
الحمد لله الذي كتب الله علي نفسه الخلود و البقاء، و كتب علي كل البشر الموت و الفناء..تلك هي مشيئة الله و سنته في كونه و أرضه.. و الموت هو الحق الأزلي و هو سبيل الأولين و الآخرين، و طريق الأخيار و الأشرار.. و ما من نفس إلا واردة حوض المنية، فنسأل الله حسن الخاتمة و المغفرة.. فجعت الأمة السودانية بكل أطيافها و كياناتها و أحزابها و قبائلها بنازلة رحيل الإمام الحبيب السيد الصادق المهدي.. و سوف تراق مداد و تكتب مقالات و تدبج خواطر في رحيل الإمام، الرجل القامة سمح السمت والصفات.. و قد ذرفت دموع و قيلت مدائح في ذكره و فضله، و سوف يظل الناس يكتبون عنه لأمد طويل. السيد الحبيب الراحل ككل الساسة، يختلف الناس حولهم و يتفقون.. فالناس إختلفت حتي حول الرسل و الأنبياء، تلك سنة الحياة و طبيعة البشر الأصيلة.. و قد شغل الراحل الفضاء السياسي السوداني منذ بزوغ نجمه في الساحة السياسية في ستينيات القرن الماضي. و إمتد أثره لخارج السودان بما عرف عنه من إجتهاد في شأن الدين و الدنيا معآ.. مهما إختلف الناس حول مواقف الراحل المقيم، إلا أن الجميع يتفقون بأنه كان رجل إستثنائي، و سياسي لا يمكن تجاوز رقمه في الحياة السياسية السودانية.. كما أنه تميز بقدرة غير “مسبوقة” علي التسامح و الترفع عن الصغائر، و كانت من أقواله المأثورة ” من فش غبينته دمر مدينته” ، فكان عليه رحمة الله من العافين عن الناس و المتجاوز عن سقطاتهم مهما بلغ الغلو و التجاوز نحوه.. السيد الإمام يحسب له أنه من أشد المدافعين عن الديمقراطية، و دفع في سبيل ذلك ردحآ من عمره في سجون الدكتاتورية السودانية، و ردحا أكبر منفيآ خارج الأرض التي أحبها و أحبته.. و لم يتبوأ طوال تاريخه السياسي منصبآ دون انتخاب.. و قد أفني عمره ينافح ضد التسلط و الجبروت… عرف عن السيد الصادق دقة إختياره لألفاظه، فكان عفيف اللسان لا يسئ لأحد.. كما أنه كان عفيف اليد، لم يعرف عنه الولوغ في المال الحرام.. فعاش عفيفآ و مات شفيفآ. المشاهد التي نقلتها قنوات التلفزة المختلفة لمراسم تشييع جثمان الفقيد، تعكس المكانة التي إحتلها الرجل في قلوب أهل السودان علي المستوي الرسمي والشعبي.. و إن تجاوز الناس لمخاطر الوباء الذي أودي بحياة الإمام و التدافع لوداعه تعكس حب و إحترام لم يحظ به زعيم سياسي آخر، و إجماع و إستفتاء بأن البلاد ستفتقد وسطيته و جنوحه نحو التصالح و الحلول السلمية و البعد عن الشطط و التطرف.. و رسالة لممارسي العمل السياسي لتغليب المصلحة العليا لبلادهم و شعوبهم، عل هذه الشعوب تبادلهم حبآ بحب. المجد و الخلود للإمام، و الرحمة و المغفرة له و خالص العزاء لأسرته و لأعضاء حزب الأمة و لجماهير الأنصار و للشعب السوداني قاطبة، و إنا لله وإنا إليه راجعون.
|



