مقالات وآراء

الهجمات غير المرتدة

ثلح ساخن

الهجمات غير المرتدة

بذات الثقة التي جعلت الأستاذ/  السيد/ فيصل محمد صالح في منصب وزيراً للثقافة والإعلام عن جدارة وإستحقاق في شخصه الكريم ، ندرك بكل تواضع العارفين أن مجالي الإعلام والثقافة يشكلان سلطة فوق سلطة الدواويين الحكومية التقليدية، وقد عمل الثقافيون والاعلاميون علي مدي الثلاثون عاما الماضية تحت ظروف قهر وكبت وعزل ودكتاتورية ورقابة وحجر ، لا مثيل لها في التاريخ المعاصر للبلاد وربما كل الإقليم والعالم ، إذ لم يتم التمكين لهذه العصبة إلا عبر تفريغ الثقافات السودانية من مضامينها الطبيعية والتراثية والمعرفية الديمقراطية الحية إلي إحادية التنطع الإسلاموي الأخواني المتحجر والعاجز، وكذلك الإعلام عبر سطوة وسيطرة ذات النهج ، تمجيد الأفراد وعبادة الشخصيه ، والخضوع المذل المهين للرئيس وبطانة الحاكم ، وامام هذين الأسلوبيين الكسحين إنتصرت إرادة الثورة، والشعب وشبابه الثائر المقدام، ولم يكن ذلك عفو الخاطر والمصادفات وإنما بجهد و إرادة من وقفوا علي خط المواجهة والخطر بشجاعة وإقتدار ، يسنون بالكلمة المستقيمة،  في خندق الشعب و سلاح سلمية الثورة ، وفي هذا شقوا طرق منابرهم المستقلة تساعدهم وسائط التواصل الجديدة ، بعيدا عن أجهزة السلطة ،تلفازها وإذاعتها، وصحافتها الصفراء، وفي هذا الجانب إنتزع الصحفيون حق التعبير عنوة وإقتدارا  وحكموا ، ومنعوا الكتابة ، وأوقفت الصحف لأبسط الأخبار في صدقيتها، وتمكن النابهون من الوقوف علي منابر مستقلة بمقدار ما عن السلطة وكذلك في حقول العمل الثقافي، نأي الفنانون من الشعراء والموسيقيون والمغنون  والدراميون والتشكيليون والكتاب الشرفاء عن أجهزة إعلام الإفك والكذب والتزوير والتضليل ، عارفين وخبراء بالدروب والمنزلقات، محققين إستقلالية ذاتيه،  وإمتناعا عن يصبحوا ترسا في آلة دولة (الكيزان) العمياء.

وبناءا علي ما تقدم وليس إنحيازا للسيد/ وزير الثقافة والإعلام  لأنه أصبح وزيرا ، ولكن من باب الإنصاف وحق مقارعة الحجة بالحجة ، وبالمنطق والموضوعية ، مثلما واجهنا صلف الدكتاتوريات وغشامتها، وعماءها الآيدلوجي المقيت، إن التخلص من تركة النظام ودولته المتمكنة ، لن يتبع ذات أسلوبهم في الفصل التعسفي، ولكن بان يأخذ القانون مجراه بإنزال سيف العدالة وإرساء ضمانات الحقوق، وما موكب الأمس إلا عتبة لا يمكن تجاوزها ، للصعود لأهداف الثورة المجيدة وذلك بتعين رئيس قضاء ونائبا عاما يعبران عن قوي الثورة، ويتبعان تطبيق مراسيمهما وأحكامها ، إذ أنا لن نكتفي بفصل قادة دولة (الكيزان) وإنما محاكمتهم علي كافة الجرائم في تجاوزهم حتي أبسط قوانيين الخدمة المدنية ولوائحها المنظمة ، في صعودهم غير القانوني لسدة أجهزة الثقافة والإعلام، وكذلك في جميع الدواويبن الحكومية.

