مقالات وآراء

أكثر من السؤال حتى لا يموت قلبك فتخسر ربك!

صديق النعمة الطيب

قد نتسآءل أحياناً، لماذا نجد الملحد يتحدث بقوة، ويسأل أسئلة بسيطة ومحيرة، من قبيل ما الدليل العلمي على وجود الله، وهل هنالك شخص مات ثم عاد ليكلمنا عن الحياة الأخرى، الله مجرد أسطورة نسجتها عقول من تخاذل علمهم وحار منطقهم في معرفة كيف بدأ الخلق (تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً)، وعندها لا نملك ونحن نجادله إلا أن نردد “استغفر الله يا كافر يا ملحد”!

الاجابة بسيطة جداً!
ذلك لأن الملحد لديه جرأة أكثر، بموجبها أعلن إلحاده، وفي الغالب يكون قارئ وبالتالي يستطيع أن يتحكم في انفعالاته أكثر، بينما صاحب العقيدة يكون متوتراً ومنفعلاً لاحساسه بالخطر على الدين، بينما هو في حقيقة الأمر يخاف على معتقده المتوارث وليس على الدين، ذلك لأن للدين ربٌ يحميه (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ!).

الملحد اختار أن يكون ملحداً لذلك قد تجده يمتك جملة من الأسئلة الوجودية الهجومية (ليس بالضرورة أن تكون منطقية)، بينما صاحب العقيدة لا يملك سوى أجوبة، لأن العقيدة لا تقبل المساءلة إما أت تأخذها كما هي أو أن تتركها، عكس الايمان، وبالتالي ليست لديه أسئلة وجودية انتجت له “تجربة إيمانية”!

لذلك تجد الملحد هو من يبدأ الحوار فيمتلك بالتالي زمام المبادرة، وتوجيه الأسئلة الهجومية، واصحاب العقائد يجاوبون ويصرخون وينفعلون بصوت واحد، وربما قام أحدهم وقطع رأسه، أو “عمل ليهو بلوك”!

بينما المعرفة الحقيقية عبارة عن “أسئلة” وجودية، تولد أسئلة تؤدي إلى مزيد من الأسئلة تنتهي بشوق للأسئلة، (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ)، (وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ)!

الاشكالية هي أن الملحد يستخدم العقل المجرد والمنطق الصوري في نفي وجود الله، بينما الحقيقة أن وجود الله تعالى يثبت بذات المنطق وبذات التجريد العقلي (تكافؤ الأدلة)! فلكل حادث محدث والكون حادث فلا بد له من محدث، وهو واجب الوجود بذاته!

إذن ما الذي يحسم هذا الجدل؟

الذي يحسم الجدل هو الحدس، فقط الحدس!

أنا أحس عميقاً في دواخي بوجود الله، أراه في كل شيء من مخلوقاته، في الباعوضة والذبابة والنحلة والنخلة والوردة، بل أراه في الملحد نفسه الذي ينكر وجوده، ويمد له مداً!

وجود الله من عدمه هو تجربة إيمانية فردية بحتة، اذا عشتها يصبح كل جدال في اثباب وجود الله مجرد “هرجلة” لا طائل منها..

إن كنت لا تؤمن بوجود الله فعليك أن تؤمن بوجود من يؤمن بالله، وإن كنت تؤمن بوجود الله فعليك أن تؤمن بوجود من لا يؤمن بوجود الله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ ۖ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)!

وخلاصة الأمر الايمان بالله هو بالضرورة إيمان بالمبادئ الانسانية الكبرى، والبشرية تتجه نحو تقبل الآخر كما هو (وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)!

كم نحن في حاجة لتصوف الحلاج، لا لتصوف الجماعات والطارات!

يقول الحلاج : “صفات البشرية : هي لسان الحجة على ثبوت صفات الصمدية “!  (فكل صفة لا بد لها من وجود كامل، انت كريم والله هو الكريم المتعال كامل الكرم)!

ويقول الحاج:
والله ما طلعت شمسٌ ولا غربت
إلا و حبّـك مقـرون بأنفاسـي
ولا خلوتُ إلى قوم أحدّثهــم
إلا وأنت حديثي بين جلاســي
ولا ذكرتك محزوناً و لا فَرِحا
إلا وأنت بقلبي بين وسواســـي!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..