبة الحصر وجمع هذه الحالات عن الاغتيالات، انها تقع في اماكن بعيدة ومهمشة لا تلم بها الشرطة!!، فعلي سبيل لو وقعت جريمة قتل في مناطق التعدين، فان الذين يقومون بالتعدنين هناك سرعان ما يقومون في سرية تامة بلملمة اطراف الجريمة ، ويدفنون القتيل وينتهي الامر بكتمان الجميع ، كل هذا يتم بسرية شديدة خوفآ من وصول الشرطة الي مكان الحادث وابعادهم من المنطقة ويفقدون رزقهم!!”
٦-
(أ)-
قال الصحفي:” لكن هذا لا يمنع ان نتكهن نحن الصحفيين في المؤسسات الصحفية بعدد حالات الاغتيالات التي وقعت في البلاد خلال الفترة من اول يناير ٢٠١٩ وحتي نهاية اكتوبر الماضي – اي خلال (٢٢) شهرآ الماضية ونقدرها بنحو (٣٠) الف قتيل، يدخل في هذا الرقم اعداد الضحايا الذين قتلوا في مجزرة “القيادة العامة”، مجازر وقعت بين بين القبائل في دارفور، احداث القضارف وسقوط عشرات القتلي، اغتيالات بالجملة في كسلا، وعشرات الضحايا من قبل عصابات “النيقرز”، أحداث بورتسودان بين قبيلتي البني عامر والنوبة ادت الي مجزرة دامية ، احداث الجنينة وسقوط (٥٤) قتيل، ظاهرة اصبحت اكثر من عادية فكثيرآ ما تتحول المشاجرات الفردية في غرب دارفور إلى معارك قبلية طاحنة، عصابات متفلتة بمناطق التعدين بالولاية الشمالية وعدم قبول السكان الاصليين وجودهم في المنطقتة.
(ب)-
قال الصحفي:” في هذا الرقم المذكور اعلاه (الغير رسمي) عن ال(٣٠) الف قتيل، تدخل ايضآ اعداد حالات الاغتيالات الكثيرة التي طالت مواطنين قتلوا في محاولات الدفاع عن ممتلكاتهم، او حماية لاعراضهم، وفي اغلب الحالات يكون سبب سقوط القتلي بسبب:
محاولة اختطاف او سرقة موبايل، النقاش الحاد بعصبية، معاكسة الفتيات ، قتلي في محاولات نهب مسلح، السطو ليلآ بالسلاح ، السكر وفقدان الوعي، الثآر، الغيرة، الخلافات في الميراث، الخيانة الزوجية، خيانة الامانة، المشاكل الاسرية، الاغتصابات، عدم سداد الدين، النزاع حول الاراضي والعقارات.
(ج)-
اغلب حالات الاغتيالات والمجازر المعروفة التي وقعت في السودان خلال الفترة من ١/ يناير ٢٠١٩ حتي نهاية اكتوبر ٢٠٢٠، كانت مناصفة بين السلاح الناري والابيض، والشيء المعروف ان سبة الاغتيالات تزداد يوم بعد يوم بسبب فشل ولاة الولايات فشل ذريع في جمع السلاح الناري من المواطنين، وهناك احصائية قديمة صدرت من وزارة الداخلية عام ٢٠٠٨، ان عدد السلاح الناري في ايدي المواطنين بولاية الخرطوم يفوق عددها ال (٢) مليون وخمسمائة الف قطعة سلاح غير مرخصة، وكلها وصلت الي الخرطوم عن طريق التهريب، ودخلت للعاصمة بكل امن وامان وتحت نظر الحكومات التي تعاقبت علي البلاد!!
(د)-
في شهر مارس عام ٢٠٢٠ وقعت معارك ضارية بين قبيلتي “الزيادية” العربية و”البرتي” غير العربية واستخدمت فيها أسلحة ثقيلة في منطقة مليط شمال الفاشر كبرى مدن شمال دارفور، لم يستطع الجيش ووقفها الا بعد تدخلات ووساطات اكبار اهل المنطقة، وحتي هذه اللحظة مازالت الاسلحة الثقيلة متمركزة في اماكنها لم يتم مصارتها!!
(هـ):
قال الصحفي: “كثير من مناطق السودان اصبحت عندها الصيت السيء بسبب الفوضي والتسيب وعدم وجود الامن والامان فيها، واشهرها، دارفور، كسلا، امبدة، الحاج يوسف!!
٧-
اختتم الصحفي كلامه “الحكومة لها ضلع كبير في الحالة الامنية المتهورة التي وصلت لها البلاد، وارتكبت اكبر جريمة في حق المواطنين باهمالها بسط الامن والامان بقوة القانون، وتركت اهم واجباتها نحو تطبيق القوانين الرادعة، وتساهلت في حل المعضلات الكبيرة ولجأت الي تطبيق سياسة “التحنيس” ومسك العصا من منتصفها، وفشلت الحكومة منذ تاسيسها في تقديم ولو مجرم واحد للمحاكمة، وهو الامر الذي افرح كثيرآ المجرمين والقتلة وجعلهم يؤمنون ان السودان بلد بلا قوانين ومحاكمة، وراحوا يعثيون اليوم الفساد بصورة اكثرعن ما كان موجود من قبل.”.
– انتهي كلام الصحفي -.
٨-
رغم احترامي لكلام الصحفي، الا ان الرقم (٣٠) الف قتيل خلال عام و(١٠) من وجهه نظري كبير للغاية، واذا كان الرقم صحيح فهذا يعني ان حال السودان لا يختلف كثيرآ عن حال الصومال واليمن والعراق!!
