غرب دارفور ..تذاكر الطيران.. التحليق بعيداً عن جيوب المسافرين

مما لا شك فيه ان شركات الطيران تشهد حالة من عدم الإقبال بعد الزيادات الكبيرة التي فرضتها على أسعار التذاكر الداخلية التي بلغت ما يقارب (47) ألف جنيه بزيادة وصفت بالخيالية في ظل الظروف الاقتصادية الطاحنة التي تشهدها البلاد عموماً.
فيما تشهد مدينة الجنينة حاضرة ولاية غرب دارفور موجة من الرفض العام جراء هذه الزيادات غير الواقعية. وتبلورت في احتجاجات واسعة طالت كل الجهات المعنية، لا سيما شركات الطيران العاملة المتمثلة في شركتي تاركو وبدر، حيث نظم شباب الولاية وقفات اجتجاجية ومخاطبات للحيلولة دون اعتماد التعرفة الجديدة، لكن رغم ذلك لم تفلح مساعيهم لوقف جشع تلك الشركات وباتت الزيادة أمراً واقعاً.
وكل الزيادات الماضية وجدت رفضاً من المواطنين، لكن هذه المرة الوضع مختلف تماماً والزيادة كبيرة جداً حتى وصفت بأنها تضاهي الأسعار العالمية.
غرب دارفور ولاية ذات خصوصية، وذلك نسبةً لبعدها عن المركز، فضلاً عن اعتمادها للطيران وسيلة أساسية، وذلك بسبب عدم ربطها بطريق بري من الخرطوم للولاية، في حين ان طريق الإنقاذ لم يكتمل بعد، وهو بمثابة الحلم المنتظر ليكون البديل والملجأ في حال استمرار شركات الطيران في ممارسة استغلالها لإنسان الولاية من خلال الزيادات التي تفرض من حين لآخر بدون مبررات.
والمبادرة التي قام بها شباب الولاية متمثلة في لجان المقاومة لم تجد تجاوباً من حكومة الولاية رغم الوعود الكاذبة، مما اضطرهم لاطلاق حملات مقاطعة لتلك الشركات. ووجدت المبادرة استجابة كبيرة من المواطنين، وانعكست سلباً على حجم المبيعات والحجوزات، وذلك ما اكده أصحاب الوكالات والعاملون في الشركات، حيث قالوا ان نسبة الإقبال تراجعت بشكل كبير بسبب الزيادات الأخيرة، وان الحجوزات متوفرة حتى قبل الاقلاع، بعكس ما كان في السابق، مما يؤكد نجاح المقاطعة. فيما أشار آخرون الى ان الطائرة غالباً لا تمتلئ ومعظم مقاعدها تكون خالية، مما اضطرها في بعض الاحيان الى ان تعمل بنظام الدمج، وهو دمج رحلة الولاية في رحلة ولاية أخرى كولاية شمال دارفور او جنوب دارفور في رحلة واحدة بدلاً من رحلتين، وهذا يعتبر مهدداً لها، بحيث لا يمكنها ان توفر الرحلات لكل ولاية مع استمرار المقاطعة، أو ان تلجأ لتقليص الرحلات اليومية وجعلها رحلة أو رحلتين في الاسبوع.
وهذا حال شركات الطيران بعد الزيادات، فهي أمام خيارات صعبة لا بد من تداركها عاجلاً، والا ستجد نفسها عاجزة عن الاستمرار.
وبعض المواطنين الذين استطلعتهم (الإنتباهة) اكدوا لنا ان حملة المقاطعة نحجت نوعاً ما، وإن المواطنين فضلوا السفر براً لأنه اقل تكلفة من الطيران، اذ يعادل نصف القيمة تقريباً، مضيفين ان نسبة الإقبال البسيطة تعود لبعض الحالات الطارئة فقط، بجانب المسافرين الوافدين من دولة تشاد. وفي هذا الصعيد شكا بعض المواطنين من ظاهرة سفر التشاديين عبر الشركات بنفس القيمة ومعاملتهم كسودانيين، في حين ان هذا مخالف لقوانين الطيران، وان هؤلاء اجانب لا يحق لهم السفر كسودانيين، مشيرين الى ان الشركات كانت تتعامل معهم في السابق كاجانب ولهم نظام معين وحجوزاتهم بالدولار، لكن في ظل تراجع نسبة الإقبال أصحبت تتعامل معهم كسودانيين، وهذا سبب استمرار الشركات بعد الزيادات.
وفي ذات الاثناء يرى مراقبون ان الزيادة غير قانونية لانها فرضت بشكل خاطئ، وإن قرار الزيادة لا بد ان يطرح أمام أجهزة الدولة ويتم التداول فيه بشكل واضح وتوضح فيه كل الأسباب، ولابد ان توافق عليه جهة تشريعية، لكن في حال غياب هياكل الدولة جاء بهذا الشكل الخاطئ.
وتظل مشكلة الطيران هاجساً يؤرق مضاجع المواطنين لحين اكتمال طريق الإنقاذ الغربي، مع استمرار المقاطعة التي اطلقها إنسان دارفور عموماً، لأن المشكلة لم تقتصر على غرب دارفور وحدها، بل تطول كل ولايات دارفور التي تعتمد على الطيران وسلية لها، بجانب استمرار المطالبات بتدخل الحكومة المركزية ووقف هذا التلاعب الذي تمارسه شركات الطيران ان لم تكن شريكة فيها.
الانتباهة