في إعتقادي أنه  من السهل علي كل وزراء حكومتنا الإنتقالية ، أن يقدموا توصيات للسيد/ رئيس الوزراء  بفصل الوكلاء والمدراء وكل الوظائف القيادية في وزاراتهم من جهاز الحزب (الكيزاني) هذا ماتصبوا له قوي الثورة وشبابها المقدام، ولكن بالمقابل من هم من سيحلون مكانهم، أقول قولي هذا لمن لايعلم بواطن السلم الوظيفي في الدولة (الكيزانية) المعمقه، ففي كثير من الوزارات و الهيئات والمؤسسات والإدارات والمراكز والمجالس العامة الحكومية ، لم يبقي من كثير أفراد علي المستوي القيادي ، يعول عليهم في تحقيق أهداف الثورة، إلا ماندر ، حتي لا نطلق تعميما يخل بالمنطق العام، وعليه يصبح من الصعب مثلا إعفاء المدير ليحل مكانه  نائبه، وإنما النظر لجيش من الخبراء والعلماء والفنانيبن والكتاب والشعراء والإعلاميين والصحفيبن والمترجمين وأساتذة الجامعات وفي كل قطاعات المهنيبن الذين فصلوا عن الخدمة ، أولا لجدارتهم المهنية والأخلاقية ، ولمواقفهم المشرفة وشجاعتهم في الوقوف بعلانية ضد سلطة سكة التمكين الظلامي الإسلاموي المتحجر والمتحيز، هذا إن وسع وزراء الإنتقال من منظور رؤيتهم ، في حكمة تسير دولاب العمل في الدولة ، وإرساء قواعد الحرية ، أولا في إبداء الرأي وحرية التعبير، وسماع صوت العاملين الجمعي في كل مؤسسة حكومية ، ولمن ظن أن السلام يجري علي جبهات القتال العسكرية ، ننوه أن في كل بقاع السودان جرت وقائع حرب أخري جزرت فيها وزارات السودان ومؤسساته العامة ، علي نحو لا يقل دموية عن الحرب بالرصاص والغارات بالطائرات علي مناطق الخدمة المدنية الآمنة ، حرب بهذه البشاعة والشمول تتطلب ، إعترافا معمقا، بما جري ومعالجته بغير عجالة، وبغير بطء ، فقد (سحب الكيزان) ذواكر وهاريسكتات الحواسيب في كثير من شبكات العمل المدني وكما سحبت الأرصدة المالية ، وأخفيت المستندات، وحرقت الأدلة ، وهرب بعض قادة (الكيزان) مرتكبي الجرائم في الحق العام ، إلا ان كل ذلك لن يقف حائلا دون ان تمضي الثورة نحو أهدافها، بخطي واثقة ، في من تولوا قياد العمل التنفيذي ، فإن شبابنا بوعيهم يعرفون أنهم لم يسعوا لتغيير شخص بشخص ، ومنصبا بمنصب ، ووزيرا بوزير، وإنما كل المنهج والعقلية التي تدير العمل العام، بإرساء أسس العدالة، وتحقيقها علي مختلف المستويات ، وأولها علي الإطلاق ،  حق دماء الشهداء المياميين، في المجازر البشعة علي مدي عمر السلطة الدموية وما مجزرة الإعتصام أمام القيادة العامه لقوات الشعب المسلحة ، إلا نموذجا موثقا أمام كاميرات الهواتف والأقمار الصناعية ، لما ظلت ترتكبه عصبة السلطة في دارفور وكردفان وجبال النوبة والنيل الأزرق والشرق وبورسودان وكجبار والسليت والعيلفون والجريف وجامعة الجزبرة وأبكرشولا والأبيض وسوق ليبيا وغيرها ، بنهج جبان ظالم، لا يراعي قواعد شرف العسكرية والجندية، في مايعرف بقواعد الإشتباك، وإنما سلطة قهرية تفتك بالمدنيبن السلميين العزل، بأسلوب لا يقره معتقد ولا دين ولا ضمير  إنساني حي.