٩-
اوافق الصحفي علي اتهامه للحكومة وانها وراء كل المصائب التي تزداد يوم بعد يوم، وانها لا تهتم كثيرآ بالاغتيالات التي حصدت ارواح اكثر مما حصدته “الكورونا”!!
بكري الصائغ
[email protected]
وصلتني اربعة رسائل من اصدقاء علقوا فيها علي المقال، وكتبوا:
١-
الرسالة الاولي من السودان:
(… وقوع المجازر وجرائم الاغتيالات والاغتصابات والنهب المسلح سببها الرئيسي تقاعس الحكومة عن تطبيق القوانين وبسط الامن وحمايته بكل قوة ومعاقبة الذين انتهكوا هذه القوانين، كل مواطن اصبح هدف للاعتداء عليه سواء كان في االشارع او داخل منزله، حتي مدن العاصمة المثلثة توجد فيها مناطق كثيرة افتقدت الامان بعد الساعة الثامنة مساء، لذلك لجأ السكان الي اقتناء السلاح، الوضع جد خطير ويحتاج الي معالجات سريعة.).
٢-
الرسالة الثانية من الخرطوم:
(…صديقك الصحفي لم يوفق في تعريف امبدة كاحدي المناطق التي عندها عندها الصيت السيء بسبب الفوضي والتسيب وعدم وجود الامن والامان!!، هل نفهم من كلامه ان امبدة قطعة من دارفور ؟!!، امبدة مثلها مثل مناطق كثيرة في السودان فيها سلبيات كثيرة ، وحوادث اجرام، وتفتقر المنطقة مراكز شرطة، وعدد الضباط ورجال شرطة يعدون علي اصابع اليد الواحدة، ولكن رغم هذه السلبيات لم يصل الحال في امبدة الي وصفها بمنطقة كارثية!!.).
٣-
الرسالة الثالثة من موسكو:
(…اخونا بكري، قبل مدة زرت الخرطوم في زيارة الصيف، وصراحة وجدت اشياء لم تكن موجودة من قبل في العاصمة ، فالفقر المدقع الذي يعاني منه نسبة كبيرة من المواطنين جعلتهم عرضة للانحراف واللجوء للعنف لتآمين القوت اليومي، وبما “الجوع كافر” اصبح وقوع القتلي شيء عادي!! ، الوضع خطير للغاية خاصة ان الخرطوم تستقبل يوميآ مئات من النازحين واللاجئين بكثرة وكلهم بلا دخل او من يعولهم!!.).
٤-
الرسالة الرابعة من الخرطوم:
(…انا شخصيآ املك مسدس وبندقية، وعندي في المنزل اربعة كلاب، وعندي خارج البيت جهاز مراقبة، والبيت مسور بالاسلاك الشائكة مربوط بجهاز انذار..ومع ذلك لا اشعر بالامان!!.).
بعض اشهر جرائم الاغتيالات في السودان -(عناوين اخبار)
١-
جرائم اغتيالات مروعة “غير سياسية” هزت السودان … مرتكبيها بلا محاكمات!!
https://www.alrakoba.net/31395160/%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%85-%D8%A7%D8%BA%D8%AA%D9%8A%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B1%D9%88%D8%B9%D8%A9-%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D9%87%D8%B2%D8%AA-%D8%A7/
٢-
09.03.2020:- جريمة مكتملة الأركان.. ما نعرفه عن محاولة اغتيال رئيس وزراء السودان…
جهات أجنبية متورطة في محاولة اغتيال رئيس وزراء السودان …
٣-
Sep 21, 2020 : محاولة إغتيال دبلوماسي اميركي في السودان…
محاولات اغتيالات مابعد الثورة.. من يقف خلفها؟!!
٤-
فوضى الخرطوم: الشرطة عين نائمة!!
٥-
النيابة العامة تتوعد مرتكبي جريمة إغتيال وكيل نيابة المجلد …
٦-
29.12.2018 :- السودان يعلن ضبط خلية اغتيالات وتخريب شمالي الخرطوم…
المشكلة المواطن فقد الثقة في الدولة. المجرم اذا سرق، أو نهب، أو قطع الطريق، أو أغتصب، أو انتمى الى خلية اجرامية منظمة، أو رزج لممنوعات- المجرم مقتنع تماما أنه سيفلت من الملاحقة والعقاب.
عليه، المسؤولية تقع على الدولة، والا كل مواطن – في حل عن الدولة – يفكر في الوسيلة التي يحمي بها نفسه وعرضه.
يا حبيب،
مواصلة لتعليقك الواعي الذي وضع النقاط فوق الحروف، اضيف من عندي ذلك المقال الرائع الذي كتبه الاستاذ المحامي/ علي عجب في صحيفة “الراكوبة” بتاريخ ٢٣/نوفمبر الحالي تحت عنوان:(الحكومة السودانية تقوض احتمالات المساءلة بمنح الجنجويد عفو عام عن الجرائم الدولية في دارفور)، واوضح في مقالة كيف بدأت السلطة الحاكمة في الخرطوم تمهد رويدآ رويدا العفو عن قتلة النظام السابق!!
المصدر:
https://www.alrakoba.net/31485514/%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%83%d9%88%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%88%d8%af%d8%a7%d9%86%d9%8a%d8%a9-%d8%aa%d9%82%d9%88%d8%b6-%d8%a7%d8%ad%d8%aa%d9%85%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3/