دينـاميكا الصحـوة عـند الشـاعر د. طلال دفع الله..


دينـاميكا الصحـوة عـند د. طلال دفع الله:
تمهيد:
* نص (صحـوة) للشاعر الجميل د. طلال دفع الله عبد العزيز، من أميز النصوص العاميّة السودانية التي جمعت بين قوة الفكرة و تميّز ورُقي المفردة ، في مزيج بديع و سِـعة خيال مدهشة..
* الفنان الراحل الأستاذ/ مصطفي سيد أحمد، و المعروف باختياراته الدقيقة و المميـّزة للنصوص الشعرية، تغنـّي بنص (صحوة)، في إطار لحني بديع حَمَـل سِـمات النص، و اختار مصطفي للحنه إيقاعاً ثوريا بالمنظور الموسيقي و الإنساني، و كذلك ولّد مؤلفات موسيقية مليئة بدلالات النص..
أي أن اللحن حمل في كل مفاصله – روح النص ..
و هو ما شكل شهادة قوية بحـق (صحوة).
* نحاول هنا أن نتلمُّس رونق (صحوة)، من خلال تذوّق سريع بزاوية تناول تجنح نحو ذات ميل النص في توظيف المفردات العلمية أدبياً.
**********
“لما اتلامس بيني و بينك ..
شبق المطره و شوق الصحرا
زلزلو روح السد الواقف
بين الرؤيا الفجر الأخضر
و بينـّا الليل الجرح النازف”
اصطفي د.طلال فعل (التلامس) ميقاتاً جليلاً و مدخلاً أنيقاً لدراما حركية حيّة، في نصه ذي النبض المتسارع و التسلسل المنطقي (صحــوة) ، مُولـِّداً أحداثاً بأخرى، في تساوق فرضته منطقية الوجهة صوب موجب الضوء..
و برغم هدوء (التلامس) كـ فعل رقيـق و لحظي، إلا أن قــُطبَـي التلامس (شبق المطره) و (شوق الصحرا) أكسباه القـوة و السخـونة اللازمين لفعل ما بدا خارج دائرة القـدرة .. (الزلزلة)..
زلزلوا روح السد الواقف “جرح نازف” بين سعـينا و حنين شوقـنا للفجر الأخضر و بيننا..
فالتلامس – وفق منظور د. طلال – تلامس بين قوتين ليستا مكملتين لبعضهما و لكنهما مكملتين لعطائهما شكلاً من أشكال الحياة . و قد يكون هنا استلاف قرآني مستبطن مع تطوير قوة الفعل (و ترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت و ربت و أنبتت من كل زوج بهيج)..
فجلنا ينشد الـ (صحوة) في خاصه و عامه .. و كـذا شاعـرنا الدكـتور.
بالشبق و الشوق ارتسم الحال لدي طرفي الفعل قبل التلامس ..
(شبق.. شوق – المطره .. الصحرا – بيني .. بينك)..
الثنائي المُكمـِّـل أو التضاد الآمن.. و ..
بذرة الإمكان.
* يرسم د.طلال مشهداً لشراكةٍ سافرةٍ بين المحب و محبوبته – برغم الضباب و غـياب (الشوف(>>
– شراكة في الهَم و القضية ..
– شراكة في الهــوى..
– شراكة تمتـَّّنت في الجانب المظلم من السـد (الليل.. الجرح النازف(..
و تهفو إلي المحتوي المشتهي الآتي من خلف السد – ربما.. (الرؤيا.. الفجر الأخضر) .. بداية الفعـل المركزي في النص.
نستخلص أن (المَحبوبة) عند د. طلال رمز بمفهوم إيجابي واسع ..
و (السـد) رمز بدلالة سلبية طبعا..
” لقيـتك تغـزلي من أحزانك..
نار أسطورتـِك..
معبـد مجـدِك..
فـرح أكوانـِك ”
فبرغم وجود الثنائي (المحب و المحبوبة) علي ذات الجانب من السد (الليل.. الجرح النازف)، كانت (اللـُقــيا) حدثاً كامناً لم يسفر عن نفسه إلا كنتيجة لـ (الزلزلة) . فـ (الزلزلة) فعل مَدخل/ مُنتـِج لـ (الرؤيا .. الفجر الأخضر!!..(
********
إذن هي المحبوبة التي يود ..