حتي لايأخذ أي وزير من قوي الثورة في سلطة الإنتقال القانون بيده ، ويفعل ما شاء له تحت غطاء الثورية، أسسوا للقضاء العادل المستقل بتعين رئيس قضاء نزيه ونائب عام ينوب عن الدولة في الحق العام ويكون محاميها، ونظفوا الدولة من أجهزة (الكيزان) السرية ، وحكموا صوت الضمير والعقل ، وكونوا سندا لحكومة الحكم المدني ، حتي تتعافي من أورام أخطائها القيادية و الإجرائية ، بجراحة تشفي مؤسسات الحكم الإنتقالي ذاتها، من كل العلل، وتعيد وتنبني  بالشعب أسس ديمقراطية شعبية راسخة الخطي موثوقة النتائج ،  تحقق العدالة الإجتماعية والتنمية الإقتصادية ، وقد لا تستطع في أعوام الإنتقال المحدوده لكن لا شك منحزة لبرنامحها ، المحدد الأهداف.

كما علينا ان نتحقق دوما فينا ينشر في مواقع التواصل حول  ماصرح به الوزير وماقاله الخفير ، فكثير من ذلك غير موثوق وذو غرض وهدف هدام يهدد قوي الثورة التي لن تمضي إلا بصدقيتها وإلتزامها في القول والعمل.

علي الأمين محمد
فنان تشكيلي
أمدرمان ٢٠١٩/٩/١٤م

‫4 تعليقات

  1. انت مقتنع بالكلام القلتو دة .طيب فايدة الثورة شنو اذا لم يقال كل القيادات الكيزانية من مناصبهم كيف يتركون وهم لا يزالون يعيثون فسادا على مراي ومسمع من الجميع لعلاج السرطان لابد من ايقاف انتشاره اولا بالعلاج الكيماوي ثم بعد ذلك يتم استئصاله لايمكن ترك القيادات حاليا كما هي خصوصا ان القضاء لايزال مسموما واقالتهم لاتمنع محاسبتهم فيما بعد مثلما فعلنا برأس الدولة بعزله ثم محاكمته كذلك نفعل بالقيادات اقالة فورية ثم محاكمة. لاينفع الخنوع حين يكون الموقف موقف حسم.

  2. * يا اخي الكريم، ما من ثورة جماهيرية قامت و نجحت في
    أي من أركان الدنيا، إلآ و تبعتها “إجراءات إستثنائيه” تستند على “شرعيتها الثَوريه”..هذا لم يحدث عندنا،
    * و ما من ثوره شعبيه من تلك التى عرفها التاريخ، إلآ و
    أنشأت “محاكم الثوره”، لترسيخ مبادئها و لتهدئة النفوس و تطييب الخواطر و إعداد المجتمع للمرحله الاحقه،
    * و ليس ممكنا، و لا هو لائق، و لا يعقل، ان تتفرغ الجماهير الثَوريه لتنظيم المواكب و الوقفات و الإعتصامات، بين الفينة و الأخرى، لمتابعة تنفيذ ابسط متطلبات “تعزيز” الثوره نفسها، و ليس تنفيذ شعاراتها و مبادئها و أهدافها و المطالب الإستراتيجيه لجماهيرها.. هذا أمر غريب. و المعلوم ان إنطلاقة الثورات إبتداءا، تكون عفويه، ولا تستند إلى قانون أو قواعد ديمقراطيه
    أو “كياسه”!
    * و على ذلك، فقد كان الأحرى بقيادات الثوره الجماهيريه المباركه، التركيز على تنفيذ إجراءات إستثنائيه سريعه تساعد على ترسيخ و تعزيز فرص نجاحها اولا و قبل كل شئ، بدلا من التركيز/الإنشغال بتكوين مجلسين، سيادي و وزراء، يعجزان حتى الآنعن إقالة”مدير واحد”، أو تعيين “رئيس للقضاء او نائب عام”، في حين ان المنتظر إزاحتهم يعدون بالآلاف.!
    ان

  3. بالظبط كدا ….في طرف اسبوع اعتقلوا …حاكموا …واعدموا مجدي محجوب … بحجة الشرعيه الثوريه للانقاذ …. واحنا مدير ما قادرين نشيله… وين الشرعيه الثوريه لثورة ديسمبر ….عجبي

  4. من اوحى لك بانه لا يوجد من يحل محل الكيزان ؟ ثم ان مقالك قفزات من موضوع الي موضوع بغير ضرورة
    كانما استرسال. وتكرار المعروف من المعلومات عن حكم الكيزان حتى اني لا اعرف الموضوع الرئيسي للمقال.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..