مقالات سياسية

ریاح الجھویة … ھل تعصف بتحالف الانقلابیین؟

اسماعیل عبدالله

 

الصراع الجھوي حول السلطة ھو الغالب على تمظھرات التنافس السیاسي الحزبي والعسكري ، بین
المكونات الحزبیة والتنظیمات المسلحة منذ أمد نشوء الدولة السودانیة الحدیثة، وبرغم التأسیس المبكر للاحزاب المسماة بالقومیة إلاّ أن بؤر توتر ھذا الصراع الجغرافي لا تلبث أن تطل برأسھا بین الفینة والأخرى ، عند ذروة الاحتقان التنافسي الساعي للوصول لقمة الھرم السیادي بقصر غردون، طفح كیل ھذا
التجاذب بعد العشریة الأولى التي احكمت فیھا الجبھة الاسلامیة قبضتھا على السلطة بعد تنفیذھا لانقلابھا العسكري، فوضح للناس أن الجھویة والعرقیة كانتا المحدد الرئیس لفكر الجبھة الاسلامیة في تنصیب الحُكّام حزب المؤتمر الوطني الحاكم آنذاك، وانقسم المؤتمرجیة والجبھویون على إثر ذلك الخصام الى مؤتمرین – والوزراء والمحافظین والمدیرین العامین لكبریات الشركات الحكومیة، فاندلعت الخصومة بین عضویة
شعبي ووطني، ومن ثم تطور الحنق الجھوي بین الاخوة اصحاب الطرح الاسلامي المزعوم كافرین بأحد أھم أعمدة تماسك الأمة المسلمة الا وھي موجھات الآیة الكریمة: (یا أیھا الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنّ اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله علیم خبیر)، صدق رب العباد، وبذلك حازت الحركة الاسلامیة الجسم الأكثر عمومیة في تجمیع ما یسمى بالتیار الاسلامي العریض تحت ذات الرایة الواحدة، على امتیاز استغلال الحمیّة القبلیة في تأجیج الصراعات الدنیویة الساعیة للحصول على التي مفادھا أن رابطة الجغرافیا بین الاخوة (في الله) ھي الأقوى من حبل الدین المتین ، السلطة، فخرج ابن التنظیم المدلل المھندس داؤود یحي بولاد مغاضباً إخوتھ الذین اوصلوه للحقیقة الصادمة
الكتلة الجنوبیة ذھبت لحال سبیلھا وارست قواعد بیت دولتھا الجدیدة، كنتیجة حتمیة لمخرجات الصراع الجھوي الدائري المستمر بین الكتل السكانیة السودانیة منذ الاستقلال، وبعدھا اخذت الكتلة الغربیة موقعھا
التراتیبي في المواجھة التي لا مفر منھا مع الكتلة المركزیة، ھذا الصراع الأزلي الذي تعود جذوره إلى الخلاف الكبیر بین الخلیفة عبدالله وأرحام الامام المھدي بعد وفاة الأخیر، ھو صراع قدیم متجدد رغم الوعي الثوري الوطني الوحدوي المتولد لدى الأجیال المتتالیة، فلو نظرنا للقیم النبیلة التي افرزتھا ثورة دیسمبر المجیدة تلك الحاطّة من قدر معتنقي النزعات الجھویة، لم تتمكن من احداث الانقلاب الثوري
الحقیقي داخل كیانات الاحزاب والحركات المسلحة المنطلقة من قناعاتھا الجغرافیة والمناطقیة والطائفیة
البغیضة، فحدث التكالب الكبیر على المناصب والمكاسب السلطویة من قبل واضعي الوثیقة الدستوریة خلفاء
حكومة الرئیس المخلوع، الأمر الذي أزعج حلفائھم من حملة السلاح الذین قادوا عملیة سیاسیة مدروسة بعنایة فائقة ومسنودة من مراكز قوى اقلیمیة، فاجبروا خلفاء المخلوع على المحاصصة وتقاسم كعكة القصر وأخذوا نصیب الأسد، ولم یكتفوا بنصیب ملك الغابة فذھبوا الى ابعد من ذلك بحصولھم على بعیر السلطة بما یحملھ من منافع، حینما شاركوا العسكر في تنفیذ انقلاب الخامس والعشرین من اكتوبر الماضي، إنّ حرب الكر والفر الجھویة ھذه ظلت مشتعلة تحت الرماد الى أن انفجرت واضاء ومیضھا یوم أمس عند
اطلاق سراح رموز حزب الرئیس المحلول نكایة في السطوة الجھویة الغربیة.
الخیار الآن اصبح خیاراً أوحداً لا مناص من خوض غماره مھما كانت اولویة ھذه الأمنیات المستحقة
لشباب ثورة دیسمبر المجیدة، وھذه الأمنیات – بل الأصح الحقوق المشروعة – تتمثل في محاكمة رموز الحزب المحلول والاقتصاص من القتلة الذین ارتكبوا جرائم حروب دارفور وكردفان والنیل الأزرق ومجزرة فض اعتصام میدان القیادة العامة، وھذا الخیار ھو قیام انتخابات مبكرة وسریعة ونزیھة وغیر
متواطئة مع أحد كائن من كان وبرعایة أممیة وأفریقیة، ومن ثم تقوم الحكومة المنتخبة بنصب ركائز خیام القضاء المستقل المفضي لاقامة دولة الحریة والسلام والعدالة، بخلاف ھذا الخیار الأوحد لا مناص ولا
مھرب ولا سبیل غیر الصوملة والرودنة وفقدان كینونة الدولة، ذلك لما لتمركز الجیوش والفصائل المسلحة الداعمة لرموز الانقلاب في عمق مفاصل الدولة، ھذا الوضع الكارثي والمأساوي بالضرورة اوردنا موارده المھلكة لون الطیف السیاسي المسمى بالتیار الاسلامي العریض، وبوادر ھذه المأساة في حقیقة أمرھا قد رسم ملامح وجودھا أول تحالف عسكري – مدني، انعقد بین الرئیس الأسبق جعفر نمیري وزعیم ھذا التیار العریض الراحل الدكتور حسن عبدالله الترابي، ماجعل جیل الیوم یجني الشوك بدلاً عن الثمار من ھذا الغرس غیر الطیب الذي أسس لھ جیل الأولین من الاسلامیین والعسكریین.