)شفـتك تغـزلي من أحزانك نار أسطورتك.. معبد مجدك .. فرح أكوانك ..(..
بـِذات سِمـات الصمود و التحدي و كسر المستحيل..
من حزنها تغـزل ناراً لأسطورتها..
معبداً لمجدها و فرحا لأكـوانـِها..!!
>من الفسيخ شربات <حسب المثل الشعبي المعروف. " إتعافيت من خـَدَر الغـَفــوَة.. صِحيت ناديتــك: أنا إنسانـك. " كان قد بَـقِـيَ من الغـفــوةِ خـَدَرها .. )الغفـوة) التي أخـّرت الفعــل.. )الشـُـوفه ? شُـفـتِك) مدخل يفتح الباب للتأمّل و الإدراك.. التعــافي.. )إتعافـيت من خدر الغـفوة).. الصحوة.. (صحيت ناديتك..).. و المحبوبة بفعلها (الغـَـزل) في ( لـِقِـيتــك تغـزلي من أحزانك..) و كأنما أكـّدَت هويّـتها، فـيما يمكن فهمه نــداءً ضمنياً مُبـادِراً مَصدَره (هي) ? أي المحبوبة .. مُبادَرة برغم ضمنيتها، و برغـم استدعائها للقـاء الأسطوري لـ (آدم و حـواء)، إلا أنها تحسب للأنثي.. فالأنثي في (صحـوة) مُبادِرة.. أساسية في الفعل و أصيلة في الشراكة.. و المُحب: ( ناديتـك..).. و كأنه يقـول: لبيــك .. (أنا إنسانك). (الإنسانية) كهوية ثابتة و جامعة، و كمجموع وصفي للسِـمات الإيجابية البشرية .. (إنسانِك) كشـريك مكمِّل لأنثاه في الهم و القضية .. و المشـاعر الإنسانية.. (إنسانك : فارسك). ******** حركية الصحوة تسفـر عن نفسها دائما في الوصف والأقوال و الأفعال المتتابعة ، و المنتجة لبعضها البعض ، و في التسلسل المنطقي و الدراما المليئة بالصراعات (الصراع المركزي و الصراعات المكمـِّلة وفق مناخات النص) .. : (اتلامس / زلزلو / شفـتك / اتعـافـيت / صحـيت / ناديتـك). ******** في إفادة لشاعرنا الجميل د. طلال دفع الله عن النص الحلم (صحوة) ، يقول: (( و لهذا الحلم قصة متناسلة في قصص : - كنت و كانت كنا نحلم ببنت و بوطن بسعة الأحلام و بأحلام واقع (1993). -دخلت في نقاش في أحد منتديات (منتدي الحصاحيصا الأدبي) مع كل من (عفيف اسماعيل) و) أزهري محمد علي) في وجوب كتابة و طباعة و توزيع أشعار شعبية بسيطة مضادة و متهكمة على النظام القائم - مقدماً و عارضاً أمثلة - و دم صديقي (علي فضل) ينبض مستنهضاً ؛ و بقية الشهداء و ضحايا التعذيب و التشريد و المنافي ، فسكوتنا جريمة.. فاعترضا بشدة مستغربة علىّ هذا الطرح و المشروع بحجة أن الشعر الهتافي غير مجد.. و هناك بمنزل (أزهري) أصاب التحول القصيدة التي كانت في بدايات تشكلها؛ فكتبت على ورقة صندوق السجاير (من جواك شهقت هواك .. إلى : أنا حطمت قواقعي الرخوه .. إلخ) . و من هنا ابتدأ المزيج بين المرأة ؛ و المرأة الوطن ؛ و الوطن المرأة و ضرورة المخاضات لإستيلاد الجديد في كل شئ : (الإنسان الجديد و الأرض/الوطن الجديد). -كنت بالحصاحيصا بدون توصيل عضوي و كان علي الذهاب للعاصمة كل أسبوعين أو كل شهر.. و هذا ألقى بظلال على مناخي الداخلي بأنني أسير (من الأسر) .. بدون إرادة أو فعل واجب لمن أعرف من الخصوم بعد أن تحولوا إلى أعداء شرسين .. فقد كانت الجبهة الإسلامية خصما بدون أنياب و تتماشي ختلاً مع السياق السياسي القائم علي الجدل و الرأي و الرأي الآخر. ثم هي بعد الانقلاب خصماً وضحت شراسته بعد امتلاكها لسلاح السلطة، فإعتقلت و عذبت و شردت و قتلت. في كل هذا كنت مستصحباً لحقيقة طرحتها بعد إيمان قاطع بأن : المرأة إنس + الذكر إنس = إنسان.