?ولاية المال العام? قبل فاتحة الأعمال

الخرطوم ? رندا عبد الله
بدأت ساعة الصفر تقترب رويدا رويدا بمقر البرلمان الكائن قبالة قصر الشباب والأطفال، عند مدخل مدينة أم درمان لاستقبال السيد رئيس الجمهورية وإلقاء خطابه في فاتحة أعمال الهيئة التشريعية القومية في دورتها السادسة، وقد جرت العادة المشهودة دائماً في الأيام القليلة التي تسبق هذه المناسبة، أن يحدث انخفاض نسبي في (ثيرمومتر) النشاط البرلماني وعمل اللجان، ولكن في القاعة التي انتصبت وسط المبنى بالطابق الأول اجتمع رؤساء اللجان البرلمانية يوم الخميس مع مديري دواوين الضرائب والحسابات، بحضور المراجع العام، بخصوص تقريره للعام 2015م، وانفض الاجتماع بعد ساعات وخرج المسؤولون الذين كان على رأسهم عمر سليمان رئيس اللجنة المكلفة بمتابعة تنفيذ قرارات البرلمان.
سليمان شكا، في تصريحات صحفية عقب خروجه مما أسماه بالبطء في تنفيذ المؤسسات العامة لتوصيات البرلمان، وقال إن البون لا يزال شاسعا بين توصيات المراجع العام وقرارات المجلس الوطني والموقف التنفيذي، رغم التقدم في التنفيذ، وشكا من تأخر تحصيل الشيكات المرتدة من ديوان الضرائب وإدارة الجمارك، مشيرا إلى أن تحصيلها لم يتم حتى الآن بالصورة المطلوبة. وفيما أقر بوجود نقص في التشريعات وطالب بسدها، أكد سليمان على ضعف ولاية المالية على المال العام، وقال إنها غير مكتملة وتحتاج للمراجعة، كاشفا أن جزءا من المحاسبين بالمؤسسات لا يتبعون لديوان الحسابات القومي، وتعهد بمواصلة العمل واستصحاب الملاحظات مع تقرير المراجع للعام 2016، منوها بأن المعالجات لا تتم بين ليلة وضحاها، بحسب تعبيره.
وشهدت بعض الجلسات البرلمانية في الدورات السابقة إشارات من النواب لنقطة عدم تنفيذ الجهاز التنفيذي لقرارات البرلمان. في الأثناء يحاول كل من الجهازين التنفيذي والتشريعي التغلب على الآخر دون أن يلحق به الهزيمة فيما يشبه الصراع الخفي، وكثيرا ما يلجأ كل منهما للشكوى من الآخر، حيث أشار عمر سليمان في تصريح سابق إلى رفض جهات تنفيذ قرارات المجلس .
بالأمس كشف علي محمود رئيس اللجنة الاقتصادية عن اتجاه لاستدعاء وزير المالية أمام البرلمان، لإلزامه بتنفيذ الوحدات المالية لقرارات المجلس الوطني الخاصة بتقرير المراجع العام، وقطع بإصدار البرلمان قرارا حازما بشأن الوحدات التي لم تنفذ توصياته. وأكد محمود في حديثه لـ(اليوم التالي) على ضرورة تعديل بعض القوانين ذات الصلة بالشأن المحاسبي في أقرب وقت ممكن، ومن بينها قانون الإجراءات المحاسبية لاستيعاب التطور الإلكتروني الذي حدث في الفترة الأخيرة.
وقد أكدت قيادات في الدولة من قبل أن هدف سياسة الإصلاح الشامل للدولة، هو الإصلاح الاقتصادي لزيادة الإنتاج والإنتاجية والاكتفاء الذاتي منها.
وبلغت الشيكات المرتدة بديوان الضرائب، بحسب تقرير المراجع العام للعام 2015م (1058) شيكا مرتدا بمبلغ وقدره (28.2) مليون جنيه، بزيادة بلغت (7.7) مليون جنيه عن العام الماضي، منها (899) شيكا بمبلغ قدره (22.1) طرف النيابة وقيد الإجراءات، و(159) شيكا طرف المراكز بمبلغ وقدره (6.1) مليون جنيه، وأوصت اللجان البرلمانية بتكثيف المتابعة وتقوية الإدارات المعنية حتى يتم تحصيل هذه الشيكات ?لأنها تمثل حقا عاما ولها أثر سالب على التحصيل?. فيما لاحظ المراجع العام في تقريره أن هنالك شيكات مرتدة بالجمارك من العام 2013 بلغت (809.981) جنيهاً، وتبين بالاستفسار أنه تم اتخاذ إجراءات قانونية بشأنها، وتم شطب البلاغ لعدم وجود المستندات، واعتبر في ذلك ضياع للمال العام، ولاحظ المراجع أن هنالك شيكات مرتدة بمبلغ (4.294.456) جنيهاً باسم شركة التك للاستيراد والتصدير، ولم يتم تحصيل قيمتها نسبة لعدم أخذ الضمانات الكافية، مما يعد مخالفاً للائحة الإجراءات المالية والمحاسبية، وأوصى بضرورة أخذ الضمانات الكافية من العملاء، وقال إن هنالك (3) شيكات مرتدة خاصة بشركة جيب الله لعدد (3) شهادات جمركية تم تقسيطها دون انتهاء سداد أقساط الشهادة الأولى ودون دراسة للمقدرة المالية للشركة، مما يعني ضعف الضمانات المقدمة. التقرير الذي تحدث عن أداء العام 2015، كان قد كشف عن جملة من المخالفات والملاحظات في عدد من المؤسسات العامة، ومنها إدارات الجمارك والضرائب، ولم تسلم منه حتى المؤسسات الدينية، حيث أشار أيضاً إلى مخالفات للحج والعمرة.
اليوم التالي.