“اخيرآ بعد (٧٥) عام من الهيمنة: هل يرفض حزب الامة التوريث؟!!”

بكري الصائغ

١-
نشرت صحيفة “الراكوبة” في يوم السبت ٢٨/ نوفبر ٢٠٢، خبر جاء تحت عنوان:
(فضل الله برمة ناصر يتسلم رئاسة حزب الأمة القومي خلفاً للراحل الإمام المهدي)، وجاء في سياقه: تسلم اللواء فضل الله برمة ناصر مهام رئاسة حزب الأمة القومي خلفا للراحل الامام الصادق المهدي إلى حين قيام المؤتمر العام للحزب. وأوضح اللواء برمة بحسب (سونا) أن هذا التكليف يأتي في اطار العمل المؤسسي للحزب بوصفه النائب الأول لرئيس الحزب، وأكد أن الامام الصادق المهدي بنى مؤسسات راسخة وقادرة تنظيميا للقيام بدورها. وقطع برمة بقوة ووحدة عضوية حزب الأمة وتماسكها وتطبيقها لرؤية الامام الصادق المهدي عبر المؤسسية وأكد جديتهم في قيام المؤتمر العام للحزب قريباً. وأوضح أنه سيتم أولاً التأكيد على قيام المؤتمرات القاعدية بدءاً من الإداريات ثم المحليات ثم الولايات ومن ثم التصعيد للمؤتمر العام وايضاً التصعيد من الكليات المختلفة وقال إن المؤتمر العام سيؤمه من يمثلون قواعدهم فعلياَ. وفي سياق متصل  أعلن برمة أن عبد المحمود أبو سيخلف الامام الصادق المهدي في إمامة الأنصار إلى حين قيام المؤتمر أيضا. وأثنى برمة على الدور الذي يقوم به الإعلام وأعرب عن أمله في قيام إعلام وطني تفتح له كل المنابر وتملك له الحقائق ليقوم بدوره كاملاً في خدمة السودان .).- انتهي الخبر-.
٢-
هذا الخبر يعني ان حزب الامة في المستقبل القريب مقبل علي سيناريوهات عديدة  في غاية الخطورة في ظل الصراع القائم بين جيل “شباب الانصار” الجديد الذين سعوا منذ زمن طويل في تغيير خط الحزب القديم الذي لم يتطور منذ تاسيسه قبل (٧٥) عام،… وبين جيل برمة واخرين كانوا لصقين بالامام الراحل/ الصادق المهدي، رفضوا التغيير جملة وتفصيلا، واستطاعوا بما عندهم من مال ونفوذ طاغي ان يبقي حال الحزب كما هو بلا تطوير منذ عام ١٩٤٥.
٣-
حزب الامة في المستقبل القريب مقبل علي سيناريوهات عديدة اولها تاخير متعمد بهدف عدم قيام المؤتمر العام للحزب كما كان يفعل الصادق المهدي طوال سنوات عديدة ، وان القيادة الحالية في الحزب لن تقوم  بتحديد وقت محدد لقيام المؤتمر العام وتظل هي في السلطة الي ما شاء الله!!
٤-
هناك سيناريو اخر، ان الكثيرين من آل المهدي لن يرضوا ان يخرج حزب الامة من هيمنتهم وينطلق بعيدآ عنهم ، وهم الذين اسسوا الحزب وجعلوه جزء من املاكهم الخاصة ابآ عن جد طوال اكثر من نصف قرن، لن يرضوا اطلاقآ ان يكون للحزب صفة اخري غير صفة “حزب اقطاعي” يرعي مصالحهم ويدافع عن مصالحهم باسم الدين!!