((. ********** إذن فالمحبوبة في (صحوة) د. طلال تشغل الحيـز و تملأ المكان - سواءَ كانت تـُريَ أو تُسمع أو تُناديَ.. * و لن نستغرب استكمال التعـافي: " من جواك شهقت هواكِ.. زفرت سموم النخبه الصفوه جيتك منـِّك .. جيتـِك مـدّي حـبال مرسـاك أنا حطمت قواقعي الرخوه.. و انسليت من جرحي عشانك" الشهيق : (هـواكِ) .. الزفير : (سموم النخبه الصفوه( * و تأكيـد الانتمـاء في: (جيتـِك منـِّـك..( للحض علي الترحاب: (مـدّي حبال مرساك).. الصورة قد تبدو ظاهريا مختلفة عن المشاهد التي تليها ، إلا أن دعمها الأكيـد للحالة الموصوفة يبدو جليـاً و موفــَّـقـاً في الحض علي الترحاب/التعاون و الشراكة المطلوبين لاستكمال الصحوة.. مع تأكيد الإصرار و التغـيـُّر : " أنا حطمت قواقعـي الرخـوه و انسلـّيت من جرحي عـشانك " عالـَم د. طلال مليء بالمفردات المعـبـّرة و الصور الجميلة الجديدة غير المسبوقة .. تحطيم لقواقع رخوة ( حقيقة علمية - النزعة العلمية/البيولوجية للشاعر الطبيب) .. التقـَـوقـُع ، كـتأكيد إضافي علي العـزلة ? (النخبه الصفوه).. التحطيم .. الخلاص النهـائي. و.. (انسليت من جرحي.. عشـانك).. (الانسلال) كفعل هادئ ، يدعـو للتأمل حقاً وفق ديناميكا الصحوة الصاخبة.. لولا الجـرح طبعاً. " هاك استلمي كمال البيعة يللا استلي.. سيوف اتخبّت تحت أجفانك " و .. )سيوف اتخّبت تحت أجفانك( الأجفان / الجـفـيـر، تعـبير يدعو للدهشة الماتعة و للتأمل أيضا.. " حضني عليك الدرع الواقي و لي بس حبك ياهو الباقي من بركانك نبض أعراقي و أمني بفرهد بين أحضانك " الشراكة الأصيلة .. السـكـينة و الأمان/ الحضن (حضني عليك الدرع الواقي) .. الحب الخالد (حبك ياهو الباقي..( النبض .. البركان. و يبدو واضحا أن الصحوة المنشودة تتمـرحـل في تدرّج تصاعـدي إلي أن تصل النقطة الفاصلة في المقطع الأخير الذي يقول عنه د. طلال : ) أنه كان : " يلا ادينا خريطة السكه و دمدمي لينا نشيد الغضبه حنبدا معاك الخطوه الصعبه و نحيا الفرح الجايي زمانك و إنتي الفرح الجايي .. زمانك و إنتي الفرح .. الجايي زمانك" فلخصه مصطفى بعبقريته اللامتناهية بتكرارية تترك للسامع الفهم الآني و المستقبلي). و يضيف د. طلال : (و لهذا سميت ابنتي المنتظرة بذرة القصيدة (بعد 3 أبناء) و التي ولدت بعـد التغـني بالقصيدة 1994م سميتها صحوة). [email][email protected][/email]
مافي حاجة كرهتنا الشعر والفن غير فلسفتكم الفارغة دي ،، قال ديناميكا،،، هسي عليك الله إنت بتعرف ديناميكا دي مقصود بيها شنو ؟