من يحمي الديار من حماة الديار؟ (2 – 10)

تعرض المقال الأول للأهمية القصوى لإيقاف الحرب ومعالجة أسبابها، التي لن تتم بدون وحدة القوى المدنية، للدفاع عن التصور الديمقراطي لحل هذه الأزمة الكارثية. ابتداء من مقال اليوم سيكون الجيش هو محور الحديث. الحوار حول الجيش له أهمية قصوى، لعدة أسباب. أولا كان من الممنوع الحديث عن الجيش، مما فرض وضعه كمؤسسة فوق المجتمع، وفوق جميع مؤسسات المجتمع. ثانيا، هذه الحرب سوف تتوقف ، ان عاجلا أو آجلا، وسنكون وجها لوجه امام تحدي تصفية دولة التمكين والشمولية، وسيكون في قلب ذلك التحدي إعادة بناء الجيش بعقيدة قومية سودانية. اثبتت كل تجاربنا، منذ نيل استقلالنا، ان الخطر يأتي من الجيش على الديمقراطية والحكم المدني. وان الجهات التي تري استحالة وصولها الى السلطة بالطريق القانوني الصحيح، وبتأييد من الشعب في انتخابات حقيقية، تلجأ للانقلاب للاستيلاء على السلطة. بدون سد هذه الثغرة ستكون بلادنا تحت رحمة العسكر الى ما شاء الله.
” من يحمي الديار من حماة الديار” هي صرخة أطلقها شاعر روماني بعد ان رأي ما يقوم به الجيش من قتل للأباطرة أو عزلهم وتنصيب آخرين. ومنذ ذلك الحين صارت شعار احتجاج على تسلط العسكر وفظاظتهم، وفرضهم حكمهم بالقوة، والاستمتاع بخيرات البلد الذي يقع تحت سلطتهم. وكانت مهمة الحرس البريتوري هي حماية مجلس الشيوخ (أساس الشرعية في الدولة الرومانية) من احتمال انقلاب عسكري يقوم به القادة العسكريون المنتصرون لدي عودتهم الى روما من الفتوحات الخارجية. بعد اغتيال يوليوس قيصر ولم تكن هناك قواعد متفق عليها لوراثة منصب الامبراطور. لكن الحرس البريتوري بدأ يستخدم موقعه وقوته لفرض حكام روما. وسرعان من اكتشف ذلك قادة الجيوش المرابطين في نواحي الإمبراطورية. وتطور الامر لان يفرض بعضهم وبقوة السلاح نفسه امبراطوريا.
كتب الفيلسوف افلاطون:
“ليس أضر ولا ابعث على الخجل بالنسبة الى الراعي، من أن يربي ويغذي من اجل قطعانه كلابا تدفعهم شراستهم وجوعهم، أو أي عادة سيئة أخرى تعودها، الى التعرض بالأذى للماشية، فيتحولون من كلاب الى ما يشبه الذئاب. وأذن من الواجب اتخاذ كل التدابير تحول دون سلوك حراسنا على هذا النحو إزاء مواطنيهم، بحيث يسيئون استخدام قدراتهم ويصيرون ساسة شرشين بدلا من أن يكونوا حماة يقظين.”
قام الخليفة العباسي المعتصم باستجلاب جنود اتراك لتثبت سلطته، وأبعد غيرهم خصوصا العرب من اي دور في حماية الدولة. وكانت النتيجة استيلاء الاتراك على السلطة في العالم الإسلامي.
هذا مثال آخر من تركيا العثمانية:
” الإنكشارية هم أسري وصبية مختطفين، منتزعين من أهاليهم ويجلبون الى معسكرات خاصة يخضعون فيها لتدريب عسكري وتثقيف يركز الولاء والطاعة للسلطان. لاحقا، وفي مراحل افول السلطنة، تحولت ملكية السلطان للإنكشارية الى ملكية الإنكشارية للسلطان. وتراجعت الإنكشارية من حيث الشجاعة وعجزت عن قتال الأعداء في الثغور والذود عن السلطنة. وازداد تدخلها، باعتبارها قوة مسلحة في شؤون الآستانة. وازداد جشع قادتهم ومطالبتهم بحصة أكبر من الثروة. وحدث تداخل في المصالح بينهم وبين التجار في إسطنبول. وتحولوا الى آلة فساد وفوضى، وتضاءل ارتباطهم بثكناتهم. وصار الكثيرون منهم لا يذهب الى الثكنات الا لاستلام المرتبات. وكمثال على تسلطهم عزل سلطانين من منصبها، بل قتل أحدهما.”
أما في مصر فقد أنشأ الحكام في مصر جيوشا من الرقيق الأجانب، عرفوا باسم المماليك. وعندما قويت شوكتهم قاموا بالاستيلاء على السلطة في مصر. وحكموا مصر لمدة من الزمن، حتى تخلص منهم محمد على باشا في القلعة.
هذه الأمثلة مقصودة لتشكل خلفية، لنقاشاتنا القادمة حول دور الجيوش المدمر على عبر التاريخ قديما وحديثا. والتأكيد على ضرورة رفض أي شكل من اشكال الحكم العسكري.
انت تاعب نفسك ليه في الموضوع ده.. نحن لا نعرف اللف والدوران بتاعكم ده والأمر عندنا بسيط جدا.. من أتى بعبود والنميري والبشير.. مش الأحزاب السياسية.. يبقى العيب في الأحزاب السياسية وهي الأولى بكثرة الكلام والضرب في المليان مش العسكر والجيش..انتو بتهربوا من الحقيقة الظاهرة حماية لعصاباتكم دي ولا شنو.
مقالات ممتعة وشيقة وتنم عن فهم عميق للمشكل السودانى وتحليل حصيف وذكى وقراءة متقدمة جدا
اظن ان احد اهم مشاكلنا هو انحسار دور المثقف من امثال الاستاذ صديق الزيلعى فهو شيوعى سابق ترك الحزب الشيوعى لامثال امال الزين وكنال كرار واحسان فقير وخلافو وترك الصحافة لامثال ضياء الدين بلال والهندى عزالدين ومزمل ابوالقاسم
السؤال موجه لك استاذى الزيلعى لماذا الانكفاء والاكتفاء بالكتابة على صفحات الراكوبة والتى لايتعدى قرائها عدد بسيط من افراد شعبنا وهم المدنيون المهتمون بالتحول الديمقراطى والحياة المدنية لماذا لايصل صوت الزيلعى والاخرون للكل هل عجزت القوى المدنية ان تجد منابر اكبر لتوصبل صوتها لااغلبية الصامتة
مثال الزيلعى ينطبق على كل الاحزاب فتجد ان اصحاب الخبرة والعمق المعرفى تنحوا جانبا لاصحاب الحلاقيم الكبيرة والعقول الخاوية وحفظة اللوائح
هذه هى ازمتنا الحقيقية
بالله دلونى بعد رحيل الصادق المهدى اتفقنا او اختلفنا معه من يبادر ويقتل القضايا بحثا بجدية وتنويرا وظهور اعلامى طاغى ولسان مبين ز الكل يتحدث بمنطق ردة الفعل وكلام والسلام
لله درك ياسودان لكن العشم فى امثال الزيلعى فمقالاته تبعث الامل ان هناك من يفكر خارج الصندوق ويحلل بمنطق