٥-
هناك سيناريو ثالث، ان يقوم اللواء/ فضل الله برمة ناصر بعمل انقلاب يعفي بموجبه كل الشخصيات التي تنادي بالتغيير والاصلاح، لاغريب علي الاطلاق، ان قام اللواء/ فضل الله برمة بانقلاب حزبي، فهو شيء ليس جديدآ في تاريخ السودان، ففي ديسمبر عام ١٩٩٩ قام البشير ب”انقلاب ابيض” اعفي فيه حسن الترابي، وعلي الحاج واخرين، وطردهم من الحزب، والغي كل الوظائف السيادية التي كانوا عليها، محمد عثمان الميرغني هو ايضآ قام بانقلاب واطاح بعشرات اشهر الشخصيات التي كانت سنده في الازمات!!، وايضآ الحزب الشيوعي!!
٦-
وطالما الحديث هنا عن الانقلابات التي وقعت داخل الاحزاب السودانية، فلا يجب ان ننسي، ان الامام الراحل/ الصادق المهدي هو الاخر قام في مرات عديدة بانقلابات داخل حزبه، واطاح بعشرات الاعضاء اشهرهم مبارك الفاضل المهدي!!
٧-
ثلاثة فئات تتصارع الان بقوة حول مستقبل حزب الامة القومي:
(أ)-
الفئة الاولي، هم جماعة “الحرس القديم” بزعامة اللواء/ فضل الله برمة، قوة لا يستهان بها، عندها الخبرة والدراية بالعمل السياسي، والتنظيمي داخل الحزب، انهم يفضلون ان يبقي الحزب علي ما عليه دون تغير.
(ب)-
الفئة الثانية، هي فئة آل المهدي الذين يسعون ان يكون الحزب في سيطرتهم كما في الامامة، ولكن يعيب علي هذه الفئة انها ضعيفة لا تقوي علي جمع وحدة كلمتهم من اجل السيطرة علي زمام الامور داخل الحزب، بل حتي عبد الرحمن الصادق المهدي نفسه الذي كان رشحآ بقوة لقيادة الحزب في المستقبل، لم يعد عضوآ في الحزب، وفضل حياة العسكرية علي الحزبية!!، ومن رابع المستحيلات ان تكون مريم الصادق رئيسة قادمة لقيادة الحزب، فهوامر مرفوض في الحزب ديني!!
(ج)-
الفئة الثالثة، هي فئة شباب “حزب الامة القومي”، قوة لا يستهان بها، كان الصادق المهدي يخشاهم وعمل لهم الف حساب، وخشي من تصرفاتهم التي خلت في كثير مرات من الانضباط والحزم.
(د)-
هؤلاء الشباب يشكلون بحق وحقيق خطر شديد وداهم علي “الحرس القديم”، ويرفضون رفضآ تامآ التبعية للقدامي، ويرفضون توريث الحزب لآل المهدي، انهم يريدون ان يرجع اسم الحزب القديم الي مكانة الاول بدون اضافة قومي، ان يكون حزب وطني يشارك مع بقية الاحزاب الاخري في بناء السودان الجديد الخالي من العنصرية والطائفية، حزب يمل من اجل الاخرين وليس لمصالح حزبية.
٨-
(أ)-
يا تري، ماذا تحمل لنا الايام القادمة من مفاجأت؟!!، وهل يبقي حزب الامة في المستقبل كما هو في نفس الحال اليوم “خميرة عكننة” وضد الجميع شعب وحكومة؟!!
(ب)-
هل سيؤول حزب الامة في المستقبل الي آل المهدي -علي اعتبار انها تركة عائلية – لا يجب تخرج بعيدآ عنهم؟!!
(ج)-
هل ينتصر شباب الانصار في معركتهم، وينقلبون علي “الحرس القديم” وعلي آل المهدي وينفردون بقيادة الحزب قيادة تامة لا يشاركهم فيها من كانوا مع الصادق المهدي زمن طويل وعطلوا مسيرة الحزب وتطوره؟!!
٩-
يا تري، لمن الغلبة في معركة استمرت طوال (٥٤) عام -(١٩٦٦- ٢٠٢٠)؟!!
لا يبقي علينا الا الانتظار، والجلوس في مقاعد المتفرجين، ونتابع مسلسل “حزب الامة بعد الصادق المهدي!!