[email protected]

‫3 تعليقات

  1. كتب الاستاذ اسماعيل عبدالله مقالا ومداخلات في سودانيز أون لاين نادي فيه بفصل دارفور عن بقية السودان بل اكثر من ذلك دعي الي تفكيك السودان الي دويلات..

    … واصل الجنجويدي اسماعيل في دعوته الانفصاليه وذكر ان أسرته من جنوب دارفور وان دارفور لا تحتاج لمياه النيل لان بها حوض البقارة المائي إضافة لمياه الأمطار الموسميه…

    …. واستمر اسماعيل في مداخلاته وذكر ان دارفور غنية بالمعادن، الذهب واليورانيم والنحاس والثروة الحيوانيه وغيره…
    … اما عن ان دارفور منطقة مغلقه لا يوجد بها منفذ بحري،، ذكر اسماعيل ان دارفور مثل تشاد ستوقع اتفاق مع الكاميرون لنقل صادر ووارد دارفور عبر موانئ الكاميرون او ربما الموانئ الليبيه..

    … واصل اسماعيل في مقاله وذكر ان جنوب السودان اختار الطريق الصحيح بانفصاله عن السودان وان العمله النقديه لجنوب السودان أقوى من الجنيه السوداني،، وكرر ان دارفور ستكون افضل حالا بعد الانفصال,,..

    … ارتكز مقال اسماعيل على مقال كتبه شخص يدعي عطرون وهذا اقتباس من ذلك المقال:

    ((والمشاعر التي تنتج الفعل الفلقني لدى الجلابي بالمستويين المجتمعي والرسمي؛ يمكننا وصفه بانها المشاعر الناتجة عن الشعور بالدونية الثقافية والعرقية المهيمن على العقل والوجدان الجلابي تجاه المجتمع العربي؛ Hegemony في وصف انتونيو قراميشي. Antonio Gramsci (1891–1937). فالمجتمع الجلابي في السودان؛ داخليا وبإتجاه مجتمعات الأمم الزنجية؛ يعرف نفسه على انه مجتمع عربي عرقيا وثقافيا. والمجتمع الجلابي في حقيقته مجتمع زنجي برغم الدماء البيضاء من نتاج المماليك وانكشارية الغزو الخديوي. ويغالي المجتمع الجلابي في العربوبة بتأليف أشجار أنساب لها تربطها بالعروق العربية (القبلية) القديمة؛ وتحفظ أنساب العرب وتاريخ العرب ويظهر النخبة المتعلمة إهتماما بالشعر العربي)

    ….. يا استاذ اسماعيل غالبية أهلنا في السودان القديم و(الشريت) النيلي يرحبون ويحبذون انفصال دارفور عن السودان..

    … ليتك يا اسماعيل نشرت هذه الدعوة وسط مثقفي وساسة وعسكر دارفور وما أكثرهم حتى يتولوا معك مهمة فصل دارفور عن بقية السودان..

    …. لماذا لا تنسق مع دكتور الوليد مادبو،،، ونواي،، والتيجاني السيسي وعبدالله مسار، وعلى الحاج ونهار ولقمان وغيرهم من لم تسعفني الذاكرة بأسمائهم وقادة حركات دارفور المسلحه وجنجويد الريزيقات لتضع يدك فوق ايديهم وترفعوا شعارات:
    ….دقت ساعة العمل الثوري..
    … دارفور تناديكم
    … دارفور للدارفوريين..

    …. حبذا لو انضم ال المهدي بحكم جدتهم الدارفوريه المرحومة مقبوله وساقوا معاهم برمة ناصر وصديق اسماعيل للركب الدارفوري ويَتولوا قيادة دولة دارفور الفتيه..

    …. اوعدنا يارب…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..