ثلاثة باعوضات.. وخمسة ذبابات !

محمد وداعة

أعلنت الادارة العامة للشؤن الصحية والبيئية بمحلية أم درمان عن انخفاض نسبة الاصابة بالملاريا نتيجة لإنخفاض مستوى الباعوض عن المعدل العالمي ، لتكون نسبة الباعوض بالمحلية (3 ) باعوضة بالغرفة ، السيد صلاح الدين حسن مدير الادارة قال في تصريحات صحفية ( أن انتشار نسبة الذباب كانت أعلى من مستوى القياس العالمي في بداية فصل الخريف بسبب وجود حظائر المواشي ، لتسجل بالغرفة الواحدة ( 10 ? 8 ) ذبابات ،بينما القياس العالمي يبلغ ( 6 ) ذبابات ، كاشفاً أن الحملات التي نفذت في المحلية عملت على تقليل النسبة الى ( 5 ) ذبابات بالغرفة ، خلاصة حديث السيد مدير الادارة العامة للشئون الصحية والبيئية ان الحملة حققت معدلات أقل من المعدل العالمي ، وذلك بتراجع نسبة الباعوض ( 3 ) باعوضات والذباب الى ( 5 ) ذبابات ، السيد مدير الادارة لم يوضح الأساليب التي تم اتباعها في الوصول الى هذه النتيجة ، ولا المناطق التي تمت تغطيتها والكوادر البشرية التي شاركت في العملية ؟

وأين هذه البيوت والغرف التي دخلوها ؟ ولم يحدد سيادته كيفية التأكد من عدد الباعوض الموجود في الغرفة الواحدة ،على أساس أنه ينشط ليلاً ، ويظل في حالة سكون الى أن تجذبه روائح جلدتنا ، يضاف الى ذلك عدم تحديد انواع المبيدات المستخدمة مع الإفصاح عن مدة الأثر المتبقي ، مايثير الحيرة في حديث السيد مدير ادارة الشئون الصحية والبيئية هو تحديده للنسب التي أسماها دولية مع اغفالها وذكر أعداد الباعوض والذباب ، ومع تشكيكنا في المصادر و الدراسات التي أعتمد عليها في تحديد النسب أو الأعداد ، إلا أننا يمكن أن نورد له عشرات الدراسات التي وصلت اليها منظمة الصحة العالمية ويعرفها أطباء الحميات من أن طفيل الملاريا يقضى فترة حضانة في دم الانسان تتراوح ما بين ( 5 – 10 ) يوم قبل ظهور أعراض المرض ، وعليه من المستبعد أن تكون معلومات السيد مدير ادارة الشئون الصحية عن انخفاض نسبة الإصابة بالملاريا مردها إلى حملة المكافحة و يمكن اعتبارها تأكيدات على انخفاض عدد الباعوض والذباب الى اقل من المعايير العالمية التي يزعمها ، ولما كان غالب المواطنين يستخدمون ( الحيشان ) وفناءات المنازل واحيانا خارجها ، فلم يورد سيادته أية أرقام عن أعداد البعوض والذباب في الحيشان ، وبحسب معلومات سيادته فماذا يعني وجود ثلاثة باعوضات في الغرفة ؟ وكم شخصا يوجد في هذه الغرفة ؟ الحقيقة هي ان اعداد الذباب في ازدياد ، وجيوش الباعوض في ازدياد ، وحالات الاصابة بالملاريا في ازدياد في ولاية الخرطوم وفي محلية أمبدة تحديداً ، ولا يوجد أي دليل على تناقص الجيوش الجرارة منها ، أما حملة الرش بالطائرات فحدث ولا حرج ، ولا أثر لها ولم نشاهد هذه الطائرات ترش أي مواد ، ولم تتم تغطية أحياء العاصمة المتضررة ، وطارت في ممرات محددة وظلت برك المياه الآسنة والقمامة الغارقة في المياه، بيئة مثالية لتوالد الباعوض وتكاثر الذباب.

هذا الحديث من باب ارسال القول على عواهنه وينطوي على استخفاف بعقول المواطنين واستفزاز مباشر للخبراء والمختصين في هذا المجال ، بعد تصريح السيد مدير ادارة الشؤن الصحية ، قمت بجولة ميدانية واسعة في بيوت الأهل في المحلية ولا أثر لمزاعم سيادته ، الذباب على الأرض والجدران وعلى الأثاث وعلى الأواني المنزلية وكل جالس في الغرفة تتناوبه جحافل الذباب ، على الوجه واليدين والأرجل أما الباعوض فإن الحديث عنه يثير الضحك فما أن تغيب الشمس حتى تهاجم الشخص الواحد أكثر من ثلاثة ، وتجد نفسك في عمل متواصل لمكافحة لسعات البعوض و ( تنكرش ) من رأسك حتى أخمص قدميك ، هل للسيد مدير ادارة الشؤن الصحية و البيئية افادتنا عن أنواع البعوض النهاري والذباب الليلي؟
الجريدة