
عبدالرحيم سليمان
اعتقد ان السودان كان ممكن ان يكون افضل بلد فى افريقيا والشرق الاوسط اقتصاديا وبنيويا لو كان هناك عزيمة وارادة وطنية حرة غير متأثرة بالهوية واسقاطاتها ، لان اقتصاد السودان فى 1969م كان اقوى اقتصاد بفضل المحاصيل النقدية والثروة الحيوانية التى كانت ولا زالت شديدة الطلب بالاسواق العالمية للحاجة اليها فى الغذاء والصناعات الاساسية والتحويلية ، وبالرغم من ان السودان كان يعيش فى بحبوحة اقتصادية منذ الاستقلال والى مطلع الثمانينات لكن طوال هذه الفترة لم يفتح الله للانظمة التى تعاقبت على الحكم بالاهتمام بالبنية التحتية فى حين ان البنية التحتية لم تكن فى ذلك الوقت باهظة التكاليف بدليل ان تكلفة سفلتت شارع مدني الخرطوم بطول 186 كيلو متر لم تتجاوز عشرة الف دولار كان ذلك فى عهد حكومة مايو ، وبهذا القياس لو كان هناك وطنية واحساس بالمسؤولية من جانب الحكومات المتعاقبة كان اليوم السودان محل اعتزاز وافتخار للسودانين فالتنمية ليست بالعملية الشاقة ولا المكلفة كما يتخيل الانهزامين بالعكس لا تتطلب الا مهارة “سخانة القلب” والغيرة الطبيعية التى يفترض ان تكون بدواخل كل انسان حر .. واستغرب كيف لمسؤولينا ان تقر اعينهم وينعمون بالسلام الداخلي وهم يهبطون بالتحف المعمارية “مطارات الدول التى يزورونها” وعندما يعودون يضحكون ولايبكون وهم سامدون ، عن نفسي لو كنت المسؤول لما غمض جفني ولا عيني نامت حتى ارى ببلادي المطارات والملاعب الرياضية والطرق الحديثة والانفاق العصرية وخطوط الصرف الصحي ، فماذا يكلفني اذا كنت متعسرا ان اطلب من كل مواطن ان يتبرع “بطوبة” لتشيد المشاريع التنموية مع الطلب منه بتخصيص يوم فى الشهر للنفير الشعبي فالانقاذ فى بداياتها فعلت ذلك فى مشاريع ترعتي كنانة والرهد والساحة الخضراء ، والانقاذ لم تكن جادة فى التنمية لانشغالها بالفروع عن الاصول الا انها ارست اسس مفادها ان الشباب طاقة جبارة وقوة بناة تحتاج الى من يفجرها ويوجهها نحو البناء والتنمية .. فى الجارة الشقيقة اثيوبيا ، النفير عادة متأصلة بين الاثيوبين ، فالشعب يشارك الحكومة فى تشيد الطرق بحفر وردم وتسوية المسارات المقترحة لانشاء الطرق وكذلك يشارك بتخصيص يوم فى الشهر للعمل “طلبة” بالمشاريع التنموية الكبيرة كمشروع سد النهضة . فلماذا لانحتذي باثيوبيا ونُفعَل قيم النفير من اجل البناء والتطوير .